الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٦ مساءً

بلد المليون عميل

باسم مغرم
الاثنين ، ١٠ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
كل شيء في وطني للأسف الشديد أصبح يضج بالعمالة والإرتهان وخاضع للوصاية الأجنبية ؛ فعملاء السعودية وقطر وامريكا وغيرها يحكمون البلاد ويتباهون بعمالتهم جهاراً، وآخرون ينكرون العمالة على سابقيهم ونكاية بهم يتشدقون بالوطنية بعمالتهم لإيران وأخواتها ، وجميعهم يسرحون ويمرحون في البلاد ويتحكمون بها ولا رادع لهم؛ في حين "عبدالكريم لالجي" يواجه حبل المشنقة خلال الأيام القادمة بتهمة العمالة؛ ولأنه مواطن عدني مسكين ليس له قبيلة " تحميه " ولا حزب " يُنجيه " ولا جنرال "يأويه" حوكم لوحده وتُرك الأخرين.

فثورتنا للأسف كُبلت بالوصاية وتم فرملتها وحولت إلى أزمة تحت سوط المبادرة الخليجية وركوع ساستنا، وعلى ضوئها واستمراراً لما كان من قبل وضعت اليمن مجدداً تحت الوصاية الدولية بشكل علني وتم تنصيب هادي رئيساً للمبادرة الخليجية وكذا عينوا لها حكومةً من قِبَلهم ، واصبحت اليمن تدار من داخل السفارات، وبحسب المبادرة أو المؤامرة كما يحلوا لنا تسميتها ولتكتمل عملية الوصاية الأجنبية علينا قُررعلى ضوئها أن تشرف فرنسا على صياغة دستور اليمن الجديد ، فيما تشرف روسيا على إقامة مؤتمر الحوار الوطني، بينما أمريكا ستشرف على هيكلة الجيش والتي بدأت بهيكلته بشكل عاجل وفعلي على أرض الواقع وذلك بتكثيف الضربات الجوية بالطائرات بدون طيار على أراضينا وإنتهاكها للسيادية الوطنية ، وحتى العمليات العسكرية والتي أقرت لمواجهة القاعدة في أبين والمحافظات الجنوبية لا تقوم ولا تتحرك الا بعد إصدار الشيخ جيرالد فايريستون شيخ مشايخ اليمن أوامره بها، وكان نفسه قد بدأ عملية هيكلة الجيش مبكرا حيث أصدر الضوء الأخضر لقمع مسيرة الحياة في الـ24 من ديسمبر من العام الماضي حيث أعتبرها " غير سلمية " وتسعي الي " اثارة الفوضي" فما كان بعد تصريحه من قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي الا أن قامت بقمع شباب مسيرة الحياة والتنكيل بهم .

وللأسف الشديد استمرت عمليات هيكلة الجيش اليمني بالطريقة الإمريكية فالجو أصبح مُلكاً لطيرانهم الذي يصول ويجول في الأجواء ويقتل إخواننا بدون وجه حق كما فعل في محافظات أبين والمهرة وحضرموت والبيضاء ومأرب ... بحجج واهية وكاذبة وكم من الابرياء سقطوا دون أن تحرك الدولة ساكناً ولم يقابل حتى بإستنكار رسمي من الحكومة ، وكلما سقط ضحايا جدد أسرعت الحكومة فورا بترقيتهم وإعطائهم لقب "قيادي في القاعدة" ، ومع كثر الضربات الجوية الإمريكية على بلادنا بطائرات بدون طيار أضحت مؤخرا تكافئ عدد الضربات في باكستان أثناء ملاحقة عناصر القاعدة في الأعوام الماضية ، وحتى مياهنا الإقليمية لم تسلم كذلك وأصبحت مرفاة لبوارجهم البحرية ومتنفسا لحاملات طائراتهم، كما أن جزرنا في عرض البحر أضحت بعضها قواعد عسكرية لهم.

ليس هذا فقط فبعد أن استباحوا الجو والبحر والأرض، عملوا على إدخال كلابهم الظالة من قواتهم العسكرية بحجة مكافحة الإرهاب الذي صنعه النظام نفسه ليتاجر به معهم، حيث تشير التقارير الأخيرة عن وصول آخر دفعة من الطائرات بدون طيار الى قاعدة العند الجوية خلال هذه الأيام ، كما نشرت تقارير أيضا بوصول العديد من قوات المارنز الأمريكي الى قاعدة العند حيث ذكر موقع الإتجاة نت بتأريخ 8 سبتمبر 2012 ان عدد الجنود الأمريكيين في قاعدة العند قد يصل الى أربعة آلاف جندي أمريكي ، فيما المعدات العسكرية عبارة عن سرب طائرات أف 16 ، و سرب طائرات نقل ثقيل نوع c5 Galaxy ، و لواء طائرات عمودية ، و سرب طائرات أباتشي ، و خمس طائرات بردا تر ( المفترس ) بدون طيار ، و طائرات نقل وقود ، إضافة الى إقامة جسر جوي مفتوح بين قاعدة العند مع القاعدة الأمريكية في جبوتي و قطر و برج اتصالات بطول مائتان متر ومعدات وآليات عسكرية أخرى جميعها دخلت تحت اسم مكافحة الإرهاب و كتائب مكافحة الإرهاب خلال الخمسة الشهور الماضية وبموافقة الحكومة وقيادات الجيش والأركان.

ومع اني لست واثقا بما فيه الكفاية عن هذه المعلومات التي ذكرتها تلك التقارير والتي الى الان لم يصدر نفيا عن صحتها من الجهات الحكومية ، أو توضيحا عن ماهيتها، كما أن ردهم على الهجمات الجوية للطيران الامريكي وانتهاكهم للسيادة الوطنية بقولهم أنهم يستعينوا بها نظرا لأنعدام الإمكانيات لدى الحكومة الحالية !!

فقد اصبح اليمن محتلا وخاضعا للوصايات ومليىء بالعمالات والمرتزقه الذين يمهدون الطريق لتلك العمليات ويقومون بتبرير ذلك بأعذار قبيحة كقبحهم، وإذا ما خرج الشعب رافضا تلك الممارسات سلطوا كلابهم العميلة ليقوموا بالوساطات مع المتضررين والمتضامنين معهم وإغداق التعويضات المالية عليهم لإخراسهم .

عمالات أخرى تنتشر في ربوع بلادي فما بين عملاء أقصى الشمال وكذا عملاء الجنوب ومن وآلآهم من محافظات الوسط ، والتي تأتي في مواجهة عمالات القبائل المتآخمة لهم والتي تتولى تجيشها اللجان الخاصة؛ لتغرق بعدها اليمن في عمالاتها وتتحول الى ساحة صراع إقليمي يقوده العملاء لصالح أربابهم وكلا يحاول أن يكون له موضع قدم على حساب اليمن والمواطن اليمني هو الضحية و فقط من يدفع الثمن والعملاء هم من يقبضوه.

كما أن العمالات والعملاء لم تعد حكرا على الدول فقط فقد أصبحت أيضا ماركة مسجلة للشركات الأجنبية أيضا والتي بسببها أضعنا كل خيراتنا وثرواتنا بسبب أولائك العملاء الفاسدون الذين أوهموا الشعب و تآمروا مع السلطة أو من ورائها بإستغلال نفوذهم من أجل تمرير مخططات تلك الشركات بالسيطرة على خيراتنا من أجل مصالحهم الخاصة والخروج بعمالتهم بالمقابل أمعنوا في إفقار وإفساد اليمن وإهدار ثرواتها ، وأبرز تلك العمالات والتي بسببها أهدرت خيراتنا كعمليات إستكشاف وإنتاج النفط وبيعه وكذلك صفقات بيع الغاز لكوريا الجنوبية بثمن بخس وكذا تأجير ميناء عدن وتأجير المياه الإقليمية لشركات الصيد العالمية من قبل نافذين بعيدا عن رقابة الدولة وغيرها الكثير من أساليب العمالة للشركات الأجنبية والمحلية المستنزفة لثروات اليمن وخيراته.

وفي خضم هذه العمالات المتعددة والمختلفة والتي تتدرج بين عملاء وعملاء العملاء ومؤيدون وقواعد وأتباع، كما أنه مازال الكثير من العمالات والعملاء لم أحصرهم هنا، ومع كل ذلك للأسف لم يتم محاسبة أو ردع أحداً منهم بل أن بعضهم يتفاخرون بعمالتهم و حفظهم للجميل لأرباب نعمتهم ويتبجحون قبحاً ويستعرضون بعمالتهم على الملأ دون أدنى إدانة من سلطاتنا العميلة أيضا، والذين لم يجدوا أمامهم أحداً لمحاسبته وإقامة العقوبة علية إلا "عبدالكريم لالجي" ذلك المواطن العدني المسكين الذي لا يوجد من يدافع عنه سوى أسرةً ضعيفة لا حول لها ولا قوة.

فأنا هنا لست بصدد التضامن مع "لالجي" ولا أبرر له عمالته إن ثبتت فعلا بأدلة دامغة وليس مجرد إدعاءات وإعترافات تحت التهديد، حينها لا أمانع من تطبيق العقوبة عليه ولكن ليس قبل تنفيذها على زعماء ومشايخ وعصابات العمالة في اليمن ، وعلى رأسهم علي صالح زعيم عملاء اليمن وعبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ عملاء اليمن والذي بدوره ورَثها من بعده لأولاده ليستمر مسلسل العمالة والركوع ، وكذا الجنرال علي محسن قائد درع عملاء اليمن ، والشيخ الشائف وقائمة اللجنة السعودية الخاصة، والسيد الحوثي وكافة عبيد إيران وأخواتها ، وعصابات الفساد التي مهدت وشاركت في نهب وإهدار ثروات الوطن ، وكافة الأتباع والمقربون منهم جميعا؛ الذين أختلفوا في كل شيء وأتفقوا فقط في العماله للخارج والإضرار بالوطن.

وبسببهم لأول مرة اليمن تحصل على لقب مليوني تفاخر به بين العرب ، فعلى غرار الجزائر "بلد المليون شهيد" وموريتانيا "بلد المليون شاعر" ، فاليمن لن أكون مبالغا حين أقول بأنها "بلد المليون عميل ".

وختام ذلك أود أن أنوه أن شباب الثورة حين خرجوا لثورتهم كان من أبرز أهدافهم رفض الوصاية الخارجية والتبعية ، والعمل من أجل استعادة كرامة الإنسان اليمني وسيادته لا تكريس العبودية وإستبدالها بعمالات وعملاء آخرين، ومع إستمرارها بشكل أقبح مما كان يؤكد لنا جليا بأن نظام صالح لم يسقط بعد ، بل تم توطيده وإعادة بنائه بشكل أقوى بما يتطلب صموده في المرحلة القادمة بشكل أكبر ولو بوجوه أخرى ، ولا أعرف كيف سيكون حال اليمن فيما بعد في ظل كل هذه العمالات والوصاية الأجنبية علينا في كل جوانب حياتنا حتى دستورنا الوطني سيتم صياغته من قبل الأوصياء ، وعليه اناشد كافة الشرفاء في هذا الوطن وكل من مازال يحمل ذرة وطنية الوقوف بجدية أمام هذه الكارثه العظيمة والعمل على إجتثاث هذه السرطانات الخبيثة قبل أن تنتشر علينا جميعا بفعل كل هذه الوصايات والعمالات وتنتشر عدواهم ونصبح بعدها بلد الـ25 مليون عميل ؛ ولا سبيل إلا بإكمال ثورتنا حتى النصر وبناء دولتنا الوطنية المدنية الحديثة دولة العدالة وسيادة القانون والتضحية من أجل ذلك بالغالي والنفيس فالوطن أغلى وأبقى من الجميع.

عذرا منك يا وطني لوجود أمثال هؤلاء على ترابك فهم وأمثالهم يدنسون طهرك وقد وجب رفضهم جميعا و البصق بهم خارجك.