الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٩ صباحاً

ضيوف الإعلام الرسمي من هم؟

د . عبد الملك الضرعي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
في لقاء تشاوري بمركز منارات للدراسات التأريخية واستراتيجيات المستقبل حول(مشروع يتعلق برؤية بعض منظمات المجتمع المدني وبعض شباب التغيير للخروج من المأزق السياسي الراهن)المشروع يحمل وجهة نظر قابلة للتعديل وتحمل رؤية توفيقية للحوارات السياسية السابقة بين المعارضة والحزب الحاكم وكذا المبادرة الخليجية الأخيرة التي كانت محل اجماع الحكومة والمعارضة(اللقاء المشترك)، المهم في الأمر وبعد افتتاح اللقاء وبدأ قراءة نص المشروع ونقول (مشروع قابل للرفض أو القبول أو التعديل) ،المفاجأة كانت حضور بعض الإخوة والأخوات من الزبائن الدائمين للقنوات الرسمية ، هؤلاء الإخوة ودون سابق انذار وبشكل جماعي تصرفوا بردة فعل تنم عن شمولية وعدم قبول بالرأي الآخر، وأثاروا زوبعة عجيبة و تركوا اللقاء وخرجوا حتى دون الاستماع للمشروع حتى النهاية وإبداء الرأي ، من المؤسف أن جل هؤلاء ضيوف دائمين على الإعلام الرسمي ، فماهي الرسائل التي يقدمونها من خلال تفردهم بالمشاهدين وخاصة الأميين ومحدودي الثقافة ولساعات طوال الليل والنهار؟؟؟ إننا نأمل من إعلامنا الرسمي أن يتيح الفرصة للرأي والرأي الآخر دون تعصب أو تحيز ، أما أن يتفرد هؤلاء بساعات البث الطويلة وبفكرهم الشمولي والعنيف فلن يجني المجتمع سوى الكراهية والتعصب والصراع ، فمثل هؤلاء لايحملون إلاَّ سياسة غلبتهم بالصوت .

ومن القضايا التي أثارها أحد الإخوة ضيوف الإعلام الرسمي (قبل بدأ اللقاء التشاوري) قضية الأجندة الخارجية للثورات العربية والعمالة للغرب ، وقد أدى لفتح ذلك النقاش قدوم زميلاً له مباركاً لذلك المفكر المخضرم الذي الذي أوصل المشاهدين الكرام إلى حقيقة عجيبة أن ثورة الشباب ماهي إلاَّ جزء من مشروع أجنبي لايختلف عن سايكس بيكو و...الخ ، نورد محتوى ذلك النقاش الذي دار بين طرفين ، وليس من طرف وأحد كما يدور في الإعلام الذي يجعل المشاهد أسير للفكرة التي تطرح ولا يعطى مجال للحوار أو التفكير ، على كل حال تبين أن أخانا الكريم المحلل السياسي وبالحوار الجانبي يعترف بضرور الثورة ، وسؤ الأوضاع ، ووطنية الشباب وتضحياتهم وكل التفاصيل الأخرى التي أدت إلى ثورة الشباب ، ولكنه لايعكس ذلك التصور أمام ملايين المشاهدين ، بل يسوق للجمهور جانب من الفكرة التي يعتقدها بدون دليل واقعي ، والتي تتهم ثورة التغيير بالأجندة الخارجية ، وبرهانه هو لقاء الرئيس الأمريكي السابق بوش ببعض الشباب العرب منذ سنوات ، واستدل أخانا المحلل أن ذلك اللقاء كان لقاءً تأمرياً مهد للثورة العربية الراهنة ، وحاول تبرير تهمته التي أوردها بمواقف الغرب من ليبيا وسوريا و...الخ ، وذلك في تناسي واضح للسبب الأول الذي دفع محمد البوعزيزي لإحراق نفسه في مدينة بوزيد النائية التونسية ، ذلك الشاب لم يلتقي بوش ، بل التقى بظلم ومعاناة وقهرسلطة الرئيس زين العابدين بن على حليف بوش ويده الأمنية في شمال أفريقيا!!!!

مما يؤسف له أن الإخوة ضيوف القنوات الرسمية الدائمين وعددهم محدود ، حتى أن الجمهور حفظ اسماؤهم والوانهم وأصواتهم وأرقام هواتهم ، بل ومما يتندر عنهم أن لهم غرف إقامة دائمة في القنوات الرسمية لأنهم أحيانا يستمرون بلقاءات مباشرة حتى ساعات متأخرة من الليل ، هؤلاء الضيوف الكرام عندما تجد أحدهم خارج استيودهات التلفاز وتحاوره بالمنطق وتذكره بالمعاناة التي يعيشها المجتمع وهو منه ، يباد لك كلاماً منطقياً ، بل بعضهم يفاخر أنه يتواجد في ساحات التغيير وله علاقات مع شباب التغيير وأن الفساد بلغ حد لايطاق و...الخ ، وعندما تراه في شاشات التلفاز ينسى كل ما قاله بل يصل الأمر حد تسميته شباب التغيير بشباب التغرير والعملاء و..الخ ، لماذا يغير هؤلاء قناعاتهم الشخصية أمام الجماهير ولماذا يتجاهلون معاناة الشعب ويُمنّون الناس بالحياة الوردية ، ومن الحالات الغريبة أن ترى أحدهم ضيفاً مباشراً في إحدى القنوات في ليلة الأربعاء 8/6/2011م في حفلة الهستيريا بالأسلحة النارية ، وبينما الرعب والخوف يجتاح الكثير من المناطق وخاصة في المدن ، بل والضحايا يتقاطرون على المستشفيات ، ولا ترى لذلك الضيف كلمة نقد واحدة ، على الرغم من إدعائه أنه من أنصار الدولة المدنية ومن رواد منظمات المجتمع المدني و..الخ .
أخيراً نقول ذلك أملاً في أن يكون لهؤلاء خطاباً يجمع ولايفرق ، أن يكون خطاباً يحمل مشاعرهم الظاهرة والباطنة ، وأن يبتعدوا عن الشمولية وينتقلون إلى الديمقراطية التي يدّعونها ، وأن ينتقل خطابهم من الإنتهازية السياسية إلى عكس معاناة المجتمع واحتياجاته الحقيقية ، فالوطن أمانة في أعناق الجميع ، ولنا أمل ايضاً في وسائل الإعلام الرسمية أن تتذكر أنها تدار من مال الشعب ، وأنها ليست تابعة لشخص أو حزب ، وبالتالي فتسخيرها لحزب بذاته مخالف للدستور والقانون ، وعلى الأحزاب حاكمة أو معارضة أن تنقل خطابها السياسي عبر وسائل تخصها هي ، كما هو الحال في مختلف دول العالم الحر والديمقراطي.