الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٤٨ مساءً

الرئيس .. وعقدة اللقاء المشترك

ناصر الصويل
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
عقوبة إلهية ..
تابع اليمنيون – بعد كثرة الأقاويل حول تردي حالته الصحية واحتمال وفاته - الإطلالة التي ظهر بها "الرئيس" من خلال وسائل الإعلام المرئية , من مكان تواجده في السعودية , ظهر وكأنه أصيب بشلل تام , ماعدا حواسه العقلية التي لازال يتمتع بها , وظهر ذلك جليا" في أسلوب كلامه المعهود وطرحه الاستعدائي والمتعود عليه في الهجوم على المعارضة – بالذات اللقاء المشترك- وتحميلها مسئولية الأعمال التخريبية التي يرتكبها نظامه ويصفها , بأسوأ العبارات وأقبح الألفاظ , التي لا يليق أن تصدر من إنسان عادي , فضلا" عن رئيس دولة , وكأن المعارضين لنظامه ليسوا يمنيين , واتوا من كوكب آخر, كما ظهرت على وجهه آثار الحروق التي أصيب بها , ولا ريب إن هذه عقوبة عاجلة من الله تعالى في الدنيا , ليذيقه مرارة الألم والحريق بالنار , فالجزاء من جنس العمل , فالذي أقدم عليه نظامه في مدينة تعز من حرق مخيمات المعتصمين في ساحة الحرية , بما فيها من أناس معاقين عاجزين عن الحركة , ومجزرة جمعة الكرامة في صنعاء , ومجزرة مصنع الذخيرة في أبين , والمجازر التي لازال يرتكبها بقايا النظام في حق الشعب اليمني في بعض المدن اليمنية , ليست بالأمر الهين وكما تدين تدان ..

اعتذار للشعب ..
فالرئيس كان المنتظر منه في هذه الإطلالة - المتأخرة - الاعتذار للمعارضة - اللقاء المشترك- وللثوار وللشعب اليمني ككل , عن الجرائم التي ارتكبها نظامه في حقهم , وطلب المغفرة والتوبة من الله تعالى ليتجاوز عن الأخطاء التي ارتكبها نظامه , طيلة حكمه الطويل , ويكفر عن ذلك بإعلان تنحيه عن الحكم وتسليم السلطة للشعب وهو يقرر مصيره , ولكن- للأسف- بدلا" من كل ذلك أطلق العنان للسانه ليتوعد المعارضة – اللقاء المشترك- بالعذاب الشديد , وبالويل والثبور , وبمزيد من التحدي والمواجهة , أي انه لم يتعظ لما حدث له , بل لازال يفاخر بالانجازات الوهمية لنظامه وبالديمقراطية - المزعومة- التي تحققت في عهد نظامه الاستبدادي..

هوس الحب ..
وبعد كل هذا الإصرار على التحدي , والإمعان في إذلال الشعب , والمنطق الاستعدائي واستخدام لغة التهديد والتخوين , لكل من يعارض نظامه المهترئ , ومع كل ذلك , نرى من يهلل لظهوره وكأنه "المهدي المنتظر" الذي سيملأ الأرض عدلا" , فيا ترى هل يستحق هذا الإنسان كل هذا الحب والاهتمام المبالغ فيه , من قبل الأتباع والمناصرين له ؟ , وتلك الهستيريا وهوس الحب الجنوني , الذي وصل إلى حد إطلاق الأعيرة النارية بكثافة و بشكل عشوائي , لتذهب بأرواح العديد من الأبرياء والضحايا من أبناء الشعب اليمني , ويفعلون ذلك بزعمهم إن ذلك تعبيرا" عن الفرح والسرور بظهور "الرئيس" , فإذا كانت هذه طريقتهم في التعبير والشعور بالفرح لظهور "الرئيس"!! , فكيف ياترى ستكون طريقتهم الفرائحية بعودة "الرئيس" إلى اليمن ؟! , فلربما أبادوا الشعب عن بكرة أبيه !! .. أي عقول هذه مجنونة تنساق وراء الأشخاص لا وراء المبادئ وحب الأوطان , فهم يتجاهلون أو يتعامون عن حقيقة هؤلاء الحكام -الطغاة- الذين لا يهمهم سوى كرسي الحكم , مهما كانت التضحيات ولو على حساب دماء الشعوب والرقص على أشلائهم ..

فرض الوصاية ..
إن الظهور المفاجئ " للرئيس " و في هذا التوقيت بالذات وتأخير هذا الظهور حتى هذه اللحظة , كان الغرض منه خلط أوراق اللعبة السياسية من جديد , والعزف على وتر المبادرة الخليجية – ذريعة الوصاية- والمتزامن مع تدارس الثوار والقوى السياسية والاجتماعية والقبلية والعسكرية المنضمة والمؤيدة للثورة السلمية , مشروع تشكيل "المجلس الانتقالي" , والبدء في ترتيب البيت اليمني وتضميد الجراح , وتناسي الماضي وفتح صفحة جديدة , استعدادا" لبناء اليمن الجديد , فكان ذلك دليلا" قاطعا" على محاولة قوى خارجية - معروفة - للتدخل في الشؤون الداخلية لليمن , وفرض الوصاية عليها , وذريعتها في ذلك إحياء المبادرة الخليجية من جديد , وذلك لضمان فرض "الرئيس" البديل , ليتولى حكم اليمن في الفترة القادمة , شريطة أن تكون مواصفاته متطابقة مع المواصفات والمقاييس التي ترضاها , ويفضل لها أن يكون "الرئيس" البديل , نجل "الرئيس" أو احد أقرباءه , وذلك لتبقى اليمن على الدوام , رهينة تحت نظرها , ويظل الشعب اليمني في حالة ضعف مزمن , وعاجز عن النهوض الإنساني والحضاري , ولتضمن بقاء مصالحها الإستراتيجية محفوظة في اليمن في ظل القيادة الجديدة ..

وقفة أخيرة :
يعتقد البعض إن "اللقاء المشترك" هو العائق وراء تأخير الحسم الثوري وانتصار الثورة , وذلك من خلال الدخول مع النظام في مفاوضات وحوارات ومبادرات لا طائل منها , بل على العكس من ذلك أمدت من عمر النظام وأعاقت المسيرة الثورية نحو تحقيق أهدافها الثورية المرسومة .. وهذا الاتهام مجافي للصواب , والحقيقة - باعتقادي- تكمن في تقاعس قطاعات عريضة من أبناء الشعب بالالتحاق بركب الثورة وإعلان الانضمام إليها , بل على العكس من ذلك وجد من يعادي الثورة ويحرض ضدها , ويتمنى ان تفشل في تحقيق أهدافها , وهو يعمل ذلك ليس حبا" في النظام , ولكن كرها" في "اللقاء المشترك" وعلى رأسه "التجمع اليمني للإصلاح" , وهؤلاء الصنف من الناس لازالوا على مواقفهم هذه إلى اليوم بالرغم من بشارات الحسم الثوري والنصر المبين الذي يلوح في الأفق القريب!!..