الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١١ صباحاً

انفصالي شمالي

حامد صليح
السبت ، ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
حقاً وصدقاً وعدلاً ويقيناً أن كافة المعطيات على الساحة اليمنية ... وهي ساحة مليئة بالتعقيدات الشديدة ... تشير الى أنه لابديل عن الإنفصال كقرار وطني شجاع وحكيم لا مفر منه. وإن يكن قراراً مؤلماً ، إلا أنه لابد منه كخطوة اولى للإنعتاق من الحلقة المفرغة والمفزعة التي مازلنا ندور وندور فيها منذ عام 1994 وربما منذ عام 1990 .... والتي أربكتنا وأنهكتنا وأصابتنا بالصداع والغثيان وأوشكت أن تدمر البلاد والعباد...

فإذا كانت الوحده في 1990 من صفيح أو حتى فضة فإن الإنفصال أصبح اليوم من ذهب وربما بلاتين ، وليكن هذا الإنفصال اليوم قبل غد ... بل ليته كان بالأمس ، وليتنا اصغينا بعقل وروية في حينه لنصيحة حكيم العرب المرحوم الشيخ زايد الذي قال للمرحوم الشيخ عبدالله الأحمر أثناء حرب الإنفصال المشؤمة في 1994 (لاوحدة بالقوة) ....

ولنكن واقعيين ... فأنا أقول إن أي محاولة لترميم وتعكيز هذه الوحدة الشوهاء العرجاء الكسحاء التي لم يكن منها ولافيها أي خير لعامة الناس وبسطائهم... سيكون مآلها الحتمي الفشل الذريع .... وإن بعد سنة أو خمس أو عشر ... فلا فائدة ترجى في وحدة لم تحيي موتى ولم تبرئ لا (نظام الجنوب) الأكمه أعمى الفكر ولا (نظام الشمال) الأبرص فاسد القيم ، وكل ما انجزته هو نقل العدوى من نظام لآخر ... فأصابت الأكمه بالفساد ونكبت الأبرص بالعمى... ومدت في عمرنظامين كان أحدهما يحتضر وفي طريقه الى مزبلة التاريخ وكان مآل الآخر نفس المصير ولو بعد حين... وحدة كانت أشبه بزواج متعة بين جماعات مصلحية مالبثت أن تحول الى نزاع فأصبح من اللازم فسخه.

ولا فائدة ترجى في حوار وطني لإنعاشها أو حل فيدرالي ترقيعي لتعكيزها ... فحتى لو أشعلنا في الشمال صوابعنا لإخواننا في الجنوب (وأنا هنا أتحدث عن إخواننا الجنوبيين كواحد بينما هم في واقع الأمر جماعات أشتات - كما سأوضح أدناه) فحتى لو اشعلناها لهم صوابعنا واستلموا البلاد بمافيها, فإنهم سيظلون دائماً يجترون الماضي ... يذكروننا في كل يوم وساعة ودقيقة أنهم كانوا دولة مستقلة بالغة راشدة (؟) ... وأنهم كانوا دولة مدنية يسودها نظام وقانون (؟؟)... وأن عدن كانت وكانت (؟؟؟).... وأن مينائها كان وكان (؟؟؟؟)... وهلم جرا... وهي القصة التي مللناها في الشمال وزهقنا من تكرارها وصرنا نصاب بالغثيان من كثرة سماعها !!!!!... ونحن معذورين في هذا ... فالشاعر يقول " لاتقل أصلي وفصلي أبدا .... إنما أصل الفتى ماقد حصل" وماكان قد حصل ويتكرر حصوله لديهم في الجنوب وبشكل شبه موسمي كان بأساً شديداً بينهم بعيد كل البعد عن الرشد أو النظام أو المدنية ولاينسجم بحال من الأحوال مع تلك المزاعم الجوفاء....

أضف الى ذلك التعقيدات والتشوهات الاخرى في الحالة الجنوبية ... فالأصل في هذه الدعاوي التي صدعنا بها إخواننا الجنوبيين أنهم ، وعلى عكس ما يزعمون من تمدن ، مصابون بداء عضال إسمه العصبية المناطقية ... وهو داء خبيث متمكن منهم يجري منهم مجرى الدماء في العروق ... متغلغل في عقولهم ووجدانهم ووعيهم الجمعي الى النخاع ... فهناك العدانيه وأصحاب أبين والحضارم (وهؤلاء أيضاً أشتات) وأهل شبوه وأهل الضالع وأصحاب يافع وأصحاب ردفان وأصحاب لحج .. لسان حال كل منهم "وما الأرض إلا لنا وحدنا" ...

وعندما تهاجمهم نوبات هذا الداء لا نعد ندري هل توحد الشمال مع دولة جنوبية واحدة أم مع عدة دول ... ولا كيف يمكن أن نرضيهم ولا ما الذي يرضيهم .... والحقيقة أنهم معذورون في عصبيتهم هذه التي عززها لديهم الإستعمار البريطاني الذي لم يتعامل مع الجنوب ككيان واحد أرضاً وإنساناً بل ككيانات مستقلة منفصلة في مشيخات وسلطنات ومحميات مستقلة ... والخشية أن نصاب في الشمال بعدوى هذه العصبية بكل مايعتريها من دموية وعنف ... بل أخشى أننا قد اصبنا بشيئ منها خلال سنوات الوحدة ... والخشية كل الخشية أن تتفشى وتنتشر بيننا إذا استمرت هذه الوحدة الكابوس...

وأنا هنا لا ابالغ ... فدمويتهم ثابتة ويمكن إقامة الدليل عليها ... من ذلك مثلاً ما اسميه عجائب الجنوب الخمس - وأعلم أن كثير من القراء الكرام يستطيعون أن يعددوا لنا بدل الخمس عشرين أو ثلاثين عجيبة دموية اخرى لكني سأقتصر ربما على خمس من أشهر عجائبهم الدموية - وهي طائرة السفراء وخيمة المشايخ وكراسي العلماء (علماء الدين الذين كانوا يجلسوهم على الكراسي في الساحات ويفجرونهم أمام الحشود) ومحاكمة سالمين وشنطة الغشمي ،،، ناهيك عن أحداث يناير وماسبقها ولحقها من أحداث ... أما كونها معدية فدليلي أننا كلما تقاربنا معهم طار لنا رئيس ... طيروا المرحوم الحمدي (او تسببوا في ذلك) ثم الغشمي ثم شبه المرحوم صالح. وأمامهم الآن مشروع المرحوم هادي ... مالم ننفصل قبلها (مرجعي بالنسبة لهادي التقرير البريطاني الذي أصدره تشاتام هاوس). والحقيقة أن تخصصهم تطيير رؤوس الرؤساء والقضاء عليهم ... بمافي ذلك رؤسائهم الذين انتهى ثلاثة منهم إغتيالاً أو إعداماً أولهم قحطان الشعبي ثم سالم ربيع ثم عبد الفتاح (اعلم أنه كان أميناً عاماً عندما قتل لكنه ترأس في الفترة قبل علي ناصر).

وبهذه الثقافة العنصرية نجد أنهم – أفراداً أو جماعات – كلما استعصى عليهم مطلب أو مغنم كالوا الإتهامات بإلإضطهاد والتمييز .... وعادوا يجترون هذا الماضي التليد وهبوا للمطالبة بالإنفصال عن "الدحابشه" وإستعادة مينائهم ونظامهم ودولتهم المدنية ... بعيداً عن "الشمال القبلي المتخلف" ... متناسين تماماً ماكانت عليه عدنهم ومينائها في الزمن الإشتراكي الرديئ وكيف توسعت وازدهرت بعد الوحدة ودبت فيها الروح بعد أن قتلها نظام قادته من الجهلة أشباه المتعلمين والمتعنترين والمزايدين أصحاب الفيل الأبيض ... نظام كان يزايد على كل شيئ ... قام بتأميم أكشاك الصحف وقوارب الصيد وقتل كل شيئ اسمه عمل حر خاص ... نظام لم يبن شيئاً ولم يستطع حتى الحفاظ على ماتركه له الإستعمار "البغيض" من مستشفى أو شارع أو مبنى فأهملها حتى أهلكها الدهر ... وكان الشيئ الوحيد الذي حافظ عليه هو المصفاة التي رغم أنها من مخلفات الإستعمار البغيض إلا أنه حافظ عليها وعلى علاقة متميزة ببريطانيا لأنها (المصفاة) كانت بقرته الحلوب للعملة الصعبة ،،،

ومتناسين كذلك الوجه الحقيقي الإجرامي لتلك الدولة المدنية المزعومة التي كانت بدمويتها وهمجيتها أشد تخلفاً من بعض قبائل أفريقيا آكلة لحوم البشر ... كما ثبت عملياً في أحداث يناير 86 وأحداث قحطان وسالم ربيع من قبلها...

ومتناسين أيضاً حجم العلم والتعليم الذي جاء بعد الوحدة من الشمال الذي يزعمون تخلفه الى الجنوب الذي يزعمون تقدمه... الجنوب الذي يصور لنا علمه كأنه من مستوى "نوبل" في حين كان من مستوى مدارس النجمة الحمراء ... وكان معظم خريجيه من إنتاج جامعتي الصداقة ولومومبا سيئتي الصيت والسمعة ... ومتجاهلين حالة البؤس الأكاديمي التي كانت عليها جامعة عدن وبؤس إمكاناتها التعليمية والمعملية وكيف انتشلتها منها الوحدة لتصبح ماهي عليه اليوم ... وكم جامعة وكلية افتتحت في بقية محافظات الجنوب بعد الوحدة وبفضلها ... وفوق هذا وذاك كم عدد جامعات الشمال وكم أعداد خريجيها وكم أعداد المتعلمين في الشمال أصلاً ... لكن المشكلة أن الحقد الذي يملئ القلوب يعمي البصر بعد البصيرة ... ففي الجنوب اليوم مناطق أشد تخلفاً من أشد مناطق الشمال تخلفاً ... وماكان في الجنوب من قشور لمدنية بائدة لم يكن لإخواننا الجنوبيين فضل في تكوينها بل كانت من إنجازات الإستعمار البغيض ... رحلت مع رحيله وكانت محصورةً في محمية عدن ---- التي كان أهلها مثلما هم اليوم ينظرون لأنفسهم كعرق آري فريد يحتقر ويرفض الآخر كائناً من كان ... جائهم من بقية محميات الجنوب أو هبط عليهم من الشمال ---- في حين كانت بقية مناطق الجنوب في حالة يرثى لها وفي قُمة التُخلف (بالضمه فوق القاف وفوق التاء كما ينطقها بعضهم)...

سيظلون يطالبون بالإنفصال مهما كان ومهما يكن ومهما تحقق لهم .... وسيظل هذا المطلب وسيلتهم الأقرب والأسهل للإبتزاز السياسي ولنيل ماليس لهم .... وليس أدل على ذلك من الوضع اليوم --- ومنهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونصف وزراء الحكومة (انظروا الى طيبة وتسامح الشماليين وتعاملهم الحضاري مع هذا الوضع الشاذ) ومع ذلك لم ولن تنل هذه الوحدة رضاهم ومباركتهم .... فهم مستمرون في المطالب الإنفصالية وسيستمرون في المطالب الإنفصالية أفراداً وجماعات ومدناً ومناطقاً وقبائلاً الخ الخ . ولهذا دعونا ننجز اليوم إنفصالاً سلمياً بإرادتنا خيراً من أن ننجزه غداً كرهاً وسط سيل من الدماء.

نريد الإنفصال لكي ننهي المماحكات البغيضة والمخزية التي لا تليق بهذا الشعب الكريم العريق ... المماحكات التي تجرح الجميع وتسقطنا من أعين بعضنا البعض ومن أعين الآخرين ... مماحكات وتراشقات نشبت بين متمدن عدني ودحباشي صنعاني ... وتقدميي جنوبي ومتخلف شمالي ... ولكي نخلص من قصة الدولة التي كانت ... والميناء الذي كان في خمسينات الزمن الذي ولى ...قبل أن تظهر موانئ جده وجبل أبوعلي وصلاله وحتى جيبوتي .... نريد الإنفصال لكي يتفرغ كل شطر لحلحلة مشاكله بدلاً من الإشتباكات والتراشقات والمماحكات فيمابيننا ... والتي جرحت الجميع وسمحت وستظل تسمح للمشاكل الأمنية والإقتصادية بالتوسع والتمدد والإنتشار وتدمير البلاد على رؤس الجميع ... ناهيك عن وقوف حال الناس وإستفحال البؤس والفقر . نريد الإنفصال لكي ننتهي من المناطقية الطائفية العنصرية البذيئة والبغيضة ونبداء التركيز على المشاكل المعيشية الحقيقية ومواجهتها وحلها ...

ولهذا فإنني كشمالي شديد الإيمان بالحل الإنفصالي احيي كل القيادات الجنوبية السابقة واللاحقة في الداخل والخارج ... التي وصلت بالفعل والتي ستصل في القريب العاجل الى عاصمة الجنوب عدن لفك هذا الرباط المشؤم غير المقدس – الأشبه بزواج المتعة للفاسدين - وإنهائه ورمي حباله وأحابيله في البحر الى غير رجعة... وأنتظر بفارغ الصبر وصول بقية القيادات وعلى رأسها الزعماء علي سالم وعلي ناصر وحيدر العطاس ومساعديهم وأعوانهم ومن دار في أفلاكهم.... وأشد على أيديهم جميعاً واناشدهم نبذ خلافاتهم وتوحيد جهودهم والعمل المخلص الدؤوب لفك إرتباطنا في الشمال عن الجنوب بأسرع وقت وبشكل سلمي .... ونحن في الشمال نقف معهم ونؤيدهم قلباً وقالباً ... فنضالهم ونجاحهم يعنينا ويهمنا لأن قرارنا الإنفصالي في الشمال لم يعد بأيدي بسطاء الناس بل تم إختطافة من قبل القوى التي نهبت الجنوب والتي صرحت أنها ستحارب وتقاتل وستجعل الدماء تسيل الى الركب للإبقاء على الوحدة ... وهو الموقف الذي لا يمكن إلا لساذج أو معتوه أن يعتبرة نابعاً عن شعور وطني وحدوي لدى هذه القوى الإنتهازية الدموية الفاسدة التي لم يوجد ولن يوجد في تاريخها السابق أو اللاحق أي أثر للوطنية أو للمواطنة ولا للوحدة - إلا إذا كان المقصود بالوحدة وحدة المغنم أو وحدة من يحيا بشعار "أنا وليأتي الطوفان من بعدي" - وإنما هو موقف يعكس حرصها على الحفاظ على مصالحها الإنتهازية النفعية الفردية الشخصية المتمثلة في أراضي نهبتها أو إتفاقات نفطية أو غازية أو سمكية ستخسرها عندما يتم الإنفصال ...

فالوحدة لم تحقق شيئ للمواطنين البسطاء لا في الشمال ولا في الجنوب والشئ الوحيد الذي حققته هو إطالة عمر النظام في الشمال 21 سنه وتوفير مزيد من الوقت لقوى الفساد والإفساد لمواصلة إمتصاص دماء هذا الشعب ونهب خيراته... وهو النظام الذي كانت كعكته تصغر كل يوم مع دخول مزيد من الأبناء والأحفاد والأنساب والأحباب الى عالم المال والأعمال وكلهم يريد حصته ...والكعكة تصغر ومعها تصغر الحصص كل يوم .... وكانت الوحدة حبل نجاته.... تماماً مثلما كانت حبل نجاة نظام الجنوب الذي تداعى بتداعي الإتحاد السوفيتي ....... فقد كبرت الوحدة الكعكة التي كانت توزع على الفاسدين والنهابة بعد أن كادت كعكة الشمال لوحدها أن لا تكفي وكاد أن لا يبقى منها شيئ للآخرين من مشائخ ومراكز قوى اخرى... ولولا الوحدة لكان الحبل قد إنفرط من زمان ولكان المشايخ ومراكز القوى الاخرى قد اختلفوا مع النظام وتمردوا عليه وقاموا بترحيله في التسعينات ....

الخلاصة أننا ال 15 أو ال 16 أو ال 17 مليون مواطن في الشمال هرمنا وسئمنا ومللنا وطفشنا وطرشنا من الحديث المتواصل عن الإنفصال ...والإبتزاز المستمر للدولة ... والمتاجرة المكشوفة المفضوحة بما يسمى قضية الجنوب مره مع حكام صنعاء وثانية مع حكام إيران وثالثة مع حكام قطر ورابعة بينهم البين ... ولازالت القضية في السوق معروضة لمن يدفع أكثر ... وكل هذا الإبتزاز والمتاجرة من قبل قيادات إنفصالية كثيره في الداخل والخارج لم نعد نحفظ أسمائهم من كثرتهم وكلهم يتصرف كما لو أنه الممثل الشرعي والوحيد والأوحد لملايين الجنوب الثلاثة أو الأربعة أو الخمسة.... علماً أن هذا السأم والملل والطفش والطراش زاد عندنا في الشمال وبلغ أقصى مداه خصوصاً بعد أن صار رئيس الجمهورية من الجنوب ورئيس الوزراء من الجنوب وأكثر من نصف وزراء حكومة الثورة من الجنوب ،،، ومع ذلك ولا شيئ عاجب... بل استمرت دعاوي الإنفصال وزادت شهية الإنفصاليين فخرجوا كالخفافيش من الظلام وبعث منهم من كانوا في القبور فتداعوا من الخارج والداخل وتوافدوا وكلهم ناصب شباكه يبحث له عن موطئ قدم خصوصاً بعد أن أصبح رفاقهم في رأس السلطة ووسطها وذيلها .....

نحن نريد الإنفصال ليس فقط لكي يجد كل واحد من الموجودين والعائدين موطئ قدم له في دولة الجنوب المستقلة ولكن أيضاً لكي نتحرك للأمام ونحلحل بقية مشاكلنا واحده واحده ... لكي يتفرغ إخواننا الجنوبيين لبناء شطرهم ونتفرغ نحن لبناء شطرنا ... اليوم نحل مشكلة الجنوب وغداً بإذن الله نحل مشكلة الحوثي ... وبقاء القضية الجنوبية والقضايا الاخرى معلقه بدون حسم فيه ضرر على الجميع ...

كما أن بقاء الوحدة ليس فيه مصلحة وطنية عامة ، بل مصالح شخصية لأفراد من النهابة الفاسدين من مثل فلان وعلان وزعطان وغيرهم من بقايا النظام السابق الذين أفسدوا كل شيئ ونهبوا كل شيئ في الشمال والجنوب من أراضي ونفط وغاز وديزل وسمك وموانئ وباعوا الحدود والكرامة والسماء والهواء ودمروا الأخلاق والقيم وعاثوا في الأرض فساداً مابعده فساد ...

وليس لنا كمواطنين بسطاء أي مصلحة من الإستمرار في تمكين هؤلاء الأفراد من نهب أراضي الجنوب ونفطه وسمكه وموانئه...بل أننا متضررين تماماً مثلما إخواننا الجنوبيين متضررين ... فكلما ازدادت بؤر الفساد ثراءً – خصوصاً منها البؤر القبلية - إزدادت عتواً ونفورا ... واستماتت في الإنتقاص من هيبة الدولة وفي التنكيل بها وإمتهانها وعرقلة بنائها ... وهذا ليس رأينا فقط بل مقولة قديمة وحكمة أصيلة مفادها أن القرش (الريال) في جيب القبيلي مفسده .... وأن "القبيلي الذي بجيبه ريال لايقر له حال" و "يفسد على الدولة" ويجلس "يتقفز ويتنبع" ... ولهذا كانت حكمة الأئمة الخالدة والمتوارثة إماماً من بعد إمام هي "جوع كلبك يتبعك"... تجويعهم الى درجة أن أحد الأئمة رد على الرعية الذين جاءوه يشتكون من جور ما يفرضه عماله عليهم فقال "إن الله سيحاسبني على ماتركته في أيديكم لا ما أخذته منكم " .

إن قدر كبير ممانعانيه اليوم هو نتيجة حتمية منطقية للبطرة المتفشية بين المشايخ الذين أفسدهم المال الوفير الذي يصلهم من عدة جهات ---- من الدولة ومن الجار ذي القربي والجار الجنب ممن "إذا دخلوا قريةً أفسدوها" ، ومن المال الذي اكتسبوه من الأشغال والأعمال التي مكنهم النظام منها لشراء ولائهم... من شركات إتصالات ووكالات تجارية ونفطية وسمكية وكهربائية وديزلية وهلم جرا .

فإلى الأمام أيها المناضل علي سالم ورفاقه والى الأمام أيها الإنفصاليون في كل مكان ولتعد براميل كرش -- الآن الآن وليس غداً -- رمزاً ونتيجةً حتميةً للواقعية السياسية التي توصل الناس الى طريق وتنفعهم ولاتضرهم ... وكمايقول المثل الشعبي آخر العلاج الكي ... ولمن لم يعجبه كلامي ربما يقنعه المثل الآخر "جنان يخارجك ولاعقل يحنبك"... فالإنفصال جنان لكنه يخارج . فهو بدايه لحلحلة المشاكل وسحب لبساط المزايدات من تحت أرجل الفاسدين في الجهتين .

ختاماً ،،، لنا من الآن طلب واحد من إخواننا في الجنوب ... أن يبقى معنا الرئيس هادي رئيساً للشمال فقد أثبت فعلاً أنه الرئيس المحب لليمن الحريص عليه.