الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٥ صباحاً

صراع القوة والنفوذ والقبيلة وأثره السلبي غلى ثورة الشباب.

د . عبدالله محمد الجعري
الاثنين ، ٠٥ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
آه على ثورة قتلها الفاسدون والمتسلقون وأشباه الثوار ممن وجدوا فيها ضالتهم وشفاء غليلهم وتصفية لحساباتهم ، فركبوا موجتها لتكون مطيتهم وكان لهم ما أرادوا وقصدوا ، فانحرفوا بها عن مسارها الصحيح بعد أن كادت تؤتي أوكلها لولا هم ، أولئك الذي يحسن بي أن أسميهم الثالوث المقيت والمتمثل بصالح وأتباعه وأولاد الأحمر وأتباعهم وعلي محسن وتحت عباءته المشترك ، والذين لم يروا الثورة إلاّ من منظور مصالحهم ومآربهم ، فكانوا سبباً في قتلها في مهدها عن قصد منهم. على أن الصنفين الأخيرين من هذا الثالوث كانوا حتى الأمس القريب أبواق النظام المثار عليه ، وفجأة بين عشية وضحاها أصبحوا هامات وزعامات وواجهات لثورة الشباب ، فيا سبحان مقلب الأحوال من حال إلى حال وما فعلوا ذلك حباً في الثورة وإيماناً بما قامت به ويا ليتهم كانوا كذلك ولكن اختلفت مصالحهم مع النظام فارتموا في أحضان هذه الثورة لأنهم استوعبوا الدرس جيداً وما حل بنظام بن علي في تونس ومبارك في مصر فأرادوا أن يكون لهم السبق وموطئ قدم على أرضية هذه الثورة الوليدة فانضموا إليها خشية أن تعصف بهم رياحها مع النظام .

لقد كانت هذه الثورة في بدايتها قبل مجيء هؤلاء نقية السريرة صادقة التوجه والهدف قادتها هم الشباب الرافض لكل الأوضاع المتعفنة على جميع الصُعد ، ولكن ولشعور هذا الثالوث بخطر هذه الثورة سارع كل طرف من أطراف هذا الثالوث ليحمي نفسه منها وأن اختلفت وتعددت وسائل الحماية لكل طرف إلاّ أن غايتهم واحدة وهي القضاء على ثورة الشباب ، التي لم تستئذن أحداً عند قيامها بل قرعت أجراس الخطر فجأة وأعلنت التغيير، ولأن من قام بها ليسوا من ضمن السياج القبلي الحاكم في اليمن والذي يدير اليمن بمنطق القبيلة وعقليتها ، سارع قادة القبيلة لاحتواء هذه الثورة والالتفاف عليها وإفراغها من مضمونها وجوهرها ومن ثم إفشالها أو لنكن منصفين وعادلين وحتى لا نتهم من أحد بالتحامل على هذا الثالوث وبالذات الطرفين الأخيرين منه فنقول إنهما ( أي أولاد الأحمر وعلى محسن وتحت عباءته المشترك ) قد أخّرا ويحاولان إجهاض تلك الثورة الشبابية ، ويكاد يكون هذا الوضع مشابه لما قام به قادة ثورة سبتمبر وكيفية احتوائها ثم التخلص ممن قادها فيما بعد ومنهم علي عبد المغني وكأن التأريخ يعيد نفسه وأن كان في ثوب جديد ، وهنا أقول أن لا وجود ولا انتصار حقيقي لهذه الثورة الشبابية في ظل هذا الثالوث والذي يرى فيها الخطر المستطير عليه وعلى مصالحه ، ولكن الحقيقة الموجودة والتي أراها هي أن الطرفين الأخيرين لهذا الثالوث قد جعلا من هذه الثورة الشبابية متنفساً لصراعهما الخفي مع قطب هذا الثالوث الأساسي والمتمثل بالرئيس السابق علي عبدالله صالح ومعه طموحه في البقاء ومن ثم التوريث ، فما كان من أولاد الأحمر والذين بقوا على مدى 33 سنة الحكام المتخفون تحت رداء القبيلة ، إلاّ أن يرتموا في أحضان ثورة الشباب ويستغلوا ما قام به الشباب الثائر ليوظفوه فيما بعد لصالحهم بعد أن أحسوا بأن صالح سحب منهم كل البساط حتى وصل إلى عقر دارهم وحصنهم الحصين قبيلة حاشد ، فأقام مع شيوخها علاقات نسب ومصاهرة لضرب آل الأحمر ، ومن ثم التمرد عليهم جهاراً نهاراً وقد تجلى هذا التمرد واضحاً في انتخابات 2006م حينما أنزل صالح مرشحاً منافساً للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في نفس دائرته والتي ظلت حكراً عليه قبل ذلك ، وهو ما اغضب الشيخ عبدالله الأحمر حينها ، فقرر عدم خوض الانتخابات تلك لولا توسط عدد من الشيوخ لحل الخلاف بين صالح والشيخ الأحمر أسفر عن سحب صالح لمرشحه من دائرة الشيخ الأحمر مقابل تنازل صادق عبدالله الأحمر (الابن الاكبر للشيخ )عن دائرته لمرشح من حزب صالح ، وكذلك الحادثة التي كادت تودي بحياة الشيخ عبدالله الأحمر في السنغال والتي تشير أصابع الاتهام فيها لصالح ، فبمثل هذه الأمور يعلن فيها صالح أنه لم يعد الرئيس الذي يدار بالريموت من قبل الشيخ ، وأنه قد استقوى بأولاده وأخوته وأبنائهم وحاشيته وأنه في غنى عن حماية الشيخ عبدالله الأحمر الذي ظل يحاصره بها على مدى عشرين عام . هذه هي حقيقة الصراع بين هذه القوى المتنفذة وانعكاساته السلبية على ثورة الشباب فأفرغوها من مضمونها وجوهرها الذي من أجلهما قامت . ولكن هل ستتوقف هذه الثورة عند هذه المحطة أم أن قطارها سيدهس في طريقه كل من يقف أمامه بقصد عرقلة سيره ولو كانوا آل الأحمر أنفسهم وعلى محسن ومشتركه ، هذا ما ستفصح عنه الأيام المقبلة فانتظروا إنّا منتظرون ...