الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٥ صباحاً

عيدٌ بأي حال عُدت يا عيدُ!!

عبدالواسع السقاف
الاربعاء ، ٢٤ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠١:٤٠ مساءً

أستهل مقالي هذا ببيت شعر لحكيم العرب المتنبي الذي قال فيها قبل ألف سنة:

عيدٌ بأي حالٍ عُدت يا عيدُ*** بما مضى أم بأمرٍ فيه تجديدُ!

وبعد أكثر من ألف سنة مازلنا نردد نفس التساؤل خاصةً وأنَّ أوضاعنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية هي هي لم تتغير عن ذي قبل، فما زالت الأسعار في صعودٍ مستمر، ومازال المواطن البسيط لا يجد مصروف يومه، ومازال الغني يزداد غنى والفقير يزداد فقراً، والعيد مجرد لوحة نحاول أن نزينها بابتسامات الأطفال (البريئة) تقابلها ابتسامات الآباء والأمهات (الزائفة)! أي عيدٍ هذا الذي يأتينا ونحن في أسفل دول العالم فقراً وجوعاً وتهميشاً وخوفاً وتناحراً! أي عيدٍ هذا وبعد مُسميات عدة لأحداث العام الماضي تراوحت ما بين ثورة وأزمة وفتنة وغيرها، مازالت الأوضاع كما هي صامدة أمام أي تغيير وتطوير حقيقيين! أي عيدٍ هذا وأغلب الآباء مازالوا غير قادرين على شراء مستلزمات العيد من مأكلٍ ومشربٍ وملبسٍ بعد أن ارتفعت كل الأسعار وفقد المواطن اليمني ثقته في نزولها وعودتها إلى ما كانت عليه، وظلت الرواتب ودُخول الموظفين والمواطنين كما هي دون تغيير حقيقي يذكر!

أي عيدٍ هذا الذي يتحدثون عنه ومازالت فرق الموت تمارس نشاطاتها في أغلب محافظات الوطن وتستهدف أمن واستقرار البلاد! أي عيدٍ وكل المنظمات الإنسانية والعالمية تحذر بقرب حلول كوارث إنسانية بيئية وصحية وغذائية في عدد من محافظات البلد! أي عيدٍ ومازالت الكهرباء تُستهدف، والطريق تُقطع، وخطوط النفط تُفجر، ونسبة الجريمة في صعودٍ مستمر! أي عيدٍ والقنوات الفضائية لا همّ لها إلا بث روح التفرقة والشتات ونقل أخبار الدمار والحروب والقتل والعُنف!

قد يقول قائل: ما هذه النظرة التشاؤمية فما زالت الدنيا بخير! وأقول له هب أننا تناسينا كل ما يجري حولنا وقررنا الاستمتاع بعيد الله الذي منحه لنا لنفرح فيه مرتين في العام (ويستكثرون علينا حتى أن نفرح مرتين في العام فقط)، فأين نذهب والشوارع ملغومة بالعسكر، والحدائق والمنتزهات تغُص بالمتسولين والمتطفلين وأطفال الشوارع وتنعدم فيها الخضرة والألعاب! أين نذهب والطرق ما بين المدن غير أمنة لسفر العائلات والتقطعات متوفرة في كل مكان! أين نذهب وما في المُدن إلا البلطجة والإزعاج والمفرقعات التي توشك أن تصيبنا بنوبات قلبية من أصواتها المرعبة، وما في القُرى إلا الجوع والقحط والظلام الدامس! وإذا قعدنا في بيوتنا، فأين الكهرباء وأين الترفيه، وأين، وأين، وأين!! صدقوني أن أغلب الناس أصبحوا يكرهون كلمة عيد لما فيها من همٍ وغمٍ وصرفة وتكلفة فيما لا طائل منه!

لم يكُن المتنبي رحمه الله متشائماً في مقطع البيت أعلاه بقدر ما كان حكيماً ونافذ البصيرة، فقد أدرك أن الأيام لا تأتي بجديد وأن الوضع العربي سيظل كما هو (من سيءٍ لأسوء).. وسواء قامت ثورات أو قعدت فالفقر هو الفقر والجوع هو الجوع والوضع هو الوضع! والعيد مناسبة لترك الخلافات وتزيين الوجوه بالبسمة والضحكة، ولكننا أصبحنا في زمنٍ لم نعُد قادرين فيه حتى على البسمة الزائفة والضحكة التي تأتي من خلف القلب وحسبُنا الله ونعم الوكيل!
*عضو المجلس العالمي للصحافة – منسق اليمن