الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٥ مساءً

عطش الأمومة ( 3 )

عباس القاضي
السبت ، ٢٠ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
في منتصف الطريق بين المطار وشقة جنى ، طلب إبراهيم من السائق أن يتوقف ،، التفتوا إليه جميعا ،،، لماذا ؟ قال لدي ظروف ،،ستخبركم بها جنى ،، ولنتواصل لاحقا ،، أعطى عمه رقم هاتفه ومضى موليا وجهته ،، واصلوا المسير ،، ها هي جنى تفتح الباب ،، وهي محتضنة خليل ،، دخلوا بعدها ، كلهم يعرف تفاصيل الشقة فقد كانوا يترددون عليها بين الحين والآخر عدا فدوى ،، جلسوا على الكنب ، دخلت إلى المطبخ ومعها فدوى لإحضار العصائر الذي سبق تحضيره ،، وخليل ملتصق بها .

أخوها الأكبر مازحا ،، أهلا بالأم العذراء ، ضحكت جنى وضحكوا جميعا، اجلسي ، اجلسي لن نرتاح حتى نعرف حكاية خليل وأبا خليل ، قالت : قبل أن أذكر الحكاية ، دعوني أسرد لكم رؤيا رأيتها في المنام ، قبل سبعة أيام ، قال أبوها خير بابتسامة عريضة ، فأبوها ، يموت في الأحلام وتفسيراتها ، قالت : رأيت نفسي كأنني في شاطئ على البحر ، وكنت أقرأ في كتاب ،، لم أدر إلا والظلام منتشر في المكان ،، التفت ولا يوجد أحد من البشر ، استوحشت المكان ، نظرت إلى البحر فوجدت القمر يتدلى بشكل غريب وقريب من سطح البحر ، فجأة رأيته قد سقط على سطحه ،، وبدأ يغوص ، يغوص حتى وصل إلى منتصفة ،، ولأنني أعشق القمر ولا أخشى البحر ،، قمت مسرعة إليه ،، احتضنته ، وانتشلته من البحر لأخرج به إلى الشاطئ ،، فما أن وصلت إلى المنطقة الفاصلة بين الماء والرمل ، إذا بفارس يأتي على حصان أبلق مد يده فاختطفني والقمر ما زال في حضني ،، إلى أن أوصلني إلى حديقة غناء يتدلى من أشجارها أعشاش ،، وفيها استراحات على شكل أعشاش ،، حتى المجسم الجمالي العملاق الذي في وسطها على شكل عش ، والغريبة أنني كنت سعيدة بهذا الاختطاف ولم أصرخ ولم أقاوم .

دخلت في إحدى الاستراحات ، وما زال القمر في حضني ، فرأيت رجلا طويل القامة ، عريض المنكبين ، تتدلى لحيته إلى منتصف صدره ، يعتمر رأسه عمامة زادت من هيبته ووقاره ، أعطاني أربع ورقات من فئة الألف الريال وعندما بدأت أعدهم وجدت الورقة الأولى من جهة ألف ريال ومن الجهة الثانية خمسمائة ريال ،، وبقية الأوراق عادية .

تتكلم ، وهم يصغون كأنما على رؤوسهم الطير ،، سكتت برهة ،، فصاحوا كلهم بصوت واحد : أكملي ، أكملي .
استقامت لتكمل حكاية الرؤيا ،، هذه المرة تح
كي وهي تخطي خطوات في الصالة كأنها تلقي درسا لطلاب مثاليين في هدوءهم .
ثم خرجت من الاستراحة إلى مكان مجهول ، ولم أدر أين ذهب القمر ،، وجدت فيها أبي وأمي وأخوتي ،، وبأيدهم سُلَّمًا من نور ، نصبوه عند قدمي ،، وقال لي أبي : اصعدي ، صعدت بلا شعور ،، صعدت ، صعدت ، في المنتصف ، نظرت إلى أسفل فوجدت أقمارا صغارا فكان قلبي يهوي إليهم ، هممت بالنزول ، لكن أبي وإخوتي يصرخون ، لا ، لا لا تنزلي ، استمري في الصعود ، وقال أبي محذرا ،، لا تنظري إلى هذه الترهات ، رأيت نفسي أن لا فائدة وإنه يجب علي الصعود ،، وكنت أصعد ، وكلما انتهى سلم جاء سلم آخر ، وكنت كلما ارتفعت تتسع الآفاق أمامي والرؤية أوسع ،، مما زاد حماسي على الصعود .

وعندما انتهى آخر سلم ، رأيتها مدينة غريبة بين السماء والأرض ، سألت ما هي هذه المدينة ،، قالوا مدينة النجوم ، وفعلا كان سكانها كلهم مضيئين وإن كانوا بدرجات متفاوتة ، بعضهم نورهم مبهر والبعض خافت ، حتى أنا عندما وضعت قدمي في هذه المدينة ،، أضاء جسمي ،، فأصابني الرعب ، وانتبهت من النوم ، وأنا أصرخ مفزوعة ، أتحسس جسدي وجدته معتم ، قمت مفزوعة ، توضأت وصلت ركعتين ،، وقلت عسى أن يكون خيرا .

هيا ، بابا ، قل لي ، ما ذا وجدت في الرؤيا ( الحلم ) من تفسير ، قبل أن أقول لك حكاية خليل و إبراهيم ،،، ضحك الأب ، وهو يضرب يدا على يد ، قال : حكايتهم مفهومة ، صاح الأولاد بصوت واحد : كيف مفهومة ؟

قال أبوهم : سأحكيها لكم ، من خلال رؤيا أختكم جنى .