الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٦ مساءً

يا وزيرالمالية هذه الثقوب السوداء تزعج المانحين!!!

د . عبد الملك الضرعي
الأحد ، ٠٩ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ مساءً
العلاقة بين المانحين والحكومة اليمنية ينتابها كثير من الشك وعدم الثقة منذ سنوات ، فهم يقرون مساعدات دولية بالمليارات ولايسلمون سوى مبالغ يسيرة وصلت إلى حوالي(20%) ، وعندما يتساءل المهتمون بالشأن التنموي وقضايا المساعدات الدولية عن سر ذلك الموقف الدولي يكتشف أن الحكومات اليمنية المتعاقبة فشلت في إستيعاب هذه المساعدات بطريقة قانونية وشفافة ، وتبين أن أي مبالغ تتسلمها الحكومات اليمنية المتعاقبة لاتؤثر في مسارات التنمية الحقيقية في البلد، فالبطالة والفقر في تزايد مستمر، بينما ثلة من الفاسدين تزيد أرصدتهم البنكية في الداخل والخارج وتزيد إستثماراتهم العقارية ويُرى البذخ في معيشتهم فالفلل والسيارات والسفريات الموسمية السياحية الخارجية إلى الدول العربية والأجنبية ، الغريب إن غالبية هؤلاء ينحدرون من أسر فقيرة ورواتبهم ومكافآتهم الرسمية لاتكفي أجور الشغالين والشغالات في منازلهم ، نقول ذلك كواقع يعلمه أبناء الشعب اليمني منذ عقود ، يعلم اليمنيين أن عشرات الكيلومترات من المزارع في سهل تهامة إستوذ عليها نموذج من أولئك المتنفذين ، ومثلها أو تفوق في سواحل المحافظات الجنوبية من عدن إلى المكلا ، هؤلاء لديهم شركات استثمارية نفطية وعقارية ، فمن أين لهم ذلك دون شك من الأموال العامة سواء كانت محلية أوعبر التمويل الخارجي.

نقول ذلك ونحس بالحسرة والألم عندما نرى بعض الدول الشقيقة وقد جعلت من صورالفقر والبؤس في اليمن مبرراً لحملات جمع التبرعات في المساجد والأماكن العامة ، نقول ذلك ونحن نحس بالألم عند عرض تقارير أمام المانحين لبعض الحالات المرضية التي تعاني من أمراض سؤ التغذية في مناطق أغلبها زراعية مثل تهامة التي كما سبق وأن أسلفنا يستحوذ المتنفذون على معظم أراضيها الزراعية والحضرية ، نقول ذلك ونحن ندرك تماماً أن تلك الصورالمشؤمة لإخوة وأبناء لنا في الدين والوطن يمكن تفاديها إذا ما رشّدت وزارة المالية المبالغ التي يتم صرفها بالمخالفة الصريحة للقوانين النافذة في مؤسسات الدولة.

نضرب مثالاً بسيطاً على تلك المبالغ المهدرة فمخصصات مشائخ القبائل التي تفيد بعض المصادر بصولها إلى(13)مليارريال شهرياً ، أضف إليها فساد من نوع آخر مثل عشرات الألاف من حالات الإزدواج الوظيفي وبافتراض أن تلك الحالات تصل فقط إلى(50ألف حالة ) ومتوسط كلفة كل درجة وظيفية(50ألف)ريال على الأقل سنجد المبلغ المهدر كل شهرحوالي(2.5مليار ريال)، وفي واقعة جديدة أقرت الجامعات الحكومية تعيين حوالي(1000) حالة أكاديمية2012م بالمخالفة لقانون الجامعات اليمنية وفي جامعات تعاني من بطالة مقنعة حيث يعمل غالبية أعضاء هيئة التدريس فيها بأقل من (50%) من النصاب القانوني ، وكلفة كل درجة أكاديمية حوالي(ربع مليون ريال شهرياً)سيقول البعض درجة المعيد الأكاديمية لاتصل إلى هذا المبلغ نقول نعم ولكن إبتعاث المعيد للدراسة في الخارج يحتاج إلى أكثر من ذلك في منحة ورسوم دراسية وقيمة كتب وبدل بحث..إلخ ، على كل حال ستهدر شهرياً في ذلك الباب حوالي(250مليون شهرياً).

من خلال ماسبق سنجد في ثلاثة ثقوب سوداء يهدر شهرياً حوالي(15.75مليار ريال) وإذا أضيف إليها مايسمى إعاشات الشخصيات(الوطنية) والتي تصل إلى ملايين لكل شخصية شهرياً لتجاوز المبلغ(16)مليار ريال شهرياً أي (192)مليار سنوياً ، إذا قسمت على حوالي(10مليون نسمة السكان الواقعين تحت خط الفقر لحصل كل فرد منهم على(19200ريال سنوياً)وكون متوسط عدد أفراد الأسرة(6) أفراد ستحصل كل أسرة على حوالي(115200ريال سنوياً)وبمعدل شهري(9600ريال) ، تلك ثلاثة من ثقوب الفساد السوداء فما بالنال لو أغلقنا ثقوب أخرى يعلمها موظفون في جهات حكومية أخرى مثل صندوق الرعاية الاجتماعية والنفط والجمارك والتربية والصحة ومقاولات المشروعات الحكومية الإستراتيجية وغيرها من وحدات الدولة ، دون شك سنوفر مليارات أخرى إضافية ، وسنتوقف عن مد أيادينا للخارجي مهما كانت نيته حسنة ، فالمثل يقول(مامد إنسان يده في قصعة أحد إلا ذله).

أخيراً ما نعتقده بشكل يقيني أن الأموال المهدرة في مختلف أجهزة الدولة والتي تمررعبرلوبي من خبراء الفساد المزمن نشبهها بثقوب سوداء تنهش في مقدرات الوطن وثرواته ، وبالتالي مهما حصلنا على قروض ومساعدات ومهما أنتجت أراضينا من موارد فستمتصها تلك الثقوب السوداء،نوجه خطابنا لوزير المالية على وجه الخصوص لأن تلك الأموال المهدرة تمرعبر وزارته ، سيقول البعض أن هناك عتاولة لاقبل لوزير المالية بهم ، في تلك الحالة على وزير المالية أن يخاطب الرأي العام بالمصاعب التي يواجهها ويكشف ذلك اللوبي الذي يتسلم منه الملايين نهاراً ويقود حملة تشهيرشرسة ضده ليلاً ، نقول لوزير المالية أيضاً ليست كل الحالات صعبة فالأموال المهدرة في التعيينات الأكاديمية مثلاً والمخالفة للقانون لاتحتاج لمواجهة بل لتشكيل لجان لدراسة تلك المخالفات ومخاطبة الجامعات بإعادة النظر في مثل تلك المخالفات وأكيد هناك عشرات المخالفات الشبيهة في أجهزة الدولة الأخرى ، ولكن للأسف المراقب لأحوال وزارة المالية يجد أن تلك الثقوب السوداء لازالت تمارس نشاطها بفعالية لعامين متتالين ، فبعد أن كان التوقع أن تتوقف تلك المخالفات مع تسلم ممثل للمجلس الوطني لوزارة المالية تبين أن أنها مرت دون أي إعاقة أو إعادة نظر نهاية عام2011م ، وفي2012م مرت المجموعة الثانية من تلك المخالفات بنفس الألية المتبعة منذ عقود ، إذن لاجديد بل أن قوى الفساد تضاعف من فسادها نكاية بحكومة الوفاق التي يرأسها ممثل للمجلس الوطني لقوى الثورة ونكاية بوزير المالية أيضاً ، يؤكد ذلك أن المخالفات في2012م تضاعفت عن عام2011م والفاسدين أصبحوا أكثر جرأة في تبديد المال العام ، لذا نرجوا من الأخ/ وزير المالية تشكيل فريق أستشاري مالي وقانوني لمراجعة وجوه الإنفاق الحكومي المخالفة للقانون المالي والإداري ووضع ضوابط للإنفاق وبما يتوافق مع القوانين السارية في مختلف دول العالم.