السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٢ مساءً

أدلة فشل الحزب الحاكم في إدارة الدولة

د . عبد الملك الضرعي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
يعاني المواطن اليمني من قسوة معيشية بلا حدود ، والحزب الحاكم يرجع سببها إلى المعارضة ، إنه بذلك الإتهام يعلن عن فشله في إدارة الدولة ، وأمام ذلك الفشل الذريع عليه إعادة السلطة إلى الشعب ، لقد اعاد الحزب الحاكم الشعب عقود إلى الخلف فحروب طاحنة في مناطق مختلفة ، مليشيات مسلحة تنشر الرعب في الأرياف والمدن، توقف لمشروعات التنمية وتحويل موازناتها لنفقات ذات مغزى سياسي ، والشمع وسيلة للإنارة والحطب للطبخ وأفران الخبز!!! لقد تحولت عاصمة الدولة إلى قرية نائية ، فما هو حال الريف هل عاد إلى القرون الوسطى؟؟؟!!!

إن مانطرحه هنا لايمثل وجهة نظر حزبية كون كاتب هذه السطور في الأصل لاينتمي لأي حزب سياسي، بل رؤية منطقية تؤكد على المسئولية القانونية لأي نظام حاكم تجاه شعبه ، وبالتالي فواجبات أي حزب حاكم حماية النظام والقانون ومصالح الناس ، وإشكالية الحزب الحاكم في اليمن أنه أول من يخرق النظام والقانون ، وهو أول من يضر بمصالح الناس ، فالظلم في المحاكم ، والتمييز المناطقي والحزبي والفساد بمختلف أنواعه ، يمارسه رموز الحزب الحاكم دون رقيب ، بل وصل الأمر حد توقيف ملفات المئات من الفاسدين الموجودة في هيئة مكافحة الفساد بتوجيهات عليا، وبالتالي اصبح الحزب حامياً للفاسدين لامحاسباً لهم ، ومن ثم كان قيام الثورة الشبابية في الأصل ردة فعل بسبب فشل الحزب الحاكم في إدارة الدولة منذ سنوات.

نحمل الحزب الحاكم مسئولية تدهور الأوضاع لأنه درج منذ سنوات على احتكار مختلف المناصب الإدارية من الوزير إلى المدير وحتى البواب..الخ، بينما استبعد المستقلين والمعارضين مهما كانت قدراتهم العلمية أو الإدارية ، و تجاوز الأمر القطاع المدني ليمتد إلى القطاعات العسكرية والأمنية ،حيث أصبحت العديد من قياداتها موالية للمؤتمرعلى الرغم من تحريم الحزبية في القوات المسلحة!!!.

إن جولة في العديد من مؤسسات الدولة في الوقت الراهن ستظهر أن الفساد زاد انتشاراً ووطأة ، لأننا نعيش مرحلة غياب الحساب والرقابة والعقاب، فأينما وصلت يد المسئول فلها أن تنهب ما شاءت ، تنتهك القانون كيفما شاءت ، كما أن العديد من المؤسسات أصبحت غير انتاجية، بل مراكز مالية لصرف الرواتب والعلاوات والمكافآت والترقيات والتوظيف.
إن الحزب الحاكم وحده يتحمل مسئولية الأوضاع التي يعيشها الشعب بمنطق القانون والسياسية ، لأن هذه وظيفته التي انتخب من أجلها، أما تقصيره في حماية حقوق المواطن وانتهاك القانون فلا يعني سوى فشله في إدارة الدولة ، مهما تعلل أو حمل الآخرين أسباب الفشل ، ولتأكيد فشل المؤتمر الشعبي العام في إدارة الدولة سوف نسوق بعض الأمثلة وللقارئ أن يضيف إليها ما لم نذكره :

1- في مجال التعليم : ونذكر التعليم لأنه أساس التنمية ، ولأن التعليم بمختلف قياداته كما هو معروف بيد عناصر المؤتمر الشعبي العام ، والتعليم الآن يعاني انهيار غير مسبوق ، ففي مجال التعليم العالي مثلاً أصبح طالب الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء يدرس العديد من المواد التطبيقية نظري!!!ومثالاً آخر لجانب من خرق القانون في جامعاتنا فعلى سبيل المثال بسبب إختراق قانون الجامعات اليمنية في التعيينات الأكاديمية واسباب أخرى ،اضرب أعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء العام الماضي لأكثر من شهرين، وتم تعليق الإضراب بعد التزام رئيس الجامعة بالعمل بمواد قانون الجامعات اليمنية في التعيينات الأكاديمية ، ولنا أن نراجع إدارة الشئون القانونية بجامعة صنعاء لنرى كم قرار تعيين صدر منذ تلك الفترة مخالفاً للقانون ، بل كم قرار تعيين صدر منذ شهر فبراير لهذا العام وكل كليات جامعة صنعاء متوقفة عن العمل، سنجد عشرات القرارات إن لم تكن المئات،تلك التجاوزات لقانون الجامعات اليمنية لم تقم بها عناصر المعارضة، بل قامت بها قيادات الجامعة الأكاديمية والإدارية ، وهؤلاء جميعهم ينتمون إلى المؤتمر الشعبي العام ،لأن شغل أي منصب أكاديمي أو إداري مرهون بالإنتماء للحزب كما هو معروف ، وذلك مثال بسيط من أكبر الجامعات اليمنية ويمكن القياس على قضايا أخرى عديدة في مختلف الجامعات الحكومية أو وزارة التعليم العالي ، أما على مستوى التعليم العام فالأمر لايختلف كثيراً وكل مواطن يعلم إلى أين وصل حال التعليم العام ، وكيف أصبحت اختبارات الشهادات العامة شكلية ، وكيف يمارس الغش بشكل مفتوح ليس في الريف كما كان سابقاً ، بل وفي المدن وعلى رأسها أمانة العاصمة ، إضافة إلى تدني مستوى الإلتزام في الدوام المدرسي حتى أن الطالب احيانا يحضر ليدرس حصة أو حصتين في اليوم ،لأن الآف المدرسين وباعتراف الجهات الرسمية منقطعين ويتسلمون رواتبهم!!! فمن هو وزير التعليم العالي أو التربية ومن هم رؤساء الجامعات ونوابهم و مدراء العموم ومدراء المدارس نعلم جميعاً أن الإنتماء للمؤتمرهو معيار اختيار تلك القيادات.

2- الصحة : لقد اصبحت مؤسساتنا الصحية تفتقر إلى ابسط شروط الخدمة الصحية ، بل أن المواطن الفقير أصبح يجد صعوبة في الحصول على الخدمة الصحية ولو بشكلها المتدني ، وأصبحت تكاليف الخدمات الصحية الحكومية تقترب من الخدمات الصحية الخاصة ، ومن الغريب أن ترى في قوائم المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية المئات من الأخصائيين والاستشاريين ، وفي الواقع لاتجد إلا الممرضين وصغار الأطباء، اين ذهب الاستشاريين والاختصاصيين و..الخ ، من يشرف ويراقب دوام هذه المرافق الصحية وتجهيزاتها ، ويصرف موازناتها التي تصل إلى المليارات ، دون شك أن المناصب القيادية في الصحة يحتكرها المنتمين للمؤتمر الشعبي العام .

3- المشتقات النفطية : من هوالوزير ومن هم المدراء والقيادات الإدارية ، كما هو حال بقية مؤسسات الدولة قيادات في المؤتمر الشعبي العام ، إذن فالمؤتمر مسئول عن أزمة المشتقات النفطية ، وخاصة أنه أوكل ايضاً إلى قواعد الحزب توزيع المشتقات النفطية وخاصة الغاز المنزلي ، وهؤلاء كما يعرف الجميع يتلاعبون بما تم تكليفهم به .

4- الخدمات : مثل الماء والكهرباء وغيرها ، والكل يعاني من فشل هذه القطاعات ، من هم الوزراء في هذه المؤسسات ومن مدراء العموم ، أيضاً بنفس السياق الولاء الحزبي شرط لتولي مثل هذه المناصب القيادية .

5- الأوضاع الأمنية : شهدت الفترة الأخيرة تدهور غير مسبوق في الأوضاع الأمنية لعموم السكان وخاصة في بعض المحافظات مثل أبين وغيرها، مما دفع السكان إلى ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أخرى ،كما أن أجهزة الأمن فشلت حتى في حماية رئيس الدولة وعدد من قياداتها ، فيما عرف بحادثة جمعة القصر الرئاسي ، على الرغم من الأوضاع الأمنية الإستثنائية.

6- في الجانب الاقتصادي: انهيارللعملة،غلاء لايتوقف،فقروبطالة يتصاعدان ،إستثمارات تتوقف أو تنهار...الخ.

7- في المجال السياسي : فشل في تسوية المأزق السياسي اليمني منذ سنوات على الرغم من الحوارات الطويلة مع المعارضة ، وامتناع عن توقيع المبادرة الخليجية ، وإضرار بالوحدة اليمنية من خلال ممارسات بعض القيادات بعد حرب صيف 1994م وحتى الآن ، وخاصة ما يتعلق منها بما شملة تقرير باصرة هلال، بل أن المأزق السياسي الحالي هو السبب المباشر لما يعانيه الشعب حالياً.

أخيراً كانت تلك نماذج موجزة لبعض معالم فشل الحزب الحاكم ، ولكن الغريب أن المؤتمر الشعبي العام وهو الحزب الحاكم ، يرجع فشله في إدارة الدولة إلى أحزاب المعارضة ، ونحن نقول ماهو معلوم أن المؤتمر الشعبي العام احتكر كل منصب إداري مهما صغر ، حتى أصبح الولاء الحزبي هو المعيار الأول لاختيار القيادات الإدارية ، وبالتالي هؤلاء هم من يدير الدولة وليست المعارضة ، لذا ماهو حاصل الآن من تدهور شامل لكل مقومات الدولة ، يستدعي من العقلاء في المؤتمر الشعبي العام إدراك خطورة الأوضاع المعيشية لعموم أبناء الشعب ، وتبرئة ذمتهم بإعلان فشل حزبهم بشكل رسمي في قيادة الدولة ، من أجل حماية الوطن من الإنهيار الكامل ، فهم مسئولون أمام الله عن معاناة الملايين من أبناء الشعب ، وندعوهم لأن يكونوا جزءً فاعلاً في بناء اليمن الجديد، فالوطن باقٍ والأشخاص ذاهبون.