الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٧ مساءً

الصحافة : الزوجة الرابعة!!

عبدالواسع السقاف
الاثنين ، ٢٢ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
كنت قد كتبت مقالاً لي منذ حوالي سبعة أشهر عن تردي واقع الصحافة في اليمن وتطرقت فيه إلى ثلاث محاور: السب والشتم واللغة الركيكة والتحاليل الاقتصادية والسياسية التي هي أبعد كل البعد عن مهنة الصحافة المحترمة! وللأسف لا أرى أي تغيير منذ ذلك الوقت رغم أن جميع الأطراف السياسية والاجتماعية في البلد تُشير إلى تحسن الوضعين السياسي والاقتصادي!! ما زالت أغلب الصحف سواء الالكترونية أو الورقية أو وسائل الإعلام المرئية تمارس نفس أساليب الدجل والتحيز والتحريض!! ما زالت تفبرك الأحداث والأخبار وتلعب على وقع الكلمات وتزايد على الوطنية والثورة والمواطنة الصالحة!! وللأسف لم تعُد الأقلام الحرة حرةً الفكر والرأي كما عهِدناها في السابق، فقد باعت الأقلام أنفسها لكل من يدفع ثمن شرف تلك الأقلام!! أقول هذا وأنا عاينت وعاصرت أحداثاً كُتبت بماء الكذب والنفاق والشقاق وخرجت على الشعب بصور الزيف الصحفي البشعة! كيف لا وأنت تشاهد الأحداث تنقلب رأساً على عقب لمجرد أن قلم الكاتب لا يعرف الصدق ولا الأمانة المهنية! وأي مهنية نرجوها من أفراد لا يفهمون من معنى كلمة "صحفي" غير شخص يفضح الأسرار ويُحرض على التفرقة ويُخون كل الناس ويكتب ما يشاء وكيفما يشاء (وإن كانت كتابته أشبه بحكايات الأطفال قبل النوم "خيالية ورديئة لا تقنع حتى الأطفال أنفسهم")!!

عندما تُمتهن الأقلام وتختلط الأوراق وتُزيف الحقائق، كيف نطمح لأن تكون الصحافة السلطة الرابعة القادرة على التأثير ليس في تعميم المعرفة والتوعية والتنوير فحسب، بل في تشكيل الرأي، وتوجيه الرأي العام، والإفصاح عن المعلومات، وخلق القضايا، وتمثيل الحكومة لدى الشعب، وتمثيل الشعب لدى الحكومة، وتمثيل الأمم لدى بعضها البعض (بحسب تعريفها العالمي)!! إن واقع الصحافة الآن لا يؤهلها بالمرة لكي تكون السلطة الرابعة، بل يؤهلها لتكون الزوجة الرابعة كما في المسلسل المصري الذي أذيع في رمضان الفائت، إمرأة تكمل الفراغ وتنفذ نزوات ورغبات سي السيد (صاحب المال)!! لقد فقدت الصحافة اليمنية "والإعلام اليمني بشكل عام" مصداقيتها لدى متابعيها، وكلما سألت (في الشارع، في الأماكن العامة، لدى النُخب الثقافية) ماذا سمعتم في الإعلام، أجابوا: نحن لا نصدق هذا الإعلام الكاذب المُضلل! ناهيك عن كثير من رموز هذا الإعلام ممن عٌرفوا لدى العامة بمواقفهم الهزيلة تجاه قضايا البلد وممن تعودوا على التسلق والامتهان مقابل حفنة من الرماد تُذرى في عيونهم!

لن تستقيم حال هذه البلاد ما دامت هذه الأقلام تكتب، ومادامت تلك المواقع تُغذي روح الكراهية والفُرقة بين الناس، وتخلق (من الحبة قُبة)، وتزايد على كل شيء وتحت مسمى أي شيء ولو كان حرية الصحافة التي تتشدق الأفواه بها دون فهم، فليست الحرية اتهام الناس وتحريضهم على بعضهم البعض والكذب والنفاق وركاكة الألفاظ وسفاهة المنطق. للأسف الشديد لم تعُد هناك رقابة لا من قبل الدولة ولا من الأفراد أنفسهم، وأختلط الحابل بالنابل، ووصلنا إلى هذا الإعلام المشوه! وهي دعوة لأن نترفق بهذا البلد فما به من ويلات ومشاكل تكفيه لعقودٍ وعقود، وكما يقول إخواننا في مصر الشقيقة "الضرب في الميت حرام"! يجب علينا مراقبة الله قبل كل شيء، وأن نُعيد لهذه الأقلام كرامتها وهيبتها ومصداقيتها بين الناس! والحر تكفيه الإشارة يا من تنادون بالحرية!

*عضو المجلس العالمي للصحافة – منسق اليمن