الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤٧ صباحاً

عام على ليبيا .. بدون قذافي !

أحمد مصطفى الغر
السبت ، ٢٠ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
فى آواخر اكتوبر من العام الماضى ، وفى أنبوب صرف خرسانى مهمل كان العقيد الليبى "معمر القذافى" يختبأ فى ملاذه الأخير فى الدنيا قبل ان يفارقها ، وبغض النظر عن المفارقة بين الرواية الرسمية لحلف الناتو التى ترجح ان احد غارات الحلف كان السبب فى أسر العقيد واصابته ، او رواية أخرى تقول ان الثوار هم من عثروا عليه وقتلوه ، فإن القذافى قد رحل عن ليبيا و عن افريقيا و عن الدنيا ، وبقت ليبيا تواجه تحديات صعبة و كبيرة ، و افريقيا تواجه تحديات أصعب وأكبر ،لكن كل شئ سيكون على ما يرام طالما بدون طغاة من نوعية القذافى !

صحيح .. أنه لا شماتة فى الموت ، لكن حتى وبمجرد أن انتشر خبر مقتل العقيدالقذافى .. فإذا بالنكات والسخرية عن القذافى تعود إلى صفحات و مجموعات الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعى بسرعة البرق ، منها ذاك التصريح المصطنع على لسان القذافى الذى يقول فيه : " خبر مقتلى صحيح ، لكنى أؤكد لكم انى بخير وبصحة جيدة " ، لكن إذا كانت تلك المقولة الساخرة مصطنعة فقد كانت مقولات القذافى الحقيقية لا تقل سخرية عنها ، هذا بخلاف ملابسه و هيئته العامة التى تجلب السخرية حتى دون أن ينطق بأى كلمة أو يصوب تصريحاً طائشاً يصيب به العلاقات بين ليبيا و أى دولة أخرى بالموت أو على الأقل التوتر، هو قائد ثورة .. أرادها أن تستمر 42 عاما ، وإذا كانت ثورته فى بدايتها قامت للتخلص من الملكية و إرساء نظام جمهورى ديموقراطى حقيقى فى ظل نهضة عربية قديمة كانت أشبه بثورات الربيع العربى الحالى ، لكن حتى بعد أن حققت الثورة هدفها ، أراد القذافى لها أن تبقى مستمرة و يظل هو قائدها ، ولا نعرف على أى شئ كان " يثور" خلال كل تلك العقود الماضية ، خصوصا وأن الأحوال لم تتغير للأحسن و لم تنهض ليبيا النفطية لتصل إلى المستوى الذى هى عليه دول الخليج مثلا ، فبقيت " الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى " بلا حراك إلى الامام ، لم يكن الاسم الذى أعطاه العقيد لجماهيريته سوى مجموعة من الكلمات تشبه الى حد ما ألقابه الكثيرة و المتعددة ، فبخلاف كونه "قائد الثورة" ، فهو " ملك ملوك افريقيا" ، " عميد الحكام العرب" ، "إمام المسلمين" ، "الفاتح العظيم" ، "المفكر الاممى" ، "صاحب النظرية الثالثة " ، " صاحب الكتاب الأخضر" ، " قائد الطوارق" ، " رئيس تجمع دول الساحل والصحراء" ، و ألقاب أخرى كثيرة قد يصعب الالمام بها كلها .

لم تكن ليبيا تعرف الديموقراطية فى عهده ، رغم الإدعاء الرسمى السائد بأن الحكم بيد الجماهير، لأن ببساطة لم تكن الجماهير تجد من يعبر عنها بالأساس ، فوسائل الاعلام الرسمية لا تتحدث الا عن القائد ، واليافطات فى الشوارع تعج بكلمات القائد المقتبسة من خطاباته ،الصحف لا ترصد سوى تحركات القائد ، و مقالات الرأى لا تحلل سوى سياسات القائد ، لا يمثل ليبيا فى الخارج سوى القائد ، ولا بطل فى ليبيا سوى القائد ... هكذا كانت ليبيا طيلة 42 عاما ، كل شئ هو من إبتكار و إبداع القائد .. البطل .. الأب / معمر ! ، وكأن الجماهير قد عقمت فلم تنجب أى ليبى يمكنه أن يصنع شئ أو يقدم جديداً ، ربما لأن القائد و أبناؤه لم يتركوا شيئا إلا وفعلوه ! ، باختصار : مر عام على ليبيا بدون القذافى ، تتحسس معالم بداية طريق الديموقراطية وتنتهج سبيلا جديدا يأمل الجميع أن ينتهى بليبيا قوية وقادرة على تعويض عقود القذافى التى أضاعها من عمر الدولة الليبية ، ولعل الغد يحمل معه الخير لجميع الدول العربية !