السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٦ صباحاً

فوز أوباما ، وهزيمة أمريكا !!

اسكندر شاهر
السبت ، ١٠ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
أعترف ميت رومني المرشح الجمهوري المنافس للرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما الأربعاء الفائت بخسارته في الانتخابات الرئاسية معلناً تهنئته لمنافسه الديمقراطي ، الامر الذي يعني ولاية ثانية للرئيس الملون الذي يعود لأصول إفريقية ، وفي خطاب النصر بمدينة شيكاغو استعرض أوباما قوة أمريكا بصورة أقرب إلى المثالية منها إلى الواقعية ، متجاهلاً نقاط الضعف المحورية التي تعاني منها منظومة الحكم في أمريكا وهروباً من هذه الحقيقة الجوهرية التي تمس كنه النظام شدد أوباما في خطابة على أهمية الانتخابات ومشاركة الأمريكين فيها محاولاً تحميلها -أي الانتخابات- أكثر مما تحتمل رغبة منه في تعزيز الشعور بالتغيير في نفس المواطن الأمريكي وإيهامه بدوره في هذه العملية التي لم تحدث من حيث النتيجة ، فأمريكا بوجهيها الجمهوري والديمقراطي هي ذات أمريكا التي تعاني من هزيمة داخية وأخرى خارجية ، والهزيمة الداخلية تكمن في تصلب النظام وبيروقراطيته التي لا يشعر بها إلا من اكتوى بنارها وتضمنه لفيروسات انقضائه الوشيك والذي لا يريد الحزبان الأمريكيان الاعتراف به ، هذا فضلا عن وقوع النظام الأمريكي برمته تحت سيطرة اللوبي الصهيوني بطريقة لم يتمكن أو لم يجرؤ قادة أمريكا حتى الآن على تفسيرها للمواطن الأمريكي المسيحي فضلا عن المسلم إضافة إلى المشكلة الاقتصادية المزمنة التي لم يقدم ميت رومني أي بديل واقعي لحلها ، مثلما لم يقدم أوباما لـ "حركة وول ستريت" شيئاً غير العنف والإقصاء .

أما الهزيمة الخارجية فمتعددة الأبعاد فأمريكا لم تهزم فقط في أفغانستان والعراق بل هزمت في لبنان بهزيمة إسرائيل في حرب تموز 2006 وفي غزة في حرب 2008 - 2009 ، واليوم تهزم في سورية وإن كانت قد حاولت النأي بنفسها عن المواجهة المباشرة ، فسورية ليست العراق بكل تأكيد ولكن الهزيمة الامريكية هي هي لم تتغير بل زادت انكشافاً واتضاحا وانفضاحا في أكثر من بلد حول العالم .. وقد يبدو طبيعياً بعد هزائم أمريكا أن يتحدث أوباما في خطابه حول النأي ببلاده عن الحروب في المستقبل على أن ماهو طبيعي أكثر تجنبه الحديث عن مواصلة أمريكا بيع الأسلحة المبرمجة لدول المنطقة وخاصة دول النفط العربي وعلى رأسها السعودية والتي تزود الخزانة الأمريكية بمليارات الدولارات ، و تكدس الأسلحة المتطورة لكش الذباب التي قد تكون ساحتها سورية لدعم الجماعات المسلحة أو لقتل الثوار البحرينين ، ولايمكن بأي حال من الأحوال إلا أن تتحول إلى ورود بعقالات ترسل إلى تل أبيب .

كنت متوقعاً فوز أوباما وذكرت ذلك قبل شهور في أكثر من مناسبة وقبل أيام عديدة وقبل بدء الانتخابات سجلت توقعاتي مختزلة عبر صفحتى على الفيسبوك .. ولديّ اعتبارات كثيرة في بناء هذا التوقع لاعلاقة لها بالتنافس الانتخابي الذي يتم تصويره لنا على أنه القول الفصل فهناك شركات متخصصة بإمكانها أن تصنع رأي عام ولا يستطيع أحد أن يدفع بها ولها سوى من بيدهم كونترول الإدارة الأمريكية المتفق عليها بين الحزبين أو بين النخبة الحاكمة ، ومن بين الاعتبارات التي بنيت عليها هو الرأي غير الواضح لكثيرين بأن صعود أوباما الأسود لأول مرة في تاريخ أمريكا والذي أثار جدلا واسعا لحظة صعوده أول مرة عام 2008م حتى في العالم الثالث أو الدول النامية وحتى المتخلفة لم يستهلك بعد ولم يستنفذ حتى النهاية ، والمسألة أشبه برسم بياني حيث يراد للرئيس الأسود أن يصعد بالرسم إلى أعلى نسبة وبالتالي يتم الانتقال إلى وجهة أخرى للرسم البياني مختلفة وربما تبدو للبعض منفصلة تماماً عن سابقتها .

أوباما الذي يعتقد كثيرون أنه كان يريد السلام وهو الذي صفق له الكثير من العرب والمسلمين في خطابه الشهير بجامعة القاهرة هو نفسه الذي صفق للإسرائيليين كثيراً ففاز في الانتخابات لولاية ثانية ولكن أمريكا لا تزال تعاني هزيمتها ..

ولسوف تتوالى هزائم واشنطن حتى سقوط القطب الواحد كلياً وإحداث تغيير حقيقي ويحصل التوازن المطلوب في لعبة الأمم .


إيماءة
متفائلون جداً قالوا بأن أوباما في ولايته الثانية سيكون متخففاً من قيود الضغط الإسرائيلي وبالتالي يمكن أن تتاح له فرصة لدخول التاريخ من اوسع أبوابه مما سيمكنه من العمل على تحقيق السلام في الشرق الأوسط وتحدي العقبات الصهيونية ، وبدوري أقول : لو أن شيئاً من ذلك سيحدث لكان اللوبي الصهيوني له بالمرصاد ، ولما فاز بولاية ثانية ..
إن حديث أوباما في خطاب النصر عن أمريكا كدولة محترمة يقتضي احترام الآخرين ودون ذلك فان أمريكا ستبقى تبحث عن الاحترام ، وهنا لانتذكر الحروب فقط وسجن أبو غريب وغوانتانامو ووإلخ وإنما نتذكر أيضاً التعرض لمقدسات الشعوب والأمم وآخرها محاولة الإساءة لنبي الرحمة المهداة للعالمين سيدنا المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم .