الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥١ صباحاً

ثوره على الظلم من أجل الحريه

عبدالرزاق السريحي
الجمعة ، ٠٢ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
تحدثنا منذ البدايه عن رؤيه واضحه ومحددة الأهداف للثورة , بوصفها ثورة على الظلم والإستبداد , تقضي على مظاهر البؤس والحرمان وتفضي و تقودنا إلى غد ( عهد ) مشرق ينعم فيه الناس بالحرية والفرص المتساوية , وتسود فيه مظاهرالعيش الرغيد والسعاده والرغبة في الحياة بكل صفاتها ومعانيها الجميلة .

ولكن للأسف الشديد طغت أصوات جنائزيه ماكره ومخادعه عملت على جرنا ودفعنا في إتجاهات متناقضه وبعيده كل البعد عن غايتنا كأننا خرجنا من أجل الموت وليس من أجل الحياة والحريه خرجنا نُضحي بحياتنا وأرواحنا ودمائنا وسلامتنا وحريتنا من أجل أن يقول الناس ويذكر التاريخ أنٌا شهداء أبطال قدمنا أرواحنا ودمائنا رخيصة ,ولكن في سبيل ماذا ولماذا؟؟؟؟ لا شيئ


إن حياة أي إنسان بل إن أي قطرة دم غالية وغالية جداً وإذا كان لابد وليس هناك من مفرمن التضحية بها فينبغي أن يكون ذلك من أجل غاية إنسانية حقيقية سامية .
والملاحظ أن الشخصيات والقوى والأحزاب والجماعات والمكونات المُنظمة أو المُؤيدة للثورة لها تصوراتها الخاصة حول الثورة . والمشكلة أن العديد من تلك التصورات لا تُمثل أو تُقدم رؤيا

واضحة لثوره محددة الأهداف ،والاسوء أن معظم تلك التصورات تتعارض مع بعضها البعض . والأكثر سوءاً أن هناك من لدية تصورات تتعارض مع قيم العداله ( الحرية والمساواة ) والديمقراطيه وتتناقض تماماً مع مفهوم الدولة المدنية ونماذجها الماضيه والقائمه .

وكأن الهدف من وراء قيام الثورة من وجهة نظر ؤلائك هو التخلص من شخص علي صالح وربما أبنائه وهيمنتهم على السلطه والثروه وحسب ,وليس القضاء على السياسات والممارسات والسلوكيات الظالمة والمستبدة التي سادت في عهد صالح ونظامه والتي تمثل إنتهاك للحقوق والحريات والتي تسببت ومازالت تتسبب في معاناةالغالبية العظمى من أفراد المجتمع من عمليات و مظاهر ظلم وحرمان وبؤس شديده وواسعة ، عمليات كانوا ومازالو أشد وأكثر من يمارسها. وكـأن وجود الحرية والمساواة والإعلاء من شانهما ومنح الناس فرص حقيقة للتمتع بالحياة والعيش الرغيد – فرص تعليم عمل إنتاج رعايه صحيه إجتماعيه مشاركه سياسيه حره وفاعله ، الإستفاده من الثروات والموارد ومختلف الفرص الممكنه ، مسأله غير وارده لديهم .

يعلم الجميع أن صالح ونظامه فاسد وظالم ومستبد , والجميع بمن فيهم علي صالح والمقربين منه والمحسوبين عليه, يُجمعون على ضرورة رحيله .ولكن يتساءل الكثير من الناس ماذا بعد الرحيل قد يقصد البعض من إثارة مثل هذا السؤال التشكيك في الثورة .وهذا وارد بل وقائم و لكن هذا ليس قصدي ابداً خاصةً أني ممن شاركوا وبقوه في إشعال هذه الثورة ومازلت أسير على طريقها واثقاً.ولكن ،ومع ذلك , التساؤل يبقى مشروعاً بل ومطلوب ولابد من إجابة واضحة ومحدده وخاصة من القوى التي تملك النفوذ ومختلف الموارد، وبالتالي التي التمتع بالقدرة على التأثير الجماهيري القوي .هل لدى تلك القوى توجه حقيقي وفعلي لإقامة دولة مدنية والعمل على الإعلاء من شأن الحرية والمساواة وتعزيزهما ؟ أم سيبقى حال معظم الناس على ماهو عليه من ظلم وحرمان وبؤس ولا مساواة " واللي معجبوش يضرب رأسه في الحيط
ما جعلني أثير هذه المسالة ( التساؤل ) أننا نسمع ونشاهد من يبدي موافقته على إقامة دولة مدنية , ولكننا نلاحظ ونلمس من تعابير وجهه أاو نبرات صوته أو من عباراته أومن مواقفه – نلمس- عدم صدقة ( موافقته ) , كما نلاحظ من يُعبرعن موافقته من باب المجاملة أو المسايرة أو حتى الخداع بقصد تحقيق مكاسب ما .مثلما نجد من يُعبر بشكل قوي وصريح وواضح عن معارضته ورفضه , وحتى عن مقاومته الشديدة لإقامة دولة مدنية . وهناك من يعبر عن رغبته أو موافقته على إقامة دولة مدنية ’ولكنه إما يتبنى أو يتخذ مواقف وممارسات سلوكيات تتعارض وتتناقض مع موافقته أو أنه لايدرك ولايعي ماهية مفهوم الدولة المدنية وربما لديه تصور أو توصيف معارض أو مُناقض لمفهوم الدولة المدنية الحقيقي و المقصود والمعروف والقائم .

الأمر الذي يعني أن حال ما بعد الرحيل مثل حال ما قبل الرحيل وربما أشد بؤساً وسوءً .وهكذا ينطبق على حالنا المثل اليمني القائل " الديمه الديمه ما بلا خلفنا بابها " و بالتالي كل الشهداء والجرحى و الأشلاء المتناثرة والجثث المتفحمه والمعتقلين و التعذيب والضرب والمخفيين قسراً والالام والمعاناة والمنكوبين والمفجوعين بأبنائهم أو بناتهم أو أبائهم أو إخوانهم أو أخواتهم كل ذلك وغيره الكثير، من أجل أن نخلف الباب ( علي صالح) ، آآآه ه ه ما أغلاه و ما أفدحه من ثمن وما أحقره من مقابل .الوفاء للشهداء والجرحى وأسرهم وكل من قدموا التضحيات وكل المقهورين والمظلومين ليس بمحاكمه القتله وحسب ,أو حتى إخراج المعتقلين وأنما الأهم من ذلك تحقيق الغاية الجوهريه التي في سبيلها قدم ؤلائك التضحيات .

لدي مثل الكثير غيري إيمان راسخ أن محاكمه القتله والمجرمين حق مقدس للضحايا بالذات خاصةً وأنا أحد جرحى جمعة الكرامه . وإحترام هذا الحق واجب إنساني على كل فرد - في اليمن و العالم- يتمتع بالقدرة على المشاركه أو المساعده في إنفاذ ( تطبيق ) هذا الحق ( الواجب ) . ولا يحق لكائن من كان وبأي حال من الأحوال أن يقصر في أداء ذلك الواجب .ما بالك بمن يعمل على عرقلة تطبيق هذا الحق . ولكن الأهم من هذا وذلك ومن إجل إنفاذهما .ينبغي أن نسعى ونحرص وبقوه على تحقيق الغاية الجوهرية للثورة والمتمثلة في العمل على إزالة مظاهر الحرمان والبؤس والظلم وإنعدام الحرية والمساواة وإقامة مجتمع تعددي عادل , يتمتع فيه الفرد- كل فرد وأي فرد- بفرص مشاركه حرة متساوية في ظل دوله واحده مستقلة قوية ومستقرة .

إذ ليس من المنطقي أو المعقول أو المقبول إهمال أو تجاهل الغاية التي في سبيلها ومن أجل الوصول إليها أستشهد الكثير و جرحى وتعذب وأعتقل وفقد وتشرد الأكثر .ماذا نقول لكل هؤلاء وغيرهم ممن عانوا وما يزالوا يعانون من القهر والظلم والحرمان ؟ نقول لهم مش مهم الثورة تقضي على الظلم والقهر والبؤس والحرمان والفساد المهم أنها أسقطت شخص على صالح ومش مهم ومش ضروري وربما لا ينبغي ، الحد من عمليات ومظاهر الحرما التي يعاني منها الغالبيه العظمى من أفراد المجتمع ، أما تمتعهم بحقوقهم وثرواتهم حريتهم وقدرتهم على إدارة شؤنهم بأنفسهم فمسأله غير واره على الإطلاق. مثل هذا التوجه الموقف أشد أشكال الظلم . الظلم والفساد ليس محصوراً أو مرتبطاً في شخص على صالح فقط . فالكثير منا يعلم أن هناك ( داخل السلطه وخارجها ) من هم أشد ظلماً من علي صالح ولكننا نُحمله المسؤليه بوصفه كان على رأس السلطة ؛يمارس الظلم والفساد ويعززهما ويُحفز ويدفع على ممارستهما ويُشجع ويحمي من يمارسهما ، بالإضافة الى كل ما سبق , كيف ومن يُحاكم القتله ؟وهم مازالوا يهيمنون على السلطة أو جزء منها أو شركاء فيها , أو حتى يحظون برعايتها وحمايتها.إن مُحاكمه هؤلاء مستحيلة مالم يسقط النظام . والإدعاء بإمكانية محاكمتهم وهم , بشكل أو بأخر جزء من النظام - السلطة - كذب وتضليل وخداع وإستهزاء وإحتقار وإستغلال وشكل من أشكال الإنتهازيه والإبتزاز .لذلك نصادف مراراً وتكراراً من يقول لنا " كُتب لكم ولهم الأجر , والقتله والمجرمين جزائهم وعقابهم يوم القيامة " وسوف يأتي وقت يطغى ويسود فيه مثل هذا القول بل قد يعتبره البعض شعار من شعارات الثورة .

ثورتنا ثورة على الظلم أياً كان شكلة و أياً كان من يمارسه أكثر بكثير من كونها ثورة على الظلمة أنفسهم . لقد ثرنا من أجل أن نحيا وليس من أجل أن نموت . إنها ثورة على الظلم ومن اجل الحرية ؛ هذه ثورتنا وهذا ما خرجنا من أجله وضحى من ضحى في سبيله .