الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٨ مساءً

العم هائل وهمجية القبائل

جلال الدوسري
الأحد ، ١٤ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
العم هائل عبده بشر العبسي شاب في الثمانينيات من العمر, رجل أعمال بسيط, ووكيل أعمال العبد الفقير إلى الله رجل الخير الملياردير/ شاهر عبدالحق..

يأبى العم هائل إلا أن يظل كما تربى وتعلم في البيئة العبسية التعزية العدنية مدنياً متحضراً مُسالماً في وسط بيئةٍ قبليةٍ همجيةٍ كل مافيها عدوانية وعنجهية... لديه من فضل الله ما يمكن أن يُسكنه إيوان كسرى ويُلبسه تاج قيصر, وما يمكنه لحماية نفسه من شراء حتى ألفين مُصفحة وطقم بالعدة والعتاد,, لكنه بالبساطة التي تجده يمشي في الشوارع ويتجول في الأسواق بمفرده بالزي التعزي العدني التقليدي- الفوطة الملونة والشميز والكوت مع المشدة- وما من سلاح بحوزته سوى القلم وعصاه- الباكورة- التي يتوكأ عليها ويهش بها الذباب..

يسلك طريق القانون في بيئةٍ لا قانون فيها إلا قانون الغاب القبلي, لينتزع حقه بالإصرار من بين أنياب الذئاب ومخالب النسور..

وقبل أسابيع تحصل على حُكم من المحكمة يعطيه حقه في ملكيته لقطعة أرض في العاصمة صنعاء ناوشه عليها بعض المتهبشين من متشعبطي هذا الوطن الذين يرون أن التهبش والتشعبط مرجله في ظل أن كل شيء قبيَّله.. وهم الذين أبوا إلا أن يُصعدوا من تهبشهم الهمجي ويرفعوا درجته إلى حد تتبع العم/ هائل بعد صدور الحكم وهم متبندقين متجعبين.... مُبحشمين مُتبردقين ليقوموا بإختطافه من وسط سوق قريب من وزارة الداخلية في العاصمة صنعاء إلى حيث كهفٍ أو جُحرٍ من تلك التي هي مأواهم ومأوى القردة والحنشان والعكابر..

عملية الإختطاف هذه هي الثانية للعم/ هائل عبده بشر.. والأولى كانت قبل سنين في عهد النظام السابق الحالي.. أي قبل أن يكون قد حدث في اليمن ماهو مفترض أن الثورة الشبابية الشعبية قامت لأجله وهو التغيير.. التغيير الشامل الكامل في أنفسنا أولاً من نهج وسلوك, وفي عادات قبيحة وتقاليد غير صحيحة عند بعض القبائل في ممارساتهم الدنيئة وأفعالهم الشنيعة من تقطع وإختطاف وقتل وسلب ونهب وووووووووو..

حتى أنه في الأشهر الأولى من ثورة الشباب؛ كانت البُشرى تُزف إلى الثائرين الذين ينشدون الدولة المدنية حين كان يتوالى إعلان رجال القبائل تأييدهم وإنضمامهم إلى صفوف الثوار في كثير من الميادين والساحات دون بنادق ولا جُعب.. على أمل أن الثورة قد بدأت تؤتي ثمارها سريعاً وأولى الثمار كان خروج رجال القبائل من دياجين القبلية المقيتة إلى إصباح المدنية على فوانيس الثورة الشبابية.. لكن الأمل سرعان ما أحترق بنار ثقافة الفيد المتأصلة في النخاع القبلي و- حيا بهم حيا بهم..واحنا تورطنا بهم-.. والأيام تؤكد أن القبيلي قبيلي والذيل الأعوج لا يمكن يستني.. وبدل ماكان أحد المشيخ فيهم يجوب العاصمة ترافقه مجموعة من الوجوة المُقززة على أربع أو خمس سيارات نقل أعلاف ومواشي رباعية الدفع؛ صار اليوم يجوب العاصمة بمُصفحة وعدد من المدرعات مع زيادة في تلك الوجوه المرافقة وهي أكثر تقزيزاً.. والأمر هذا بالنسبة لشباب أوقدوا شعلة الثورة بدمائهم وأرواحهم يجعلهم يذهبون إلى عض أصابع الندم, حيث يرون أنه كان عليهم أن يكون مبتدأ ثورتهم ضد العنجهية والهمجية القبلية وبما هي عليه من جهل وتخلف..

أقول ماسبق؛ ومجموعة المتهبشين, قُطاع الطرق, المفسدين في الأرض, خاطفي العم/ هائل عبده بشر ينتمون إلى قبيلة من تلك التي أعلنت إدعاءاً تأييدها وإنضمامها للثورة... وهم في حماية شيخ مشائخ القبيلة عضو مجلس النواب, وهو الفار بعنجهيته وصلفه وبلادته من رأس النظام السابق, راكباً مع الراكبين الهاربين إلى سفينة الثورة والمتسلقين على أرواح ودماء الشباب الأحرار بغية الحفاظ على مصالحهم الشخصية وتحقيق مكاسب أخرى أكثر وأكبر..

وهنا لابد من التأكيد على القول أنه لا أمل أبداً في بناء دولة مدنية حديثة مالم تكن هناك ثورة تجتث القبلية من جذورها, وتحرق كل شعرة قد يتعلق بها بقائها, وكل خيط قد يمكن أن يسهل عودتها مرة أخرى ولو بعد مليار عام..
ويبقى العم/ هائل بشيبته التي لم تُوقَّر,وإنجازاته الوطنية وأعماله الخيرية التي لم تُقَدَّر مُختطفاً حتى
يُقيض الله لهذا الوطن قائداً بحجم الشهيد الخالد/ إبراهيم الحمدي..مادام لا أمل في سلطة اليوم وهي التي أتت بمساندة القبيلة المتفيدة لثورة الشباب..