السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٢ صباحاً

ثورة 14اكتوبر المجيدة والثوار المجني عليهم

فضل عبدالكريم الجهمي
الجمعة ، ١٢ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
كثيرا من ثوار ثورة 14 اكتوبر المجيدة اجني عليهم ومنهم من اجني عليهم مرتان مرة في حياتهم ومرة اخرى في مماتهم وللأسف الشديد فان الجناة هم انفسهم ثوار ممن صنعوا الثورة وممن ساهموا في نصرها المتوج ثم ممن ساهموا وقادوا البلد فيما بعد الانتصار والتحرر وهنا بيت القصيد فقد ابدى الثوار خلال فترة النضال والكفاح الثوري قدرا كبير من الشجاعة والتضحية رخصت معها حياتهم امام غلا الوطن فحققوا لوطنهم ما يصبو اليه من الحرية.

وبما انهم ثوار وبما انهم قادة الثورة المتوجة بالنصر على امبراطورية الشمس الامبراطورية العظمى فأنهم قد اكتسبوا حقا في ذاتهم وحقا عند شعبهم وهو الحق الثوري مختصرا في كلمة مناضل.

وما ان بدأت المرحلة الثانية من النضال وهي المرحلة الاصعب برأيي والمتمثلة في ادارة البلد المحرر وبنائه حتى بدأت اشكاليات المناضلين في ادارة البلد والذين اداروها وذلك ليس وفقا لكفاءتهم وعلمهم او خبراتهم وإنما اداروها باسم الحق الثوري المطلق الذي لا يعلو عليه حق.

والإشكاليات او لنقل المشاكل التي بدأت مع بداية العهد التحرري الجديد نتجت كنتيجة طبيعية لتلك النقلة الغير طبيعية في حيات الاكثرية العظمى من الثوار والمناضلين والمتمثلة في تحولهم من مقاتلين اشداء مخلصين لهدفهم لا يجيدون إلا لغة القتال الى قادة وقيادات ادارية وسياسية تمتلك الحق الثوري ولا تملك الخبرة في فن وأوليات الادارة والسياسة وذلك لإدارة مؤسسات فما بالك بإدارة بلد لم يرث من ماضيه الاستعماري إلا ميناء ومصفاة نفط وقاعدة ادارية واقتصادية اسست لخدمة القاعدة البريطانية ليس إلا.

لقد كانت منجزات الثوار كبيرة وعظيمة فهم لم يتمكنوا من طرد الاستعمار بإرادتهم فحسب وإنما تمكنوا من القضاء على اذناب وأعوان الاستعمار وركائزه المحلية من سلاطين ومشايخ وتوحيد البلاد بعد ان كانت مقسمة الى نحو عشرين مشيحة وسلطنة , ولكن وبالرغم من هذا المنجز العظيم الذي ما لبث ان تحقق وبعزائم الثوار إلا انه لم يشفع للثوار المناضلين عند بعضهم البعض فبدؤوا في الفتك ببعضهم البعض كأسلوب لحل المشاكل والخلافات وكما اعتادوا في مرحلة التحرير مع خصومهم او ممن يخالفونهم الرأي وتحت هذه الحجة او تلك فانقسم الثوار المناضلين الى جناة ومجني عليهم سقط منهم اولا من لم يجد لغة القتال والحروب وكان يجيد لغة الادارة والسياسة والثقافة والأدب وبقي منهم من اجاد لغة القتال والقتل وهكذا كانت كل مرحلة زمنية فيما بعد التحرر تأخذ حقها من الثوار المناضلين وعلى ايديهم تحت هذا المسمى او ذاك وتحت هذه الذريعة او تلك حتى كان موسم الحصاد الاكبر في 13يناير 1986م الذي التهم ما تبقى او الغالبية العظمى من المتصارعين الاشداء وكثيرا من تلامذتهم والذين تمكنوا من النجاة بعد ان قضوا على رفاقهم في المراحل السابقة من الصراع.

ذهب الكل تقريبا الضحية تلوى الضحية ولم يبقى من الثوار إلا من كانوا صغارا في ادائهم الثوري او في اعمارهم او من انتجتهم ودفعت بهم المحاصة الجغرافية الى واجهة الثورة كممثلي لهذا الاقليم او ذاك وللذين لم يستشعر تجاههم بأنهم يمثلوا رقما صعبا او خطرا يمكن ان يزاحم القيادات التاريخية في قياداتها بل لقد كانوا وبالا على الثورة لأنهم وببساطة كانوا الاداة المطيعة والمتشددة لكل مرحلة في سبيل البحث عن الذات وإثباتها,لقد ورث هؤلاء الثورة وورثوا كذلك حق الحكم على الماضي الثوري وعلى اداء الثوار فلم يسلم الثوار المتنورين في حياتهم منهم كذلك لم يسلم الكثير من الثوار وقادة الثورة بعد قتلهم من التجني عليهم مرة اخرى مواكبة للمرحلة فلقد اجني عليهم احياء ويجنى عليهم اموات وما قحطان الشعبي وسالم ربيع وعبد الفتاح اسماعيل إلا شهودا على ذلك وخصوصا الثائر المناضل عبد الفتاح اسماعيل الذي تشهد له مرحلة الثورة المسلحة والقطاع الفدائي قائدا ومعلما وفدائيا ثم قائدا للبلد حيث يتجنى عليه مرة اخرى ويوصف من قبل من اطلق عليهم بالمناضلين بأنه الاداة التي زرعت الفتن بين ابناء الجنوب بل لقد وصل الجنون الى وصف كل المناضلين وثوار اكتوبر من ابناء الشمال وما اكثرهم بأنهم اساس الفتن في الجنوب او على اقل تقدير عملاء وجواسيس ومتآمرون وهذا يتم بمنهجية موجهة هدفها زرع الكراهية والتعصب.

وهنا نسأل او نتساءل هل لازال للعقل او الحكمة مكان في الجنوب ؟ ولكننا نقول ان الحصاد من جنس الزرع أي ان ما زرع سيحصد.