الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٥ مساءً

الأمير وصناعة التاريخ

عبدالعزيز الصلاحي
الاثنين ، ١٢ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
هناك البعض سيعبر عن امتعاضه من هذا العنوان , ولكن لا غرابة لمن فقد مصالحة , وتهاوت اصنامه , وانهارت أحلامه , وأوقف عن ظلمه وطغيانه , لا غرابة ممن يقفون الى جانب الظلم والإستبداد .

الأمير القطري هو أمير لدولة ضمن منظومة تسمى دول الخليج العربي وهي دول ذات انظمة شمولية استبدادية ليس للإنسان فيها أي حقوق غير انه يأكل ويشرب وبنام ويعيش بهدوء وسلام , لكن هذه الدول حباها الله بثروة طائلة من النفط دخلها يفوق مايحتاجه السكان بألاف المرات ولذلك تشهد نوعا من الإستقرار الساسي والرفاه الإجتماعي رغم امتعاض الكثير من المثقفين والدارسين في الخارج الذين رأوا ان الإنسان ليس مجرد جسد يأكل ويشرب ويتمتع فقط وإنما هناك اشياء أخرى لاتقل أهمية عن حياته المعيشية ألا وهي ان يكون له رأيا في الحياه العامة وله حق المشاركة في أختيار من يحكمه وله حق الإعتراض في حال وجدت سياسة خاطئة او مواقف تضر بمصالح الأمة , معروف ان هذه الامور غير جائزة في هذه الدول ومن يعترض على ذلك فلن يرى أهله ولن يرى الشمس مرة أخرى بل قد يفقد حياته بأسرها , رغم ذلك إلا ان هناك حراك نوعا ما قدبدأ يطفوا على السطح في بعض هذه الدول , فالكويت اليوم اصبحت شبه بلد ديمقراطي له الحق في التعبير إلا ان الحراك فيها لم يرقى الى تغيير الحكام , ومازالت هناك سيطرة شبه تامة لمفاصل الدول من قبل اسره واحدة .

إلا أنه ورغم الكبت والتعتيم اللامحدود يظهر هنا وهناك اصوات تنادي بالإصلاح والحرية وحقوق الإنسان إلا انها تواجه أحيانا بقمع وحرب لاهوادة فيها كان آخرها ماتعرض له اكثر من 60 ناشطاٌ في دولة الإمارات العربية من سجن وتحقيقات بتهمة الإنتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين , وهي الجماعة التي ناظلت طويلا من اجل نيل الحقوق والحريات ونصرت المظلومين ومقارعت الظالمين , مما أو جس حكام الإمارات خيفة منها فعملت على تجنيد قائد شرطة دبي ( ضاحي خلفان ) لمواجهة ومقارعة هذه الجماعة والذي يعمل بمثابة المتهم والقاضي والمدعي العام والشرطي في آن واحد , فتارة يتهم عبر وسائل الإعلام , ومن ثم يحكم ثم يسجن ثم اذا أراد ان يطلق صك براءة , كذلك هناك حراك في اكثر الدول الخليجية إلا في دولة واحدة ألا وهي قطر وقد يكون ذلك لإعتبارات كثيرة منها واهمها انها الأولى في العالم من حيث دخل ورفاهية الفرد , وكذلك نتيجة لمواقف اميرها البطولية التي تعبر عن ضمير الشعب والامة ولا تعبر عن مصالح افراد واسر مستبدة .

رغم ذلك الإستقرار وتلك الرفاهية في دولة قطر إلا ان اميرها لم يضع نفسه في خانة الحكام الذين يصارعون من اجل البقاء , والذين ما إن يروا حراك في هذه الدولة أو اتلك إلا ويسارعون في إخمادها وإطفاء لهيب جذوتها خشية أن تصل إليهم فتحرق كراسي الحكم من تحت أرجلهم , بل ويسخرون أموال طائلة لبناء إعلام يعمل على تظليل الحقائق ليل ونهار خشية ان تتحدث عنهم أو عن أي شئ يمس امنهم , ولدعم الانظمة الظالمة والمستبدة والعصابات الإجرامية , إلا ان الرجل كسر هذه القاعدة وحطم كافة الحواجز التي اقيمت بين الحاكم والمحكوم طيلة قرن من الزمان , فأنشأ إعلاما حر يعبر عن تطلعات الشعوب وهمومهم وتصل أصوات المظلومين والمحرومين والمضدهدين إلى عنان السماء يسمع بها القاصي والداني , فزاد من وعي المجتمعات واعطاها بريقا من الامل ان هناك من يساندكم ويقف الى جانبهم رغم أنه لم يعاني معاناتهم ولم يصاب بهمومهم ولم يصاب بعوز مثل عوزهم بل عاش برفاهية وترفا , أمثالة لم يعرفوا ولم يعلموا ان هناك الملايين من البشر يعيشون تحت وطاة فقرٍ مدقع وظلام كالح ومعاناه يندى لها الجبين لم يعلمو أن هناك شعوباً مقهورة ومغلوبة على أمرها تأن تحت وطأة حكام مستبدين ليس همهم سوا جمع المال وتنصيب الأقارب والاولاد والزواجات في المناصب الرفيعة , حكام اشبه مايكونوا برؤساء عصابات المافيا , بل اسوأ منها تستخدم الإعلام والمال العام ومقومات الأمة الإقتصادية والعسكرية من اجل السيطرة والإستحواذ والقهر والقمع والإذلال , فلا عدل ولا أمن ولا إستقرار , بل تفريط بالسيادة وإهدار لكرامة الإنسان ودمه وماله وعرضه , ارض الإسلام واحده لكنهم قطعوها إلى اوصال محرم عليك الإنتقال من بلد الى أخرى حرام عليك العيش بأرض إسلامية حرام عليك ان تتمتع بثروة الامة ومقدراتها العامة .

نعم لقد كسر هذه القاعدة وناصر الثورة في تونس التي كانت ترزح تحت وطأة بوليس بن علي وعصابة ليلا الطرابلسي , وسخر قناة الجزيرة الرائدة لنقل الوقائع ساعة بساعة ولحظة بلحظة , حتى لايتم إعدام الشعب التونسي الحر في غفلة دون ان يشهد العالم , وماهي إلا أيام واسابيع حتى أعلن بن علي الإستسلام لإرادة الشعب وفر هاربا بماله وطائرته لكنه ترك شعبه سالماً لم يقتل غير المئات من أبنا الشعب التونسي , فكانت المفاجأه الكبرى والداهية العظمى التي هزت عروش الطغاه وزعزعت استقرار المستبدين , ماهي إلا ايام قلائل حتى تلتها ثورة ام الدنيا , فكان حكامها في ذلك الحين يرددون مصر ليست تونس وقناة الجزير تناوب ليل ونهار وتراقب جنود مبارك وخيله وإبله وهي تدهس الناس في الشواع والقنص من الغرف المغلقه والبلاطجة يخرجون افواجا وفرادى علهم يقضون على شأفة الثورة , ولكن لاجدوى كيف لا والعالم يراقب مايحدث عن كثب من خلال الجزيرة ومن سار مسارها , وماهي إلا ثمانية عشر يوما وبضع ساعات حتى يعلن مبارك استسلامه لإرادة الشعب ويعلن تخليه عن العرش الذي عاث فيه فساد لمدة ثلاثين عاما , فانبلج الفجر وتبدد الظلام رغم كيد الإمارات وخوف باقي الشقيقات , تلك إرادة الله التي لاتقهر , ثم تلتها ليبيا القذافي فلعبت دولة قطر العظمى نفس الدور وأكثر لتحرير الشعب الليبي من طاغية مستبد عاث في الأرض فسادا اثنان واربعون عام من التسلط والقهر والظلم والطغيان , لكنه قاوم وقاتل فكانت له قطر والمجتمع الدولي بالمرصاد دكوا حصونه واقتلعوه من جذورة ,إلا انه صمد شهورا كثيرة وسالت دماء غزيرة إلا ان إرادة الله ثم إرادة الشعب ثم الأشقاء والأصدقاء وقفوا وقفة رجل واحد حتى تم إلقاء القبض عليه وقتله في الحال فلم تنفعه كتائبة ولم تنقذه أمواله ولم ينجوا منها حتى أقرباءه وأولاده فكلهم ذهب الى غير رجعه فمنهم من قتل ومنهم من قبض عليه ومنهم من فر هاربا ولم يلقى له اثر , وتخلصت ليبيا من طاغيتها وعادت إليها انفاسها وروحها ببسالتها وصبرها , وفي تلك الأثناء تنتقل كامرا الجزيرة إلى اليمن وماأدراك ماليمن , حينها كان طاغية اليمن يتصل بالقذافي ويحثه على الصمود والتحدي ويحرضه على القتال والنزال عله يخوف به غيره ويجعل الشعب الليبي عبرة لغيره , ولكن دون جدوى فماحصل في ليبيا الغنية بثرواتها كان حافزاً ومشجعاً لليمن الفقيرة اكثر من تحريض علي صالح كيف بالشعب الليبي ينتفض وهو افضل حالا من الشعب اليمني , فخرج الشعب اليمني عن بكرة أبيه إلى الشوارع يطالب بالحرية وإسقاط الفوضى وليس النظام , ولكن طاغية اليمن كان اكثر مكرا وخداعا من سابقيه فتارة يطارد طاقم الجزيرة حتى لاينقلون الحقيقة وحتى يتسنى له قتل الشعب في غفلة من العالم وتارة يخرج انصاره وجنوده ومرتزقته ويقول انا لست بن علي ولا مبارك ولا القذافي هاهو شعبي يؤيدني ويناصرني ويموت من أجلي ولكن عين الجزيرة ترقب وتنقل جموع الثوار في الساحات وتفضح القتله والمجرمين الذين يقتلون الناس في الشوارع دون رادع او ضمير ليس لشئ وانما لخروجهم يطالبون بحرية وحياه كريمة , ويرفضون الحياه تحت وطأة نظام عبثي قاتل همه إفقار الشعب والسيطرة على مقدراته ومقوماته , شعب خرج الى الشوارع يريد الحياه بعزة وكرامة او الموت والشهادة , ومن مكر علي صالح وخداعه للشعب وللعالم كان يخرج بكل جمعه ويصرخ فيها ها أنا ذا موجود وله انصار يخرجون معه في النهار يصلون وفي الليل يقاتلون وهو تارة ينادي عملاءه السابقون علهم ينقذونه ويقفون إلى جانبه وهو مستعد لقتل الشعب بكامله من أجل البقاء وتارة يسب الثوار وتارة يقتلهم وتارة يشتم دولة قطر , ولكن دون جدوى والعالم يرقب أنذاك لم يتدخل منتظر متى يتم قتل الناس في الشوارع أو ينصرفو إلى بيوتهم ولكن بثبات الثوار وصمودهم امام آلة القمع وخذلالن المجتمع الدولي ارغموا علي صالح والعالم ان يبادروا إلى اختيار حل وسط يعفي المجرمي وقائدهم مما ارتكبوا من جرائم ونهبوا من اموال مقابل ان يحصل الشعب على حريته وكرامته وتعود إليه سلطته , وبعد اليمن سوريا لكن نظامها هو الاكثر إجراما ودموية , وذلك لوقوف بعض الدول العضمى الى جانبة والحيلولة دون سقوطه .

ولكن أمير قطر وبكل صراحة وقف الى جانب الشعوب المقهورة والمغلوبة لقد احسسنا انه خرج الى كل الساحات وصرخ بأعلى صوته كفى قهرا وإذلال كفى مكرا وخداعا كفى ظلما وفسادا , لقد احسسنا بألمه وهو يتألم لمايصير هنا وهناك ,إنه نموذج للضمير الحي والقلب الرحيم والعزة والكرامة ,مواقفة الوطنية والعروبية والدينية تشهد على ذلك , من تونس الى مصر الى ليبيا الى اليمن الى السودان الى سوريا وكان آخرها تاثيرا زيارته التأريخية الى غزة الى فلسطين المحتله , هذه حقائق لا ينكرها إلا جاحد او معاند أو منافق , ولكن مع هذه المواقف البطولية المشرفة فانه يتعرض الى هجمة إعلامية شرسة من قبل الظلمة والمأجورين والذين يقابلون الإحسان بالظلم والنكران , ونحن نعلم ماهو إلا حقد وحسد من عند انفسهم , والشيطان والله المستعان .....