الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٩ مساءً

مصطفى العماري صرخة الاهمال ومعانات الأهوال

عمرو محمد الرياشي
الاربعاء ، ١٢ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٢٠ صباحاً
حياة يملئها الاهمال وضنك العيش في الوطن وقسوة الفقر جعلت اليمنيين امواج بشرية وطيور مهاجرة تسافر وترحل لما وراء البحار والمحيطات لتعلق قلوبها باحلام ومغامرات لعلهم يجدوا في غربتهم ما يعوضهم عن حياتهم البائسة التي اصبحت شبيه بجدران خشبية قد ملئتها مسامير الفقر والعوز والبؤس ... فربما يجدوا في غربتهم ما يجملوا به مستقبلهم الذي لم يستطيعوا ان يجدو له اثر واضح في وطنهم اليمن .

لكن يظل الهم والاهمال وتحمل الأهوال والخوف هاجسا يلحق ويتتبع غالبية ابناء اليمن حتى وان كانوا خارج اليمن ... فما إن تنطلق عجلة الزمن نحو بدء رحلة الغربة والإغتراب الا ويرافقها احساس كبير بأن الله سيعوضهم عن سنين الحرمان والضياع في وطن مليء بالخير لكننا اهملناه ولم نحافظ عليه .

يبدوا لي ان اليمنيين من اسوء الناس حظاً في العالم فما أصعب ان نحلم ثم نصبح تأهين وسط حلم لم يكتمل ومعاناة لا تحتمل وهذا ما حدث للاخ مصطفى العماري حصل على فيزة عمل للعمل في الشقيقة السعودية في العام 2000م مثله مثل عشرات الالاف من اليمنيين لكن اتت الاقدار بعكس ما توقعه مصطفى ووقع في قضية قتل وهو يدافع عن شرفه وشرف اليمن كلها .

حادث قدره الله فلا رد لقضائه لكن ما يحزن القلب ويملئه الأسى هو الاهمال الرسمي المسخ من قبل حكومتنا وقيادتها السياسية لابنائها ومواطنيها ... الجميع يضجر ويقدح في التصرف الغير الانساني والإهمال التي تمارسه الدولة اليمنية ممثلة بوزراة الخارجية وسفاراتها في دول الخارج فلم نعد نرى لمعنى الوطن او الوطنية تجاه سفارتنا سوى اسم اليمن والجمهورية اليمنية وشعار الجمهورية الموجود في سفر جوازنا فقط .

انا لا ابالغ فمن شاهد تصرفات سفاراتنا في الخارج وهي قد اصبحت تقوم بدور جباية للضرائب من مواطنيها دون ان تقوم بأي دور الراعية لابنائها خارج الوطن .

لا نريد مالاً ولا مكافئه أو خلافه من الامور التي قد تدخل في قضايا الاهتمام الخمس نجوم مثلما يحظى بها البعض الذي لهم دولة تذود عنهم وتحفظ حقوقهم من الاخرين .

ما يتعطش له ابناء اليمنيين المغتربين في الخارج هو ان يكون لهم دولة يفتخروا بها و تهتم لقضاياهم وامورهم وان تكون حصناً لهم من غدر ومكر الأخرين وكم هي كثيرة تلك القضايا التي حصلت ومازالت تحصل لهم من الحوادث والمأسي الانسانية التي اصابت اليمنيين في الخارج في ظل صمت مطبق لا نجد له تفسير سوى اننا كيمنيين ليس لنا نظام ولا دولة تحمينا لا في الداخل ولا في الخارج .

لو نظرنا لكثير من بلدان العالم الاخرى وهي تقيم الدنيا وتقعدها لأي حادث يقع لأحد من مواطنيها وتسخر جميع امكانيتها المالية والقانونية والدبلوماسية لرفع الامر لمستويات عليا لتحفظ حقوق مواطنيها في الخارج ... دول عادية وليست عظمى مثل اندونيسيا و الهند والفلبيين وغيرهم الكثيريين . ولا ادري ما الفرق بينهم وبيننا ؟

لذا دائما نرى الفرحة العارمة والعامرة لابناء اليمن المغتربين وهم يحصلون على جنسيات بلد الاغتراب ويشعرون بأمل جديد و ان لون الحياة قد تغير عندهم و تفتحت في وجوههم كثير من الامال وأغلقت كثير من ملفات الالم والكربة وقيود الأغلال وهذا هو حال الواقع والحقيقة فهي من تتحدث عن واقعنا كيمنيين .

ولما لا فقد تحولت الغربة لليمنيين من تحسين المستوى الاقتصادي الى هجرة لنسيان هموم ماضي مليء بصفحات الفقر والحاجة و الجفاء والنكران والتجاهل والاهمال الانساني لمعنى الادمية وهذه هي احد منجزات قياداتنا السياسية في اليمن . فهنيئا لليمنيين الثواب والأجر على الحزن و مأساة العصر و أزمة الزمن لأهل اليمن .

لقد ذكرت قصة بطل اليمن مصطفى العماري كمثال بسيط يذكرنا ويوضح كيفية اهمال الحكومة التي لم تقوم بالأحد الادنى من واجبها ورعايتها لقضية هي في حكم الواجب على الاقل لتخفيف اهات واختصار الفترة الزمنية لتلك القصة والتي قاربت الـ13 عاما. فلا اعتقد ان الاشراف الحكومي على تنظيم جمع قيمة الدية وتبني القضية بشكل رسمي معيبا في حقها بل هو واجب واقل من الواجب التي كان يستدعي ان تقوم بها حكومة دولتنا الفاضلة. فأين هم والى متى سيظلون يسيرون في هذا النهج المخزي ام نحن نستحق هذا كيمنيين فكم هي الحالات التي لا يمكن احصائها لما يواجهه المغتربين خارج الوطن .

اخيرا ... كل معانات الغربة وما يتخللها من احداث لليمنيين يأتي نتيجة طبيعية لأمتداد الوضع السياسي القائم داخل اليمن فلا يمكن بأي حال من الاحوال ان نلوم دول الاغتراب على ما تقوم به وهي تعرف مسبقا من هي حكومتنا وما هو ديدنها وما هو حجم مسئوليتها تجاه ابناءها.

فحال اليمنيين في الخارج يعكس واقع اليمنيين داخل وطنهم لذا فليصمت اصحاب المنظمات الحقوقية ويكفوا عن نعيقهم الذي غالبا ما يؤتي ثمارا فاسدة ونتائج سلبية وغالبا تكون تصريحاتهم مجرد استهلاك اعلامي لا اثر له .

حتى ما صدر مؤخرا عن تشكيل ما يسمى بالمجلس الاعلى للمغترببين لن يكون سوى هيئة لا قيمة لها اذا لم يكن هناك تصحيح لوضع اليمن الداخلي واستمرار الدفع بنهج ثورة التغيير على الارض اليمنية لانها هي كفيلة بتصحيح بؤر ودوافع الغربة من خلال مؤسسات دستورية تقوم بواجبها الوطني . فوجود دولة يمنية قوية تحمل مؤسسات وطنية هو كفيل ان يحصل اليمنيين على احترام الاخرين في الخارج ويكون مجرد التفكير بانتقاص اليمنيين صعبا لانه سيواجه باجراءات من قبل المؤسسات الوطنية في الوطن الام دون الحاجه لانشاء هيئات جديدة للمغترببين او اعادة تعيينات صورية الهزلية لمسئوليها.

ويظــل الســـؤال العالق في الاذهان إلى متى سيستمر الانسان اليمني فـــي ظـــل عنـــاء العــذاب من حجيــــم الإغتــــراب ؟ فمتى يتم التحرر مــن عبوديــــة الحاجـــة والفقــــر والغربة !!!!!

واختم بإهداء خاص لمصطفى العماري من الشاعر (مختار صالح جميل) :

اكتب قصيــــدة كم فيها من الاخبـــار
اخبـر شبــل اليمن في العـــز والإجـلال

لمصطفى العز نجل السادة الأخيــــــــار
عكسـت نظـرة تضــم العـــز والأمـــال

لشعب له نخوة فاقت كل الأقطــــــــار
هـذه مواقــف سجلهــا رجـال ابطــال

وانت بطل مثل نخبه من الأحـــــــرار
لأجل الكرامـــة تحدى السجـن والأغـلال