الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:١٧ مساءً

رســالة الفيلســوف الألمــاني إلــى حــزب الإصـلاح

محمد البعوم
الاثنين ، ١٥ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
يصيـح الفيلسـوف الألمــاني فريدريـك نيشتـه بأعلــى صوتـه لحـزب الإصـلاح الإسـلامي قـائلاً " لا تتــخذون الله شمــّاعــة تعلــّقـون عليهــا أخـطائكم" نيشته الذي كـانت عائلتـه مــُقرّبة للكنيسـة ولكــنّـهُ عـارضهـا لأنّها كانت تتعــارض مـع العـلوم الطبيعية , وتعمـل على إذكاء الحروب وكـان يعتقـد أنـّها مـركـزاً للشعـوذة وناشرة للخــُرافـات.

حـزب الإصـلاح الذي أصبـح اليـوم قـوّة مـؤثّرة وفـاعلـة سـواءاً في الحكـومة أو فـي المعـارضـة لا زال يـوظّــف النصــوص الدينيــة لأغــراضه السيـاسية ويعتبرهــا حقـاً إلاهيــاً بطريقة مـغـلوطة ولغـة مفضـوحة للجميـع. لقــد تخـرّج الكثيـر مـن الخـُطبـاء الحداثيـون مـن جامعة الإيمـان الذي يـُجيـدون صبغـة الديـن وصهـره بالسيـاسة , ويتفنّـــنون في إستقــطاب الجمـاهيـر مـُستغلّيــن بذلك العـاطفة الدينيـة التـي طـالمـا شـاهدنا أيـام الثـورة اليمنيـة المغلوبة عـلى أمـرها تجسيـداً ومثـالاً حــيّ على ذلك.

نعـم حــزب الإصـلاح لـم يـأتي من كـوكب الزُهـرة الذي يـُطلق عليـه كوكب الإنـاث ولكنـّهُ حـزبٌ سيـاسي يحقّ لـهُ المشـاركة في الحكـم أو المعـارضة ولكـنّ المـُفارقة العجيبـة هو فشـلهُ الكبيـر في الجمـع بيـن السيـاسة والديـن إلا أنــهُ أثبت نجـاحهُ الكبيـــر في تـأليـب الشـارع وشحنـهِ بالطـائفية الدينية ووجوب التّبعيـة فهـو الحـزب الوحيـد الذي جمـع القــوّة الرُبـاعيـة المــال والإعــلام والجيـش والقبيـلة لينتـج دولـة مـُصغـّرة داخـل دولة إسمهــا الجمهـوريـة اليمنيـة.

حـزب الإصـلاح للأسـف لا زال حـزب جهـوي قروي يؤمــن بالقبيلـة ويدعمهـا , الحــزب الأوحــد الذي يملـك مليشـات هائلة تتُقـن فنـون ومهـارات القتـال ولديها جاهزية ويقـظـة عاليه للإقتحـامـات وتنفيـذ الإغتيـالات وكـذلـك الإستعــداد لخــوض حــرب مـفتـوحـة ,فـي مــُعظـم مـناطـق اليمــن.
لذلـك تبــرز الكثيـر من التسـاؤلات عـن مـاذا قدّم حـزب الإصـلاح لليمـن مـن مشـاريع تنمويـة وإجتماعية وصحية وإقتصادية . عـلـى مـُخلتف الأصعـدة يــُدرك المـواطن أنّ برامـج الإصـلاح فقيـرة للدراسـة عـن إيجــاد خـُطط إستراتيجيـة و إقتصـاديـة تــُلبـي وضـع البـلد الآيــل للسقــوط , لأنّهم مشغوليـن بالإستقطاب والإستقواء وجـذب الأفـراد وزيادة عـدد الأعضـاء .فلقـد تورّط حـزب الإصـلاح بإستغلالهِ للديــن عـلى مـدى تـاريخـه , فهــو متورّطً بتكفيـر الجـنوب , وتصديـر مليشيـاته في حـرب 94 , ومـُتهم بقتـل القيـادي الإشتراكي الراحـل جـار الله عـُمر , ومحـُاربـة الأفكـار السيـاسيـة الفلسفيــة المـُتجرّدة من الدين , ومـُعاداة الحـركات اليسـاريـة مثــل الليبراليـة والقـوميـة والعلمـانيـة التــي لا تتــّخـذ الديــن كعنصــر أساسـي فـي مـُعظم مـحاورهـا الهـادفـة إلــى تطـويـر مفهـوم الدولـة وبنائهـا.

حـاليـاً يـُتهـم مـن قبـل النـُخب والمفكّرين اليمنيين بـأنّهُ حـزب ظلامي رجعي تكفيـري يعمـل عـلى حشـد أنصـاره للتوسّع في الجنــوب والإعــداد الكبيـر للإستيـلاء عـلى السـُلطة حيـث أنـّهُ سعـى لتغييــب مشــروع الحمـدي الرامـي لبنـاء دولـة مـدنيـة مؤسسـاتـية, حيــثُ يسعـى هـذا الحـزب الأصـولي لرفـع شعـار الإسـلام هـو الحل للعمـل على غطـاء إيديولوجـي يخـدم أهدافه ويُعـزّز مـن قدرته على التعـامل مع الأحـداث وذلـك بفـرض وجـوده كقـوّة حـاضـرة ووحيـدة على السـاحة اليمنية بـدون وجـود قـوّة سيـاسيـة تعمـل عـلى إحــداث توازن بيـن القـُوى. إن تخبـّط حـزب الإصـلاح الذي ذاب في السلطة ونشأ فـي أحضـان النـظام السـابق قـد خـرج مـن رحمـِـه فئة إسلاموية تكفيرية مـُتشددّة متعطشّة للدمـاء أفـزعـت النـاس وخوّفـت الآمنــيـن وهـي مـا يـُسمّـى بأنصــار الشريعـة الذي دعـا "محمـد عبد المجديد الزنداني بعـدم مقاتلتهم" ودان ضـربـات الجيــش وإنتصــاراتهم لضرب التنظيم.

لـم يُقدّم حـزب الإصـلاح أُنمــوذجـاً للتنميـة والديمقـراطيـة وحتـى بعـض الصيـغ الإسـلامية التـي طالمـا تبّجحـوا بهـا , وضجـّوا بهـا الإعلام قـد ضربـوا الديـن مـن خاصرته وأضفـوا الهـالة المـُقدّسـة علـى فتــاوى مشــائخـهم في حيـن أنّ قداسة الديـن لديهـم لا زالـت هـلامية مـُقارنةً بالحـزب ومشـائخه فمثـلاً لديهم فقـه الضـروريات الذيـن يستغـلّونه في مـُخالفة الشـرع الحنيـف والنصـوص القـرآنيـة الثابتة. لذلـك ينبغـي على كل المتعلمين إعادة قراءة تاريخ مجتمعاتهم ، فكل ما "تعلمناه" أو بالأحرى علمونا إياه، عن بطولات وشهامة وإيمان "أجدادنا" خاطئ ومخطئ في جزء كبير منه على الأقل .
خـُلاصـة الأمـر يتضح لنـا فشـل تجربـة الإسـلام السيـاسي الذي تحـوّل إلى وسيلـة لجمـع الثروة والإستمرار في الإستحواذ والهمينة الواحديـة عـلى حسـاب مفـهوم مبـدأ الشـراكة السياسية حيـثُ أنّ السيطــرة على الأجهزة الأمنية والنقابات والمحـافظات وربطهـا بالحـزب تعتبـر كارثـة سياسيـة وتوسّـع إيديـولوجـي يُضعـف معـارضة الشـارع ضـدّه وذلك مـن خلاــل فـرض السيطرة على المشهد السـياسي وبقــائـه الواجهـة الإعــلاميـة لليمـــن .