السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٨ صباحاً

الأقراط ،،،، والطماط ( 3 )

عباس القاضي
الثلاثاء ، ١١ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٢٢ مساءً
غادرهم هذا المستفز مقبوحا مرجوما ،، أرادت نجيبة أن تلطف جو محمود ، بعد هذه الحادثة العارضة التي أغاضته ،،، قالت له ،،بعد أن مسحت حبة من الطماط بطرف " المقرمة " التي تتدلى من رأسها ،،، محمود تتذكر عندما كنت تناديني : بالطماطة ،،، وعندما كنت تسأل عني تقول : أين الطمطاسة حقي ؟ ،، نظر محمود إليها مليا ،،، ثم ذهب بذاكرته بعيييدا إلى أيام الخطوبة ،، وكيف تجاوز العراقيل والصعوبات عندما تغلب على ابن مقبل الذي كان ينافسه على نجيبة .

قطعت عليه حبل أفكاره كأنها تريد أن تشاطره الذكريات ،، هي ،،هي محمود وينك ؟ موجود ،،موجود يا نجيبة .

تدرين يا نجيبة ،، ما لذي يعجبني فيك ؟،، لم يدعها تسترجع السؤال ،، وأردف قائلا : يعجبني فيك قدرتك على الشحن العاطفي ،، فما إن يخبو جذوة الحب في قلبي حتى تنفخي فيه ليصير جمرا ،، يشعل القلب والفؤاد .

يقول هذا وهما ما يزالان ، يمسحان ويرتبان الطماط ،،، واستمرا يتذكران أهم إشرافات حياتهم ،، أول لقاء قبل الخطوبة ،، يوم الزفاف ويوم رزقا أول مولودة وثاني مولودة وثالث مولودة اللاتي أصبحن أمهات ،،وكذلك عندما رزقا ابنهما الوحيد عماد الذي انتهى من الثانوية هذا العام وأخيرا مريم آخر العنقود ،، تذكرا كيف باتوا أول ليلة عيد بعد الزواج ،،كذلك أول سفريه له .

هذا الكلام كله ،، والناس يمشون بجانبهم لا يسمعون شيئا ،، فقد كان كلامهم أقرب إلى الهمس .

هاا قد انتهينا من الطماطم التي في " العربية " والتي في السلة ،، قالت له ، وهي تستعد للنهوض .

عرضت عليه أن تقف معه لتساعده في البيع ،، لكن محمود رفض وبشدة قائلا : تعملين وأنا موجود !! لا والله ،،عودي إلى البيت جهزي الغداء أنت ومريم ،،، وهذا كل الذي استطعت أن اجمعه ،، صحيح المبلغ بسيط ،، لكن أفضل من عدمه ،،، وتستطيعين مساعدتي أن تصلي ركعتين أول ما تعودين إلى البيت ،، وتدعين إن ربي يسهل أمري .

غادرته وهي تمشي وتلتفت إلى الوراء ،،شفقة ورحمة به ،،عادت وفعلت ما طلبه منها .

لم تمر ساعة من مغادرة نجيبة إلا والحاج محسن صاحب سلسلة المطاعم في المدينة يقف بجانبه ،، وينظر إلى الطماطم وهي تلمع نظافة ،،محمود ،، من أين جئت بهذه الطماطم ؟،،، رد عليه محمود : من السوق ،، زم الحاج محسن شفتيه استغرابا وقال له : سأشتريها منك ،، تبايعا ،، اتفقا وهاهو محمود يدف العربية متجها إلى المطعم ،، يفرغ العربية والسلة في المكان الذي أشاروا له ،، استلم المبلغ واتجه إلى الباب خارجا ،، وعندما كان محمود في الباب ،،ناداه الحاج محسن ،،، انتظر يا محمود ،،، ونادى : يا سعيد ،،هات حبة دجاج مشوي ،، استغرب محمود وقال في نفسه : متى طلبت منه ذلك ؟ لكن يا لله نشوف أخرتها ،، وضع الحاج محسن الدجاجة في الكيس وناولها محمود ،، همَّ محمود بإدخال يده في جيبه ،، لكن الحاج محسن أمسك يده ،، قائلا له : هذه غداء الأولاد .

عاد محمود إلى بيته غير مصدق لما حدث اليوم ،، نجا من مفتش البلدية ،،،باع الطماطم صفقة واحدة ،، وبيده حبة دجاج مجانية .

أين أنت أيها الجبان الذي كنت تضحك علي وتسخر مني ،، والله لو أحصلك " لوَرِّي أبوك ".