الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠٧ مساءً

50 عاماً ..ونحن نتفرج!

عبدالعزيز الهياجم
الأحد ، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠١:١٧ صباحاً
ونحن نعيش أجواء اليوبيل الذهبي ومرور 50 عاماً على قيام ثورة 26سبتمبر , يؤسفنا أن نتحدث عن مرارة نصف قرن من الصراعات والنزاعات التي استهلكت الزمن واستنفدت الطاقات وأوصلت أحلام الناس إلى سن اليأس .

ومع أننا في بلد ليس فيه سكك حديدية إلا أن الجميع ظل يتحدث عن قطار الثورة والجمهورية الذي كان يفترض أن يركبه البسطاء للوصول إلى غاياتهم ومراميهم غير أن الواقع هو أن ذلك القطار الوهمي حمل الطامحين والطامعين من المتصارعين الذين أمضوا رحلتهم فوق جماجم البؤساء وجعلوا من دماء الملايين زاداً للقطار الذي أوصلهم إلى السلطة والثروة , في حين بقينا نحن خارج الزمن طيلة خمسين عاماً.. ومع أن ثورات الآخرين تنضج سريعاً إلا أن قدر ثوراتنا هو أن تطول وتتحول إلى أزمات بفعل تداخل المتشاركين المحليين وتعدد أقطاب اللاعبين الإقليميين والدوليين.

تصارع الجمهوريون والملكيون عقداً من الزمن لينتهي الأمر بالثورة إلى أزمة تم حلها بمصالحة وطنية جعلت الجميع يتعايش في ظلال العهد الجمهوري ولكن بعقلية الاحتكار الملكي والاستئثار البغيض الذي أخرج الأمر من نطاق العصبوية الجمهورية والملكية إلى عصبيات أخرى قد تكون مناطقية أو طائفية أو مذهبية وسلالية ولكنها في كل الأحوال لم تكن وطنية تحديثية أو نهضوية.

ثم كانت عشرية أخرى هي عقد السبعينيات من القرن الماضي الذي اتسم بطابع الصراع والاحتراب الشطري تلاه عقد ثالث تمثل بسنوات الثمانينيات التي شهدت نزاعات الرفاق الأعداء في جنوب الوطن , ثم كان العقد الرابع المشترك الذي دشناه بوحدة ولحمة لم يكن حظها بأفضل حال من حظ الثورتين السبتمبرية والاكتوبرية.

واليوم وبعد أن شهد الوطن في العام المنصرم ثورة شعبية تحولت أيضاً إلى أزمة أعقبها تسوية سياسية , يبقى المؤمل هو أن يكمل قطار التغيير الربيعي , مشوار قطار الثورة السبتمبرية الخريفية ويعيد لها الاعتبار ويمكن من إنجاز أهدافها بتحقيق حلم الملايين في التغيير الحقيقي وتمكين الشعب من المشاركة الحقيقية في السلطة والثروة وفي البناء والنهوض وإقامة الدولة المدنية الحديثة , دولة المؤسسات والنظام والقانون.. وحتى نكون صادقين مع أنفسنا ومع شعبنا ومع ثورتنا علينا أن ندرك أن إعادة الاعتبار للثورة الأم وإعادة الاعتبار لكرامة وعزة هذا الشعب وحقه في الحرية والمواطنة المتساوية لا تستقيم بدون الاعتراف أن إزاحة عهد أو نظام سابق والإتيان ببديل جاء من رحم ذلك العهد ليس كافياً.. شيء رائع أن ينتفض الشعب على مشروع أراد البعض تحويله من جمهورية صريحة إلى ملكية وراثية مقنعة بقناع جمهوري ، وشيء مشروع بل وواجب ديني ووطني وأخلاقي أن يرفع الناس شعار « كفاية » للفساد والإفساد والامتيازات الطبقية أو العائلية التي سرقت ونهبت كل شيء , لكن الشيء الأروع منه أن لا نظل فقط نلعب دور المتفرج.

ظللنا نتفرج على من حكموا بعقلية الإثراء الفاحش ورموا عرض الحائط بالدستور حتى أرادوا قلع العداد نهائياً ..واليوم علينا أن نتفرج على آخرين كانوا جزءاً من ذلك العهد وحققوا الكثير من المصالح والامتيازات , ثم حينما اختلف الشركاء والحلفاء تحول هؤلاء الآخرون إلى رجالات ثورة شعبية شبابية ورموز تغيير .. علينا أن لا نظل نتفرج ونحن نشاهدهم كزعامات قبلية تقليدية يتحفوننا بتنظير فاق نظريات ماركس ولينيين ويتحدثون عن ثورة تغيير سلمية وكأنهم قاموا بعمل فاق الثورة البلشفية , وبعد ذلك نكتشف وفقاً لتقارير وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة للكهرباء هم الذين لا يسددون فواتير الكهرباء منذ قيام ثورة سبتمبر.

إلى متى سنظل نصمت على من يقطعون الكهرباء لمجرد أننا قمنا بثورة عليهم ..وقبل ذلك إلى متى سنظل نصمت على من لم يسددوا فواتير الكهرباء منذ نصف قرن لمجرد أنهم يعتقدون أنهم هم الثورة وهم أبوها وأمها؟ .

________

نقلاً عن صحيفة الجمهورية