الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٣ مساءً

ترجمان محاولة اغتيال نعمان

اسكندر شاهر
الأحد ، ٠٢ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:١٥ مساءً
منذ أن بسطت التسوية السياسية يديها على الحالة اليمنية بمافيها من ثورة وحراك وأزمات متعددة ، والأطراف التي تحكم اليمن وتتقاسمه تتكيء في وجودها واستمرارها على قوى وكيانات وشخصيات وطنية تمثل (ضرورة) في بعض الأحيان لاسيما وأن الاطراف الحاكمة الأحمرية منها تحديداً تفقد كل يوم مصداقيتها وقد استهلكت كل أدواتها مع اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية حينما انقسمت منظومة الحكم / المعارضة فكلاهما وجهان لعملة واحدة إلى فريقين .. فريق اغتال الثورة ، وفريق احتال على الثورة .

هذا الاتكاء من قوى الظلام على قوى التنوير يأتي مصداقاً للحقيقة الفلسفية التي تقول بأن الباطل يتكيء في وجوده على الحق كما يستند الزبد على الماء ، على أن محاولة تخلص الباطل حتى من اتكائه على الحق يعني مُعطىً جديداً وهو (الحرب) ولاشيء غيرها ..

يُعد الدكتور ياسين سعيد نعمان بالنسبة للحالة اليمنية عموماً وللتسوية السياسية الأخيرة مهذبها ومشذبها الأبرز ، فبالقدر الذي يقدم فيه خدمة لأطراف التسوية وهي تمثل (الحكم) ، بقدر ما يقدم خدمة للثورة وهي تمثل (الشعب) ، فوجوده في وسط التسوية بل في قلبها أدى إلى عملية من الضبط السياسي –وبحسب قيادي اشتراكي مطلع – فإن وجود نعمان أسهم في إعطاء المرحلة الانتقالية فسحة من الوقت بينما كانت بعض الأطراف المستعجلة ترغب في سلقها سلقاً رغبة منها في إجهاض المسار الثوري والفراغ منه بأقرب وقت ممكن باعتباره طوفاناً سيأتي عليهم جميعاً فيما لو حقق كافة أهدافه وتُرك لحاله التلقائية ، وتتأكد أهمية وجود (نعمان) في التسوية بأنها لمصلحة المسار الثوري باستهدافه ، فباستهدافه -وهو تحديداً- يتحقق الانكشاف في أبرز صورة وأبشعها .

منذ وقت يظهر إسم (نعمان) في سياق حديث معلن أو أنباء مسربة تتحدث عن خلافات بين أطراف التسوية ودوماً يكون الطرف المتمسك بقيم التغيير هو ( نعمان ) بلا شك فلا يمكن أن نتوقع أن يكون حميد الأحمر أو سواه ممن لم يتعرّفوا أو يعترفوا بالدولة المدنية إلا على النقيض تماماً ..

ولئن صبر (نعمان) عليهم لدور تاريخي يلعبه – وإن كنتُ متحفظاً على هذا الدور – لمصلحة التسوية بدرجة أقوى من الثورة فإنه وبعد محاولة اغتياله يقف في منطقة جديدة تحتاج إلى إعادة النظر في حقيقة نوايا أطراف التسوية وكُنه اللعبة المزودجة التي يلعبونها ، فالقاسم المشترك بين الأطراف الأحمرية وكذلك لدى الحزب الذي يستخدم أحزاب المشترك كقفازات في عدم تقبل الدولة المدنية لا يكفي فقط لهدم التسوية السياسية بل هدم اللقاء المشترك ذاته الذي من نافل القول التأكيد بأنه تكتل غير متجانس ويحمل فيروسات تفككه وفقاً لمافيه من خلل بنيوي لا أقله عدم الاشتراك في هدف تحقيق الدولة المدنية الحديثة وهو جُل أهداف الثورة بعد إسقاط النظام.

إيماءة
الاتفاقات الهزيلة وغير الناجحة وغير المستندة على أساس صحيح مآلها الفشل ، وما أشبه اليوم بالبارحة ، وإن كان قياساً مع فارق كبير ، ففي عام 90م أعلنت الوحدة اليمنية وفق اتفاق هزيل لأنه كان محصلة رأي لشخصين ( صالح والبيض) وظرفين تاريخين ، وكان أشبه بالهروب إلى الأمام ، بالرغم من مباركة الشعب له ولم يمتد شهر العسل سوى أقل من ثلاث سنوات ليبدأ مسلسل الاغتيالات وانتهى الأمر بالحرب المشؤومة 94م ..

واليوم تقوم تسوية سياسية وفقاً لهُزال كبير وهو (المبادرة الخليجية) استناداً على الخارج وخاصة الرياض التي حاربت الوحدة اليمنية ، وتقف اليوم على الضد من إرادة الثورة ، التي تم تحويلها إلى مجرد أزمة بين سلطة السلطة وسلطة المعارضة ( المشترك ) .

وهاهي تظهر كل مؤشرات فشل هذه التسوية وانهيارها ، و يبدأ مسلسل الاغتيالات .. سالم قطن ( استشهد ) .. ومحاولات متفرقة بينها اغتيال الوزير الصديق د. واعد باذيب وأخيراً الأستاذ الكبير د. ياسين نعمان نائب رئيس لجنة الاتصال للحوار ، الذي كشف بأن استهدافه يُعد استهدافاً للتغيير بعد أن تضاربت الروايات وتناقضت حول ملابسات حادث الاغتيال ، فهل يكون بديل الحوار الممجوج هو الحرب / الكارثة ؟!! .