الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٢٠ مساءً

استحقاقات سياسية بين الوطن وأضداده

جلال غانم
الاربعاء ، ١٢ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:١٩ صباحاً
ما من أمة من الأمم قامت بنهضتها الفكرية والثقافية إلا ويعود ذلك إلى أنظمة الحكم التي منحت مساحة كافية لمواطنيها في تلك البلدان إلى نقد العقل ورجال الوطن وقوانينها حيث على ما اعتقد قد سُنت القوانين وعُدلت وفق رغبات الشعوب ونضالاتها التي أثمرت عن أمم تحلم وتعيش بحرية وسلام حتى وصلت إلى محاكاة الإنسان فكريا وثقافيا وسياسيا وتكنولوجيا بكل أبعادة الاجتماعية والفكرية .

في مجتمعنا نقد العقل بأساليب متعددة ثقافية وفكرية هي خروج عن النص المُحرم في تابو الدين كنص تحريمي أو كافر وعند رجل السياسة والقبيلة التي تفرُم حلمه وتحيله إلى مواجهة مباشرة مع أضداد المجتمع ووسائل أعلامة المُشكلة وفق رغبة المنتصر على المواطن ووفق رغبة الفاسد والسلطة الحاكمة دون وجود أدنى حد لمؤسسات مجتمع مدني - تتعاطى مع واقع الإصلاحات وتنتصر لحقوق مواطنيها دون تسييس قضيتهم وتسميمها خِدمة في الغالب لأحزابهم المتهالكة والتي فقدت القُدرة على محاكاة الشعب واستمالته طوال سنين عدة - فيما عداء بعض المنظمات القليلة التي تُواجه المخاطر وتتعرض كل يوم للتهديدات والقتل في وضح النهار .

لقد أخفقت كل الحُقب التي مرت بها البلاد من اجل تحريك بندول التغيير إلى الأمام حتى تستقيم الأوضاع السياسية والاقتصادية التي شكلت عبئ على الحكومات المتعاقبة .

فكل استحقاق سياسي وطني نستبشر به نصطدم على أنقاض انكساراته التي تتوالد لدينا خيبات متتالية وتنتج جيل جديد من شبكة المحسوبيات والفساد والرشاوي كمحصلة حتمية لانعدام وجود الإرادة الوطنية في إحداث أي تغيير أو إصلاح حقيقي كي لا يفسد مصالح القوى الحاكمة والأجرام الفاسدة التي تدور في فلكها .

فأي ثورة أو تغيير لا يستهدف القوى المسيطرة على الحكم التقليدي وإزاحتهم من مناصبهم العسكرية والمدنية التي تعيث بالفساد والروائح النتنة فلا معنى لهذا التغيير وهذه الثورة سواء مزيدا من البُعد الصحيح عن القرار السياسي وإيجاد مساحة من الفوضى خِدمة لتجار الفوضى والمتمترسين في مراكز القرار السياسي .

استحقاقات الحوار الوطني الأخير وما يمكن أن يتمخض عنة في شكل الدولة المدنية ومؤسساتها الدستورية والعسكرية ينظر إليه اليمني كفرصة سانحة لإحداث نقلة نوعية في القرار السياسي ووصول هذا القرار بنتائجه المأمولة إلى أقاصي القُرى والحواري النائية كي تنتصر لفقرهم المدقع وانتشارهم في الشوارع بحثا عن كسرة خبز لا أكثر ولا أقل .