الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٠٨ مساءً

الحرام الجامعي !!

د . أشرف الكبسي
الاثنين ، ٢٢ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
تنامي الاختلال في منظومة العمل الأكاديمي والأداء الجامعي ، يكاد يكون من المسلمات ، وسواءً أكان الحديث عن الطالب الجامعي أو الأستاذ الأكاديمي أو الموظف الإداري... فلابد - في الغالب - من أن يتخلل ذاك الحديث الكثير من التنهيدات والزفرات ، المشبعة بالحزن والأسى ، ولسان الحال يقول : ماذا أحدثك عن جامعتي يا أبتي ... مليحة عاشقاها الزيف والعطب !

الحرم الجامعي ... مصطلح ينتمي إلى قاموس (المفروض) ويوحي بقداسة المكان ، واستثنائية حرمته ، أما الحرام الجامعي ... فمصطلح ينتمي إلى قاموس (الواقع) ويوحي بظلمة المكان ، واستثنائية سوء انتهاكه ، ذاك الانتهاك الذي تترأسه – في الغالب – رئاسات الجامعات ، وكأنها تحرص على التمسك بحقها في رئاسة كل شيء وأي شيء !!

ما إن تقترب خطاك من بوابة جامعة ، حتى تبدأ الصورة المثالية (للحرم) بالتراجع أمام طغيان الصورة البديلة (الحرام) ، الفوضى والارتجال وسوء التنظيم ، تسود الموقف ، منظومة الأمن تتبنى سياسات الأطراف ، فتارة تبالغ في فظاظتها وكأنها تدير معتقلاً (جامعيا) وتارة أخرى تتلاشى – إهمالاً- ويعلو صوت أحد افرادها مبتعداً ومردداً : وانا مش هي جامعة أبي !!

في أروقة الجامعة وباحاتها ستجد نوعين من المسلحين : النافذون وابنائهم ومرافقيهم ، بالإضافة للحراسة الشخصية (المرافقة) لسيادة رئيس الجامعة ، وكأنه قائد ميداني يتفقد كتيبة في أطراف البلاد ، متحدثاً في كل قاعة (أو سرية) عن قداسة الحرم الجامعي !!

عند مدخل القاعة الكبرى للمؤتمرات والندوات ، ستجد لافتة كُتب عليها نص قانوني: يحرم ممارسة العمل الحزبي داخل الحرم الجامعي ، لكنك ما أن تلج إلى داخل القاعة ، حتى ترى حشداً جماهيرياً ، وتقرأ لافتة أخرى مكتوب عليها: برعاية السيد رئيس الجامعة رئيس فرع الحزب ، انعقاد المؤتمر التنظيمي العاشر ...!!!
في الحرم الجامعي تقابلك صور كبار العلماء ومشاهير الأدباء والباحثين ، أما في (الحرام) الجامعي فلن ترى عيناك سوى صور الرئيس والحاكم ، الذي تحدثك نظراته الصارمة قائلة: أنا سقراط وديكارت وأنا المعري وابن خلدون ، وحتى أنني أنا الجدول الدوري !!

أما الحديث عن (الحرم) في أغلب الجامعات الخاصة فيبدو من ضروب الكوميديا السوداء ، حين ندرك أنها مجرد مشاريع استثمارية ربحية مطلقة ، وأن مبانيها كانت بالأمس (عمارة سكنية) تحولت لاحقاً إلى مستشفى أو مدرسة أهلية ، وانتهى بها المطاف اليوم لتكون جامعة ، قابلة لتصبح غداً بنكاً أو فندقاً حسب قواعد الرابح الأكبر..!!

في الحرم الجامعي ، الجميع يشكو من الجميع ، وحده ذلك الحرم من يبقى صامتاً دائماً ، ولو قدر له النطق والكلام لقال : حسبي الله ونعم الوكيل..!