السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٤ صباحاً

هنيئا لهم غداؤهم ، واستقلالهم

أروى جوبح
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
كم هو رائع أن نشارك في صناعة التاريخ و نسطر بعض سطوره ، و كم نحن محظوظين بمعاصرتنا لهذه الثورات و التي توحدت فيها الأمة العربية في جملة واحدة " الشعب يريد اسقاط النظام " .أشعر بفخر كبير بمشاركتي في هذه الثورة اليمنية العظيمة و أشفق على من اختار أن يكون من الفئة الصامتة - و لم يخرج من صمته بعد - او الطرف الآخر المؤيد للنظام و هو لا يدرك انه يساهم في تشويه بعض سطور ذلك التاريخ.
كثيرا ما تثار تساؤلات عن أسباب تأخر الثورة اليمنية ، و وقفنا عندها في الكثير من المحاضرات و حلقات النقاش في الساحات ..و خارج الساحات ، و التي من أسبابها موقف و تكوين الجيش اليمني ،و الوعي المجتمعي، و غياب عنصر المفاجأة و التدخل الأجنبي ......و غيرها من الأسباب.
و هنا سأقف قليلا عند واحد من الأسباب و هو التدخل الأجنبي (السعودي و الأمريكي ) و الذي جاء للأسف مخيبا للآمال و جعلنا نواجه في وقت مبكر ثورة مضادة بقيادة غير الشقيقة السعودية و من تسمى بالصديقة أميركا.

و خرجنا – و ما زلنا - في مسيرات و رفعنا الشعارات في معظم المحافظات رافضين هذه التدخلات ولكن ...هل هذه المسيرات كافية ؟ و لماذا لا تكون هناك أساليب أخرى نعبر بها عن رفضنا لهذه التدخلات ، أفكر في أساليب قد تكون عواقبها وخيمة و قد لا يوافقني الكثير عليها ، و لكنها دعوة للتفكير في استحداث أساليب نعبر بها عن رفضنا لهذه التدخلات ..و وضع حد لذلك.

فلماذا لا يتم تنفيذ اعتصامات أمام السفارتين السعودية و الأمريكية ، أو نقوم بمقاطعة المنتجات السعودية و الأمريكية و هنا قد نتضرر خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الذي نعيشه الآن، و قد لا نؤثر عليهم نهائيا بالقدر الذي سنتأثر فيه نحن ، و لكنه يظل موقف للتعبير. و هناك دعوة من صديقتي لجميع اليمنيين بعدم تأدية مناسك العمرة لهذا العام . و هذا أيضا ...يعتبر موقف للتعبير.

و لماذا لا نرفض كشباب و منظمات مجتمع مدني الدعم المادي المقدم من الولايات المتحدة الأمريكية و الذي يشكل في اعتقادي أكثر من 90% من الدعم المقدم خاصة للمنظمات ، و نقف وقفة جادة لرفض هذا الدعم و الذي ينفق بآلاف الدولارات لتمثل فيه أميركا دور الأم الحنون الحريصة على صحة أطفال اليمن و التقليل من وفياتهم و وقف المتاجرة بهم و الحفاظ على الحقوق و الحريات و الديمقراطية و الجندر..و ..و.. الخ . و من وراء الكواليس تنفق ملايين الدولارات لتخترق أجواءنا و تزكم أنوفنا و صدورنا بغازاتها السامة.....بحجة مكافحة الإرهاب.

الزائر للولايات المتحدة الأمريكية يتعرف عن قرب على النظام الفيدرالي ، و يقف متعجباً كيف أن لكل ولاية خصوصية و لا يحق لأحد من خارجها التدخل في شؤونها ، حتى أن ما يُـجًرم في ولاية لا يعتبر جريمة و لا يعاقب على فعله في ولاية أخرى، فكيف لا يمتلكون الحق في التدخل في ولاياتهم و يعبرون القارات ليحشروا أنوفهم في اليمن ..و ثورة اليمن.
و جميعنا نعلم أنها- فقط - مصالحهم هي من تحركهم .. و لكن يجب هنا أن لا نلقي باللوم على من يسعى وراء مصالحه ..و لكن اللوم كل اللوم على من يفرط أساسا في مصالحه.
أيضا على مستوى الأشخاص يجب أن تكون لنا مواقف معبره عن رفضنا للتدخلات ، و هنا أحيي أستاذتي القديرة حورية مشهور و أضم صوتي لصوتها و اعتذارها عن قبول دعوة غداء في السفارة الأمريكية في يوم استقلالهم في 4 يوليو، و لن أقول أن حضرة السفير لن يهنأ وجبته نظراً لغيابي عن المائدة ، و لكن يكفي أن نعبر كأفراد عن موقفنا،مع العلم أني كنت و منذ بداية الثورة حريصة كل الحرص و مع غيري من الشباب على مقابلة السفير و موظفيه في السفارة ليسمعوا من أكثر من شخص و في أكثر من محفل برفضنا لموقفهم تجاه ثورتنا ، و لكن حان الوقت الآن ليكون لنا دور كأفراد في تبني أساليب للتعبير عن موقفنا من تدخلاتهم.
فهنيئا لهم غداؤهم و هنيئا لهم استقلالهم ..و ليتركونا نهنأ بثورتنا ..


أخيراً..
تحية حارة لكل الشباب المرابطين في الساحات...بحرارة النيران التي أضرمت في أجساد شبابنا بتعز ، لتصل شرارتها و تحرق وجهاً قد ينجح الأطباء في تجميله .. ولكن يقف الجميع عاجزاً أمام " تشوه تاريخي " .... اللهم لا شماتة.