الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٤ صباحاً

عطش الأمومة (6)

عباس القاضي
الأحد ، ٢٨ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
في جلسة الشاي ، بعد صحوتهم ، تناقشوا في قضايا مختلفة ،، منها سؤال جنى عن مدى استعدادها لمناقشة الدكتوراه ،، وهل تحتاج لعمل جلسة افتراضية في الشقة ، حتى تتدرب على أسلوب الإلقاء وحركة يديها ونظرات أعينها ،، فأبوها قد أشرف على العديد من رسالات الدكتوراه ،، ويرى أن ثقة الباحث بنفسه لها دور كبير في تقييمه .

قالت جنى : لا ، عليكم فقد حضرت في هذا العام عشرات المناقشات معظمها في تخصصي ،
وأدركت من خلالها أهم الأساليب وطرق المناقشات ،، وأردفت وهي تنظر إلى الأب لتعطيه جرعة من الاعتزاز بها : لا تنس ، أنني ابنتك يا بابا ،، نعم ، نعم يا ابنتي قالها بعد أن تنحنح وأردف قائلا : بس ، لو كنت تأخذي عني ما هو أهم ،، وما هو أهم يا أبتي ؟ تساءلت جنى ،، قال : تفسير الأحلام وقراءة الطالع ،، نظر كل منهم للآخر وهم يبلعون ريقهم ، استغرابا من هوس أبيهم .

هيا ، اتصلي بإبراهيم ، لكي يأتي إلينا ، ونذهب معا للتمشية والعشاء والسهرة ، قال الأب محدثا جنى ،، قالت له : سنحدد له الزمان والمكان ،، أين سيكون العشاء ،، فهو لا يعرف موقع سكني ،،، لفت إلها أخوها الثالث الأكثر مكرا قائلا : صحيح لا يعرف شقتك ، يا جنى ؟ على غيري ،،، يقولها وهو يغمز بعينه نحوها .

فاكر ، بطل خبث وقلة حياء ،، قالت له بصوت حاد وصارم ،، وأردفت : لست من يستقبل غريبا في سكني ، حتى ولو كان مشروع خطيب ،، وأنت تعرفون أنه لم يمر على معرفتي بإبراهيم أكثر من يوم ،، ولا تنس أنني ابنة الدكتور سالم الهمام .

عفوا ، عفوا ، رد فاكر أنا كنت أمزح ،،، تمزح على أختك ردت جنى بصوت يقترب من البكاء ،،، خلاص ، خلاص ، قم اعتذر من أختك يا فاكر ، قالها الأب حسما للموضوع ،، قام فاكر فقبل رأس أخته واحتضنها قائلا : هذه أمي الثانية ، أشك بنفسي ولا أشك بها ،،، لساني هذه أريد أن أقطعها ،، لم تدع لي صاحب ،، بسببها خاصمني كل الزملاء والزميلات ، يرونني فيفرون مني ، دكتوراه في علم الاجتماع وصفر في علاقتي الاجتماعية ، حتى زواجي فشل بسبب هذا اللسان وأخرجه وأفرج بين أصبعيه كا لمقص وأقبض عليها نكاية بها .
الجميع صامتون ينظرون إلى فاكر ، وهو في حالة مصارحة مع ذاته ، قال له الأخ الأكبر : ما دمت قد عرفت المرض فإن علاجه أصبح سهلا ،،، أعطوني العلاج ها أنا موجود أنت والوالد دكتوراه في علم النفس .

قال الأخ الرابع ماجد الأكثر تدينا والتزاما : عليك بأذكار الصباح والمساء وخاصة " أعوذ بك أن أزل أو أزل " قبض فاكر بيمينه وقام يردد " أن أزل أو أزل " وهو يمشي على الشقة بخطوات بطيئة .

قالت جنى : على كل ،،، حجزت طاولة على باخرة ، سيكون فيها عشاؤنا وسهرتنا ، يكفي أن فدوى أختي حبيبتي لأول مرة ستتناول العشاء في مكان كهذا ،،، والجميل فيه : أن هذه الليالي مقمرة ،،، والقمر يأسرني ،، مرتين ، مرة وهو في السماء ، ومرة بانعكاسه في الماء ، تقول هذا و فاكر يقترب منهم ، يردد عبارته أن أزل أو أزل ،، قائلا : والقمر كان سببا في زواجك ،، وهنا صاحوا جميعا ، ما زلت يا فاكر أنت والطبع حقك لم يتغير حتى وأنت تردد الدعاء ، وارتجت الشقة بالضحك كلهم حتى دمعت أعينهم .