السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً

وداعا للفهلوة وسياسة الانتقام ...

عباس الضالعي
الاربعاء ، ١٠ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
اليمن واحدة من الدول التي هبت عليها رياح التغيير للتخلص من النظام الإستبدادي الفردي الذي عمل على إعاقة التحول الشامل لأكثر من ثلاثة عقود مضت ، واليمن بفضل هذا النظام نالت درجات من التدني السلبي حتى وصلت إلى المرتبة الثالثة ( ـــ ) وترتيب اليمن تحديدا ثالث دولة على أسفل قائمة دول العالم ولم يبقى بعد اليمن إلاّ دولتين واحدة منهما هي الصومال ، هذا الترتيب السلبي هو الذي دفع بالشعب للثورة على نظام كاد ان يهلك كل شيء وقد أهلك الكثير فعلا وعملا وكان علي عبد الله صالح السبب والمسبب في تجريع اليمن وتجويع اليمنيين وقد أكلّ الشعب فهلوة وخطابات رنانة ووعود عرقوبية حتى وصل باليمن الى مستوى عالي من التأخر والتدهور وحقق لليمنيين أحلام التعاسة والإنتكاس ، وأعاد لليمن أمجاد الماضي حتى وصل الأمر إلى إعادة أدوات الماضي البعيد ليكون اليمن هو البلد الوحيد الذي أستطاع أن يستعيد مجد الحياة الغابرة ، فقد تخلى الناس عن ركوب السيارات التي أقتناها الناس خلال العقود الخمسة الماضية ونتيجة للتقدم السلبي الذي سعى علي عبد الله صالح ان يحققه لليمنيين بإفقارهم وتدميرهم بسياسة التجويع والتركيع والإذلال ، حين بلغ التدهور الى الذروة تخلى الناس عن وسائل العصر في المواصلات فأستبدل الناس في اليمن( تحت ضغط الفقر ) السيارة بالحمير ، وأعادوا الحمار إلى الخدمة من جديد إستلهاما منهم حضارة الآباء والأجداد التي كانت حضارتهم عامرة بواسطة هذه الحمير ومعها الإبل لتحقيق ما وعد به علي عبد الله صالح في حملته الإنتخابية عام 2006م بأن ينفذ مشروع لسكك الحديدية على طول الشريط الساحلي ، وتحقق هذا الوعد لكن بأثر سلبي عبر سفينة الصحراء التي كانت هي الوسيلة الوحيدة للنقل قبل خمسمائة عام بواسطة الإبل ، وتحقق لليمنيين أن أستبدل لهم طاقة الكهرباء التي تعتمد على الديزل في التوليد إلى طاقة نظيفة تشابه الطاقة التي تستخدمها اليابان وألمانيا من خلال الطاقة النووية وتحقق هذا عمليا وبنفس المستوى من التأخر والتدهور ، أختفت الطاقة الكهربائية وأستبدلت بالشموع والفوانيس والحطب .
قبل أن يقفز الرئيس السابق الى كرسي الحكم عبر مسرحية دموية مكشوفة كان اليمنيين يعيشون أروع فترات الزمن وكان كل شيء في متناولهم وكانوا عند مستوى معيشي لائق أسوة بمستويات المعيشة في دول الإقليم ، واليوم وبعد جعجعة وطحين علي عبد الله صالح لهذا الشعب أصبحت الأرقام مخيفة والتقارير الإقتصادية محل قلق ، فهناك ما يقارب من عشرة ملايين من اليمنيين تحت مستوى خط الفقر ، وخمسة ملايين يبيتون الليل دون وجبة العشاء ، وستة ملايين طفل تقريبا يعانون من سوء التغذية وهذا يؤدي الى تدهور الوضع الصحي لهم بسبب عدم حصولهم على نمو طبيعي أو شبه طبيعي ، وبعبارات أقرب ومعاني دقيقة ومحددة الوضع وصل في اليمن الى الكارثة المحققة على كل المستويات .

التدهور الكارثي الذي لحق باليمن خلال العقود الثلاثة الأخيرة طبيعية ومنطقية وكان حتمي ان يصل الوضع الى هذا المستوى بسبب السياسة الفاشلة التي اتبعها الرئيس السابق من خلال اعتماده على اساليب ارتجالية وشخصية وكان عهده ممهورا بالفاشلين والمتصنعين والمزيفين للواقع ، وقد أراد هذا الرئيس الذي هو " مخلوعا " اليوم ان يوسع من دائرة الفاشلين والسيئين من حوله ويكفيه منهم أن يقدموا له الطاعة ويحافظون على كرسي الحكم ليظل هو " الراكب " الوحيد عليهم وان يقدموا لهذا الشعب " المركوب " أحسن الكلام وأحسن عبارات التظليل والخداع وقد أختار لهذه المهمة جيشا من الدجالين والمطبلين بقيادة الطبال الشاطر والزمار البورجي والراقص البركاني وآخر ما أستحضره الرئيس السابق أن أستنسخ البغل الجندي كصورة قريبة من صحاف العراق تشبه أحمد سعيد في العصر الناصري .

هناك مثل شعبي عليكم ان تكملوا ما بين النقط " إذا تابت ..... رجعت .... " وهذا هو الواقع الذي تتبعه وسائل اعلام الرئيس السابق التي بناها ومولها من أموال الشعب التي سرقها ونهبها وسطى عليها ، وأقول الكلام هذا صراحة لأن علي عبد الله صالح قبل 17يوليو 1978م كان عبارة عن عسكري أمي متخلف و" محيرف ومفلس " لجأ للعسكرة لمواجهة الفقر والحرمان كراعي غنم مشرد عند أحد الرعية في قرية بيت الأحمر وكان هناك من مد يده لردم هذا الحرمان والتشرد ومرحلة " اليتم " الصعبة وألحقه بالجيش كعسكري يأكل كدمة وفول ليتقي بها شر تلك المرحلة ، وهذه المرحلة السوداوية هي التي عملت على تشكيل شخصية علي عبد الله صالح وسيطرة على سلوكه الشخصي والنفسي وهي التي حددت طبيعة مسار تصرفاته اللاحقة وحولته إلى شخص يعتمد على الانتقام معتمدا على بعض السلوكيات الفطرية كالدهاء والذكاء وهذه أشياء يجب ان لا ننكرها ووفاء مني يجب ان اذكرها لأن علي عبد الله صالح رجل يحمل ذكاء ودهاء فطري نادر وهذه الصفات هي التي دفعت به كشخص يسعى للإنتقام ، والإنتقام صفة لصيقة بسلوك وشخصية علي عبد الله صالح فهو الرجل المنتقم على الدوام أنتقم لنفسه من مرحلة الظلم والقهر الأسري الذي عانى منه في مرحلة صباه وأنتقم لمرحلة اليتم ومعاناة العوز والجور في مرحلة شبابه وأنتقم من رفقاء مرحلة التطلع الأولى التي رافقت أول مسيرته العسكرية ، أنتقم من كل شيء وظل سلوك الانتقام يرافق شخصيته على طول فترة بقائه حيا على الدنيا ، هذه بعض الملامح التي أثرت على تكوين شخصية علي عبد الله صالح وأثرت على سلوكه وساهمت في صناعته كشخصية إنتقامية وإنتقائية في آن واحد .

بعد أكثر من ثلاثة عقود من الانتقام والتظليل وتزييف الواقع بواسطة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وجميعها سخرت لصالح تحسين صورة الرجل الذي حكم اليمن بقوة السلاح وفهلوة الإعلام ، أرى اليوم الخطاب الإعلامي الذي تتبعه وسائل الإعلام المملوكة لصالح وبصحوة مصحوبة بالزهد المغلف بالكيد الشيطاني وكأنها تحاول أن تضحك على الشعب مرة أخرى وهي لسان حال الرئيس السابق ، حين أشاهد جزء من برنامج على قناة اليمن اليوم وأسلوب الخطاب الذي تسير عليه ، تقدم القناة سيلا من المغالطات والتظليل المتعمد وتبث مساوئ الأخلاق وتنتقد دون خجل ودون معرفة ، فمن تستهدفهم بالنقد هم من جاءوا على ورثة هائلة من الخراب والدمار ، وهؤلاء الذين تنتقدهم وسائل إعلام الرئيس السابق هم من يعمل على تغطية سوءته ومساوئه وكان الأولى لوسائل الإعلام التي ولدت ومولت من منهوبات الشعب الكريم الذي يلاحقه صالح بكل وسائل الانتقام ، ووسائل إعلام الرئيس السابق تسعى إلى وضع نفسها ومن يقف ورائها أنهم يقفون مع الشعب وكأنهم أمناء عليه وعلى مصالحه ونسوا أن حكومات اليمن ستظل تعاني من تركة الرئيس السابق لسنوات عديدة ويجب أن يعرفوا أن حكومة الوفاق لم يتجاوز عمرها عشرة أشهر وان نصف هذه الحكومة من حزب الرئيس السابق وان أغلبية هذا النصف من كبار الفسدة في البلد ولا زالوا يعملون لعرقلة سياسة الحكومة وقد انذرهم الرئيس هادي في آخر اجتماع له ووصفهم بالفاسدين وحددهم بالأسماء والصفات ، بعضهم فهم طبيعة المرحلة وفهم واجبه وهذا أقول له - والشعب - شكرا لك والبعض الآخر لا زال كالبغل .. لم يفهم ولم يحترم نفسه وهذا سيقول له الرئيس هادي بالتأكيد شكرا !! شرفتنا .

أشفق على الرئيس السابق من إستمراره على هذا المستوى من التفكير واعتماده على التظليل ويعتقد - وهو على خطأ – ان الشعب الذي ضحك عليه ونهب ثرواته انه ذلك الشعب ولم يتغير، ولا زال صالح يعتمد على منهجية التضليل والخداع لتغطية سياسة الانتقام ، وأشفق عليه أن يستمر طوال حياته يمتهن الانتقام ويتقن في تنفيذه ، يكفي صالح انه ترعرع وعبث باليمن وحوله إلى أفقر شعوب العالم وفي نهاية المطاف منحه هذا الشعب صكا وحصنه على كل جرائمه وهذه مكرمه نبيلة من شعب نبيل لكنها منحت للشخص الخطأ .

يجب على الرئيس السابق أن يبادل الوفاء بالوفاء وهي الكلمة التي حفظناها ولم تلاقي عنده أي مسلك عملي وأخلاقي ، ونسي انه الذي حكم بلحظة غفلة من الزمن ، وعليه أن يعرف ويتيقن أن الشعب قد تغير وان الصحوة التي بعثت فيه كروح لا يندمل او يتزعزع ، محاولات اليأس البائسة للعودة حلم قضى عليه بفعل الثورة وديموتها، وان الغفلة هي من تسيطر على ذهنية الرئيس السابق الذي خلع وأقتلع إلى الأبد .

كل من حكم بالفهلوة والشعارات والخداع أوصلوا شعوبهم إلى مرحلة اللا عودة واللا تراجع أو انكسار ، وهؤلاء الحكام الفهلويين وصالح يتقدمهم لا زالوا يطمحون افتراضيا بالعودة تحت وهم التضليل الذي يمارسه عليهم زبانية الخداع والدجالين والأفاكين ، الذين لا يستطيعون أن يحصلوا على المادة دون هذا السلوك ، وهم سبب البلاء والوباء وهم فيروس خبيث أستأصلناه ويجب أن نحمي مستقبل يمننا الجديد من هؤلاء ونحصنه من خبائثهم .

وعلى الرئيس الواثق الشجاع أن يعي إلى خطورة هؤلاء وأنا وغيري على يقين انه الرجل الخبير بالتجربة انه يدرك ان هناك نفرا من حوله يعتبر امتداد لذلك الفيروس الخبيث والدليل على ذلك التسريبات التي تسرب معلومات خاطئة ومظللة مثل تلك المعلومات التي نشرتها صحيفة "الأولى " التي تعتمد على تسريبات من شخص معني بالمعلومات وله علاقة ود تنعكس سلبا على الرئيس هادي والرئيس يعرف بالتأكيد هذا الشخص ويعرف ملامحه ويعرف انه وضع ضمن فريقه يوم أن كان نائبا للوهم ومصدرا للتصفيق وحاملا للمقص ، من حبنا للرئيس هادي هو مصارحته للشعب لا الكذب عليه ومن واجبنا نحوه هو تقييمه ونقده بإسلوب " حسن " ومهذب ، وعليه أن لا يؤكل هذا الشعب الذي منحه كل الثقة ان يؤكله فهلوة وخطب ودغدغة مشاعر، وعليه أن يبادلنا الوفاء بالوفاء ووفاءه للشعب هو أن لا يعتمد ضمن فريقه او يستنسخ للشعب جندي آخر وشامي آخر وبركاني آخر وصوفي آخر وأنسي آخر وبورجي آخر ولو أن هناك صورة مصغرة للبورجي وهي تمسك بنفس المنصب .

كفانا من الكذابين والدجالين الذي لم يلاقي الشعب منهم الاّ كل أنواع المصائب والمهالك ولم يكونوا يوما واسطة أو صله بين الشعب وحاكمه الجبروت بل كانوا عامل تغذية سيئة لكل ما هو سيء وكانوا على حل من العمل الخالص للوطن ، ويجب أن تزول كل مظاهر السياسة التي كان يعتمدها الرئيس السابق في حكم اليمن والرئيس هادي على ثقة من نفسه ونثق بحنكته انه لم ولن يمارس مثل تلك السياسة التي كانت تعتمد على نظرية الفهلوة وتنعكس فعليا للانتقام .

ونظرا لطبيعة المرحلة وتعقيداتها وبروز مناخات محملة بالنوايا السيئة وتهدف إلى وضع امن البلد على حافة الإحتراب ويتمثل هذا بالنزعة التي تسير عليها جماعة الحوثي وتحالفها القوي مع بقايا الرئيس السابق ويسعون جميعا الى خلط الأوراق وعرقلة مسيرة التسوية ، وان اليمن قادم وخاصة القوات المسلحة على عملية " حك الظهر " لمن يحاولون القفز والتطاول وهذه العملية أصبحت ضرورة وفريضة لوقف هذا التطاول ، وهناك شيء من الحيرة وهو ما قام به الحرس الجمهوري من تنفيذ مناورات لقوات الدفاع الجوي في الحرس وحسب ما وصلني أن هذه المناورة لم تكن ضمن البرنامج السنوي ولم تكن وزارة الدفاع على علم بها وحسب ما جاء في الخبر الرسمي أنها تهدف إلى رفع الجاهزية القتالية ، لكنها تحمل رسالة أخرى تهدف لبعث رسالة للرئيس هادي وبعض القوى العسكرية والسياسية وهذا أن ثبتت صحة هذه المعلومات يعني أن اليمن قادم على تمرد من نوع آخر!! ، هذا الكلام لمجرد التنبيه لا أكثر وننتظر التأكيد دون التبرير من وزارة الدفاع واللجنة العسكرية التي بادرت الأسبوع الماضي على تشكيل فرق عسكرية لحصر ممتلكات الألوية العسكرية من الأسلحة والمعدات وهي خطوة ضرورية - ولو أنها جاءت متأخرة - لوقف نزيف تهريب الأسلحة والاستيلاء عليها ، مع العلم أن النهابين يمكن أن يوسعوا من نهبهم قبل أن تصل هذه اللجان وبغفلة من الساهرين على مصالح الوطن ، كل هذه مؤشرات ايجابية والأكثر منها ايجابية هو اقتلاع مصادر التوتر والقلق ومصادرها معروفة واهم واكبر مصدر للتوتر والقلق هو بقاء الرئيس السابق مسنودا بقوات مسلحة تعتبر ثلث الجيش اليمني والجميع يعرف مساعي هذا الشخص ونواياه الخبيثة واستنادا لما عرف عنه يجب أن يقضى فيه قبل أن يقضي على مستقبل التسوية ويعرقل الحلول المنظورة .. .. والعاقبة للمتقين.