الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤١ مساءً

إعصار ساندي وإعصار الغدير

محمد عثمان المخلافي
الأحد ، ٠٤ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
إعصار ساندي يعرفه الامريكيون منذ زمن بعيد وسماه أحد علمائهم في بداية القرن العشرين باسم امرأة (ساندي ) كان يكرهها , أما إعصار الغدير فلم تعرفه اليمن
الا منذ زمن قصير , و لم تكن سوى رياح بدأت نذرها منذ الحرب الأولى وتراكمت خلال الحروب الستة حتى غدت هذا العام إعصارا ( كما يستشف ذلك من المقروء والمكتوب والمنطوق ).

إعصار ساندي تمكن العلماء في أمريكا وكندا من التنبوء الى حد كبير بحركته وخطوط سيره وقدموا تقاريرهم العلمية إلى أصحاب القرار الذين تمكنوا بدورهم من معرفة متطلبات مواجهة أضراره أثناء وبعد مروره , و وضعوا ما يعرف بخطط الطواريء و حددوا ووزعوا الأدوار في ما يعرف بإدارة الأزمات ,وسيعود الجميع في أمريكا وكندا لبناء ما خلفه الاعصار من اضرار وسينسون أحزانهم على من فقدوه وما فقدوه في غمرة انشغالهم بإعادة البناء أو في التحضير والاستعداد لساندي وكاترينا وغيرهما من أعاصير في جولات أخرى قادمة.

أما إعصار الغدير فيبدو إلى الآن أنه لأسباب يمنية خاصة يختلف بأمور عديدة أبرزها :

- الحضور الطاغي لرجال السياسة ( قرع ومعممين) والاعلاميين في الحديث عنه والغياب التام لرجال العلم في الرصد والتحليل والتفسير والتنبوء.

- الجهل الى حد كبير بحركته وخطوط سيره على الأقل في امانة العاصمة فمن قائل في الستين وقائل في السبعين وقائل في الجراف ...الخ.

- الجدل في معرفة أسبابه وتحوله من زوبعة أو ما نسميه في قريتنا ( عصرارية ) صغيرة كانت تحدث في مكان بعينه ههو صعدة وبعض المناطق المجاورة لها الى إعصار في اليمن كلها فمن قائل
أن قوى خارجية وراء ذلك ومن قائل أن قوى داخلية هي المحركة له ثم جدل في من هي تلك القوى و درجة حضورها كقوة محركة .

- الجهل بما سيتركه من آثار في الواقع اليمني والاقليمي مستقبلا ما عدا أقوال عامة لا تستطيع أن تبين الملامح القادمة.

- ضعف الرؤية المستقبلية للتعامل معه كواقع والتعامل مع نتائجه أيا كان نوعها لتجنيب اليمن خطر الانزلاق الى الاحتراب والمحافظة على نسيج مكوناته.

- مهما كان إعصار ساندي جبارا ومتوحشا ومدمرا فإن التسمية الأنثوية له تخفف نفسيا من الخوف منه لأن الأنثى مهما توحشت فإنها تترك بعد مغادرتها المكان أثرا من رائحة عطرة,
أما إعصار الغدير ورغم أن الغدير هو ماء رقراق منساب الا ان الحضور الطاغي للمحتشدين معه والمحتشدين ضده ( من الذكور بشواربهم ولحاهم) بما استطاعوا أن يحملوه أو يخبئوه من آلات الموت
فإن ما سيتركه يتجاوز الأسف على الخسائر في الأرواح وكلها يمنية الى الكراهية والاستعداء وغيرها مما يشوه النسيج الاجتماعي , خاصة مع غياب الرؤية الاستراتيجية السليمة للتعامل معه ومع نتائجه.

لا أريد أن أدخل في موضوع ليلة الغدير نفيا او إثباتا ومدحا أو ذما ل ,ليس لأني ليس لي موقف من ذلك وإنما لأن ما قد قيل وما ما يزال يقال هو أحد القوى المحركة ,
وهو من الكثرة بما يجعله صوت الإعصار القادم .

أصدقكم القول أني ليلة أمس بعد قرائتي للأخبار والمقالات في المواقع الالكترونية لم أستطع النوم , وقضيت ليلتي خائفا أترقب . أنظر في المدينة وأخا طبها بصمت (أليس فيكم من رجل رشيد).
ثم أنظر الى الجدار فأرى خريطة الجمهورية اليمنية وأتذكر كل الأعاصير الثائرة في كل ناحية منها فأجد نفسي أتحسس الخريطة وأحدثها ( إن الملأ يأتمرون بك ).

استيقظت في الصباح وتأكد لي أن شيئا مما قيل سيحدث لم يحدث بعد , فدعوت الله أن أستيقظ غدا وبعد غد دون أن أسمع بمكروه .
و من يدري فربما تمر الليلة وينتهي الاحتفال ونكتشف أن ما توهمناه إعصارا لم يكن سوى زوبعة صغيرة أثارت الغبار ثم انجلت وحينها سنقول ( كذب الإعلاميون وإن صدقوا ).