الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٧ صباحاً

لو كنت رئيساً .. لاسمح الله

وليد أحمد مزاحم
السبت ، ١٥ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
ماذا لو كنت رئيساً لليمن ماهي أولويات عملك .. سؤال يتكرر في المجالس اليمنية وطبعاً لا أرمي بهذا المقال لأن أكون رئيساَ .. حتى لو قدمت لي بطبق من ذهب لأني مدرك ماذا يعنى أن تكون رئيساً ولكن الغرض من هذا هو التعلم من الخطأ وعدم تكراره وماقبول فخامة الرئيس المشير / عبده ربه منصور هادي لهذا الأمر إلا شجاعة وفداء من أجل الوطن نشكره ومايجب علينا فعله هو الوقوف معه في هذه المحنة التي تمر بها البلاد .

أثناء حكم صالح كان يدور الكثير من المحادثات وخاصة في مجالس القات والتي تكون في الغالب شكاوي المواطنين عن الأوضاع والصعاب التي يمر بها كل فرد يمني وكان يطرح سؤالا لكل شخص وهو ماذا ستفعل لو كنت رئيساً .. فكان يؤخذ بالأمر وكأن الوطن عبارة عن قطعة أرض تعاني من التصحر فيأتي من يظن بأنه قادر على زراعتها وليس لديه شهادة في الزراعة أو أي خبرة في هذا المجال ويضن بأنه عريف أهل زمانه فيقول سأفعل وأفعل ثم أعزل وأعين وأكون أو لا أكون ... الخ هذا تقديرهم لطريقة الحكم أما قيادتنا السابقة فقد تعاملت مع الحكم عبر منظور آخر!!! أو لنقم بتشبيهه بشكل ظريف وهو أن الحكم قطٌ أليف يُمسح على رأسه فيبادله نفس الشعور وتطعمه كي يقوم بحماية المنزل والأغراض من الفئران ولنقم بهذا الحسبة كي نسردها في القصة ..

المعطيـــــــــات :
المستأجر = الرئيس
القط = الحكم
المنزل = الوطن
أغراض المنزل = الشعب والثروات
الفئران = الطامعين

وهنا تبدأ الحكاية ... كان هناك منزلاً يقع في منطقة راقية (دول الخليج) وعلى شارعين (البحر الأحمر و خليج عدن ) وكان المستأجر لهذا المنزل فخوراً جداً بما معه وأراد أن يحمي منزله من كل شيء بما فيها الفئران فقام بإختيار قطة لحماية منزله وكحافز لإبقائها يقوم بإطعامها يوماً بعد يوم وكانت القطة تقوم بواجبها.. يوماً بعد يوم .. إلا أن القطة غرها حنية صاحبها وعدم تعنيفها عند الخطأ فأخذت تنتهك واجباتها في حماية أغراض المنزل فيوماً تأكل من صحن سيدها سواء أثناء أوقات الطعام أو غيره ويوماً تستمتع في تقوية أنيابها ومخالبها في تمزيق أثاث المنزل حتى أصبحت القطة تعاني من مرض السمنة والكسل وهذا أدى الى قيام هدنة بين القطه ومعشر الفئران بما يسمح للطرف الثاني بالتجول بكل حرية في المنزل لمشاركة القط فيما يفعله حتى زادت الفئران وصار صعباً على القط مواجهة الفئران أجمعين فهلك المنزل وهلك صاحبها وأسرته ولم يعد للمنزل وأغراضه أي قيمة .

وبما أن القصة طبقت قبل قدوم الربيع العربي في بعض الدول العربية فالجميع يعلم ماذا كانت النتيجة .

وكي أتحمل مسؤولية وطن بأكمله يجب علي معرفة الوضع اليمني حتى يتسنى لي حلها وتجنب الوقوع بها ففي الإسلام هناك محرمات يجب على المسلم تجنبها مثل الخمر الذي يذهب بالعقل وكذلك ضرورة غض البصر لأنها بداية الوقوع في الحرام وكذلك هو الوضع اليمني لذلك نسردها كالتالي :

الوضع اليمني :
منذو قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو والحكومة تحاول النهوض اقتصادياً إلا أن الأطماع الشخصية طغت على المستحقات الشعبية التي كان يتطلع اليها المواطن اليمني عبر تحسين الدخل القومي والمستوى المعيشي للفرد وبدلاً من أن يستفد شعب بأكمله صارت الفائدة مقتصره على بعض الجهات وهي كالتالي :
1. الشخصيات المقربة من رئيس الهرم الإداري للدولة .
2. بعض زعماء الجماعات التي تقطن بالقرب من العاصمة السياسية (صنعاء ) .
3. بعض زعماء الأحزاب والجماعات السياسية .
4. القيادات العسكرية سواء في الداخلية أو الدفاع خاصة عند العلم بأن ميزانية الدفاع والداخلية كانت تمثل أكثر من 25% بعكس وزارة التربية والتعليم التي كانت أقل من 1% .

فمثلاً قبل الوحدة اليمنية كانت جمهورية اليمن الديمقراطي (سابقاً) تقدم مصلحة الحزب الإشتراكي على مصلحة الفرد وإشراك الفرد في محصول جهد فرد آخر إبتغاء تحقيق النظام الإشتراكي المتبع آنذاك والذي تسبب في إجبار رجال الأعمال بالهجرة إلى خارج الوطن فمنهم من ذهب الى أفريقيا وأستقر هناك وآخرون من ذهبوا الى دول الخليج وبنوا تجارتهم هناك وأستقروا وكل ذلك لعدم تطبيق مقولة ( لكل مجتهدٍ نصيب ) فقدمت مصلحة الحزب على مصلحة الشعب والوطن ونهبت الكثير من الأراضي لصالح الحزب أما في الجمهورية العربية اليمنية (سابقاً) فكانت هناك بعض الجماعات التي كان لها تأثير سلبي على نظام الحكم في اليمن بحكم قربهم من العاصمة صنعاء ، طبعاً هذا التأثير ظهر بشكل كبير بعد مقتل الرئيس السابق إبراهيم الحمدي نسأل الله أن يرحمه من عنده وهذا أيضا تسبب في الهجرة الى الخليج ودول الغرب ، ولكن بعد تحقيق الوحدة اليمنية يبدو بأن الوحدة لم تتم بين الشعبين ولكن بين الأطراف السلبيه المستفيدة وهو الحزب الإشتراكي (ماقبل 1994) والجماعات (اللاحكومية) والمقربة من رأس الهرم الإداري في الدولة ، ونظرا لعدم إتفاق الطرفين في تقسيم ثروة الوطن قامت حرب بينهما في صيف 94م وأنتصر الطرف الثاني وبدلاً من أن تقدير الجهود الشعبية التي رسخت الوحده قال أحدهم أنا صانع الوحده وفي حقيقة الأمر... إرادت الله ثم الشعب هي من رسخت الوحدة في 1994 وإلا لما حسمت الحرب في أقل من 6 أشهر وكانت حرب أهلية، وبدلاً من رد المعروف للشعب كانت النتيجة تقديم المصالح الشخصية على مصالح شعب بأكمله وصارت كالتالية :
• أصبح سعر الريال اليمني في خبر" كان هناك ريـــــــــــالاً " .
• أصبح التركيز على القرارات السياسية الخارجية وتم إهمال القرارات السياسية الداخلية التي وُكِل بها بعض المشايخ .
• نهبت الكثير من الأراضي المملوكة للدولة والمواطنيين برعاية حكومية ومن حضرموت مروراً بعدن وصعوداً إلى صنعاء وانتهاءً بالحديدة .
• أصبحت السلطة التشريعية تصدر قرارات بناء على إرادة شخصية وليست مبنية على إرادت شعب وإن صدرت قرارات لصالح الشعب فلا يطبق منها إلا وهناك من هو قائمٌ عليها .
• تم حذف مقولتين ( من أين لك هذا ) و(الحساب والعقاب ) من قائمة السلطة القضائية ولم يتم تنشيطها إلى الآن.
• لم يتم الإستفادة من الثروات التي يمكنها تغيير وجه البلاد وجعلت تحت تصرف من لا ذمة له .
• خُلق نوع من الكره لدى بعض اليمنيين في جنوب الوطن تجاه من يقطنون في شمالها وأصبحوا يطالبوا بالإنفصال (فهل هي إرادت شعب أم ارادت جماعات محدودة لها مصالح خاصة ) رغم أن المعاناة واحده .
• أصبح الوضع الأمني غير مستقر بسبب الوضع الإقتصادي الذي سمح للإرهاب بالتواجد وأخذ مكان في أرض الوطن .
• وما أخفي كان أعظم وأصبحت دولة بلا قانون .

هذا ماتعانيه البلاد ومايواجه رئيس الجمهورية ليس بالأمر السهل وهناك قرارات إن تم إصداراها ستغضب بعض الشخصيات والأقليات ولكن سترضي غالبية الشعب بصورة أولية لذلك لنعود إلى ما بدأت به وهو "لو كنت رئيساً " لأتخذت القرارات التالية :
1. نقل العاصمة السياسية من صنعاء الى عدن لعدة أسباب :
• هناك منفذ بحري يغذي مركز القوة بعكس ماهو في صنعاء التي تحاصر من قبل بعض الجماعات القبلية لتنفيذ مطالبهم .
• سيكون هناك إرضاء نسبي لسكان المناطق الجنوبية ولن تكون هناك مشكلة لمن يعيشون في شمالها كونهم لم يستفيدوا شيء ولاضير من التغيير مادام الحل ممكن .
• للتخلص من الضغوطات والتدخلات الغير متناهية من قبل الفصائل المحيطة بصنعاء .
• تقوية الجهاز الأمني لعدن بما يمكنها من الحد لأي إنفلات أمني والدليل ماحدث في خليجي عشرين عندما تم السيطرة على الممرات المؤدية إليها ومنع حمل السلاح وهذا دليل على أن تواجد الثقل السياسي هناك خلق نوع من الإستقرار والقوة .
• سيكون في مقدور بلادنا الحد من ظاهرة القرصنة .
2. الشراكة إلإقتصادية أو الإتحاد الإقتصادي للنهوض بالإقتصاد الوطني الذي عجزنا عن النهوض به وعلى أن يكون معدل الإستفادة الى مايقارب 70% من الإقتصاد الآخر للدولة التي ستخوض الشراكة بحيث تتكفل الحكومة اليمنية بحماية جميع الإستثمارات في جميع المجالات .. فنحن لدينا الأيدي العاملة والثروة التي قد تجعلنا من أغنى دول المنطقة وللعلم بأنه أثناء حكم صالح لليمن كان هناك عرض من قبل جهة تابعة للمملكة المتحدة (بريطانيا) تعرض إستئجار المنطقة الحرة بعدن وذلك مقابل التعهد برفع وتحسين الإقتصاد اليمني إلا أن المحسوبيات كانت لها رأي آخر وهو الإستفادة من المنطقة للصالح الخاص وليس العام والنتيجة معروفة وهي دفن هذا المشروع القومي وتسليم الشاه للذئب (مواني دبي العالمية ) لذلك إن كانت هناك شراكة فيمكنها أن تكون هذه على نحو طريقتين :
• شراكة اقتصادية احادية الطرف(مستحسن): وهي الطريقة الأمثل حيث تكون هناك دولة ذات اقتصاد قوي وياحبذا لو كانت من الدول الصاعدة وخاصة تركيا كونها من الدول الإسلامية التي نهضت بالإقتصاد رغم التحديات والمؤامرات التي مرت به وكذلك لأن هناك مصالح مشتركة .
• شراكة اقتصادية متعددة الأطراف : وهنا تكون الشراكة مع عدة دول عربية وإسلامية بحيث لاتزيد الدول عن 3 .

هذه الحلول قد لا تكون خياراً نهائياً ولكنها الأمثل والأسرع لحل الأزمة اليمنية التي جوهرها الرئيسي الإقتصاد وحتى يكون القارئ على علم فهناك دول ومنظمات دولية ترى عدم تمكين اليمن من الإستقرار والدليل خوض اليمن في أكثر من مؤتمر لمساعدتها(أصدقاء اليمن) إلا أنها لم ولن تلبي التطلعات التي قد تؤدي الى الإستقرار لذلك فخيار المواجهة الغير مباشرة من طرف واحد صعب لذلك فخيار الشراكة هي الأمثل للوقوف أمام هذه التحديات .