الاربعاء ، ٢٧ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٠٥ صباحاً

النفاق العربي

هيثم الحاج
الثلاثاء ، ٢٥ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠١:٥٠ مساءً
مما لاشك فيه أن فلم " براءة المسلمين " يمثل اعتداء صارخ وعظيم على مكانة نبينا الامين نبي الرحمة "ص" وعلى معتقدات وثوابت ومقدسات ورموز الامة الاسلامية، وفي الوقت الذي يستحق هذا التصرف المشين أعلى درجات ومستويات الرد، فان حدود هذا الرد يجب ان لاتخرج عن الطريق المنطقي والعقلاني والحضاري بل يجب ان لاتخرج عن حدود سلوك الاسلام الناصع الحقيقي، لان غير ذلك من تهور وحرق وقتل هي اساءة اضافية للاسلام تضاف للاساءة الاصلية في الفلم وقد يكون رد الفعل هذا هو رهان من أنتج الفلم وعمل على عرضه وانتشاره في هذا التوقيت من العام على وجه الخصوص حيث ذكرى احداث الارهاب الدموي في ايلول نيويورك 2001.

ومع ذلك وكمواطن عربي مسلم وخلال عدة ايام من انطلاق اخبار وصور ولقطات من هذا الفلم المشين والاستفزازي، أجد من الضرورة مراقبة وتأشير بعض ردود الافعال الشعبية والرسمية في هذا البلد العربي أو ذاك لتكوين قراءة واقعية لما يدور حولنا من كوارث داخلية أشد قوة وضررا لنا من اي كارثة او استهداف خارجي بل ومن الفلم نفسه.

محمد الوادي فبداية الموقف الرسمي العربي عبارة عن "ميوعة " سياسية في بعض البيانات الرتيبة البائسة وفي جانب أخر عدم الاكتفاء بالادانة بل وتقديم وتكرير الاعتذارات بشكل غير مبرر وغير محسوب كما حدث مع مرسي مصر !!اما بطل التحرير والرمز الجديد للعرب أوردغان العثماني فقد اكتفى بأن جعل نفسه حكما بين اصحاب الفلم واصحاب المظاهرات وكأنه من الهندوس !! ناهيك عن حكومات عربية كأنها تعيش في عالم اخر فلم تصدر حتى مجرد بيان ولو من النوع " الروتيني الهجائي او العنتري " الذي اشتهر به العرب دون غيرهم من الامم.اما وعاظ السلاطين الذي حللوا قتل العرب والمسلمين في العراق لمجرد الاختلاف المذهبي فلقد لاذوا بصمت القبور، بل ان الفلم يعتدي بشكل مباشر على السيدة خديجة دون أدنى رد فعل ولااحد يجزم ان كان الفلم سيعفي السيدة عائشة من التطاول عليها في الجزء الذي لم يعرض حتى الان فهل ينتظر القاعدون مثل هذا الاعتداء دون غيره لتاكيد طائفيتهم المقيته ونفاقهم المفضوح وتسخيرهم المعتاد للدين لتدمير الامة وتفريقها مع العلم ان السيدتين خديجة وعائشة من أمهات المسلمين بنص صريح في القران الكريم في سورة الاحزاب "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزاوجه أمهاتهم ".
ان اهم اشارة من ردود الافعال العربية يجب تلقفها ممكن ان تنحصر بانطلاق مظاهرة ولو صغيرة في قطر تندد بهذه الاساءة وبغض النظر عن الموقف والدوافع والمقاصد والاسباب فان تلك سابقة مدهشة بان يتم السماح بانطلاق مظاهرة في قطر وعسى ان تكون فاتحة خير على أهل قطر لان حكومتهم من اكثر البلدان " الثورية " الداعية والداعمة لمظاهرات الاحتجاج والتغير بل ولما اكبر وأخطر من مجرد مظاهرات في معظم البلدان العربية وكما حدث في في الدور القطري الخطير في ليبيا وسورية. ن

من الواضح وجود تفاوت كبير في ردود الافعال العربية حول الاساءة الصارخة في الفلم المسيء، ويمكن تقسيم ردود الافعال هذه بالمسيسة والمدسوسة كما حدث في بنغازي ليبيا وبين الحضارية والقوية كما حدث في مدن جنوب العراق والفرات لقيادة هذه المسيرة الكبرى بشكل شخصي مميز. اما الطرف الاصم الابكم فهم من وعاظ السلاطين وكتاب مدفوعي الاجر مسبقا الذين دافعوا وبرروا الفعل السيء بحيوية تفوق حتى اصحاب الفلم أنفسهم، ولااعرف ماذا سيقولون عن المجلة الفرنسية التي أضافة اساءة اخرى لنبي الاسلام والمسلمين.

ليس المطلوب أيلول نيويورك جديد ولا تفجير قطارات مدريد ولاباصات لندن فهذه جرائم ارهابية لاجدال عليها وستكون مفارقة كبرى ان المدارس التكفيرية التي صنعت هذا الارهاب تلوذ اليوم بصمت القبور وبشكل معيب ومشين. ان المطلوب الان هو التحرك دوليا لاصدار قانون دولي يحرم الاساءة لكل الاديان والمقدسات دون استثناء لان مبررات الغرب بحرية التعبير تتراجع كثيرا امام الحدية الواضحة والجدية الكبرى لمجرد مناقشة " الهلكوسوت " وهناك امثلة عديدة بهذا الخصوص، كما تتراجع حرية التعبير هذه وتبرز انيابها امام نشر صور العري لدوقة كمبريدج كيت ميدلتون.

المطلوب الذهاب الى الامم المتحدة ومجلس الامن لاصدار هكذا قانون وسيكون من المنطقي ان نرى الدول العربية الناشطة بذبح الشعب السوري والدولة السورية بخناجر مجلس الامن والامم المتحدة ان تمارس دورها هناك للدفاع عن نبي الرحمة الامين "ص" وتترك ولو لساعات قليلة الملف السوري لاهله دون مزايدات دموية كاذبة ومفضوحة ومشينة.

وتبقى العلامة الفارقة الكبرى في هذا الحدث المشين ممكن اختصارها برأي القرضاوي وتفسيره لهذا الاعتداء وايضا الغياب المدقع لقناة الجزيرة والتي فضلت اللوذ والانشغال والمشاغلة بملفات اخرى. واعتقد جازما بان من الطبيعي ان يكون رد الامة بارسال بهائم التفخيخ العربي لقتل العراقيين وفي مدن معينة تحت يافطة ومبرر دفاعا بالاتجاه المعاكس عن نبي الاسلام والانسانية.