الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٣ صباحاً

المبادرة الخليجية.. مخاوف مشروعة

احلام القصاب
الاربعاء ، ١٤ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٢٠ مساءً
يبدي البعض خشية من بعض بنود اتفاقية انتقال السلطة الموقعة بين الاطراف السياسية في فبراير 2012م في المملكة العربية السعودية ، وتكمن خشية البعض من افساح المجال لأطراف خارجية للقيام بالإعداد والتهيئة لقضايا تعتبر غاية في الحساسية من حيث الاهمية والخطورة لليمن ككيان مستقل فيرى البعض محاولة فرنسا تقديم العون لصياغة دستور جديد قد يكون مدخل لفرض دستور لا يتناسب مع الواقع اليمني بحيث تذهب فرنسا في محاولتها المساعدة في إعداد الدستور ما ينتج عنه دستور يأسس لواقع مماثل لما عليه الحال في لبنان من تقسيمات طائفية تقابلها تقسيمات جغرافية في اليمن ، وفي حقيقة الامر مع الادراك بجدية الخشية التي يبديها البعض الا ان الواقع في اليمن لا يشبه الواقع اللبناني حيث توجد الطوائف منذ تأسيس الدولة اللبنانية في العصر الحديث ولا توجد ديمقراطية حزبية بالقدر الذي توجد فيه ديمقراطية (طائفية) ، بينما الواقع في اليمن يختلف من حيث وجود احزاب سياسية غير طائفية او جغرافية (مناطقية) بمعنى ان الاحزاب في اليمن تتواجد في طول البلاد وعرضها ، فلا توجد محافظة الا يوجد فيها تنوع في الانتماء الحزبي ، وايضا تنوع حزبي في كل قرية وقبيلة بل في كل اسرة يوجد تنوع حزبي ، ومن جانب آخر شهدت اليمن انتخابات حرة متعددة جرت على اساس برامج حزبية منذ قيام الجمهورية اليمنية في 22/05/1990م ولم تجر على اسس طائفية او مناطقية ، وعليه الخوف من هكذا احتمالات إن صَحّت قد يكون مبرر لأنه سيقود إلى شللٍ تام للدولة مثلما هو الوضع في لبنان وسيكرس ويغذي الافكار المناطقية لدى بعض الاطراف التي قد تذهب بعيداً في عمل تحالفات مع دول اقليمية لا تراعي الا مصالحها ويصبح اليمن ساحة صراع لقوى خارجية بأدوات محلية تماماً مثلما هو الحال في لبنان ، فالديمقراطية الحقيقية والنزيهة التي يتم الاعداد لها بشكل سليم ستكون الضامن الوحيد لان يختار الشعب من يحكمه وفق برنامج سياسي لفترة محددة وتبدو افضل الخيارات لبلد فيه تعدد حزبي غير مناطقي او طائفي كاليمن ، اما خشية البعض من قانون العدالة الانتقالية تكمن في ان يكون هذا القانون مُعد وفق رؤى لجهات معينة بحيث لا يراعي فئات اخرى من المتضررين فلا يشملهم هذا القانون الذي في ظل عدم الشفافية التي تتم فيه عملية الاعداد لهذا القانون قد يُظهر البعض خشية ان لا يشملهم هذا القانون وخاصة أولئك الذين تضرروا قبل عام 90م شمالاً وجنوباً ، اما خشية البعض من عملية اعادة هيكلة الجيش فوجود جيش موحد تحت قيادة واحدة لا تخضع لأطراف متنازعة ولا طوائف ولا احزاب يعتبر خيار سليم في كل بلاد العالم المتحضر ، والخشية قد تكون لأسباب اخرى لا يفقهها الكثير من غير اهل الاختصاص فهؤلاء تقع عليهم (اهل الاختصاص) المسؤولية التاريخية في تجنب اي عمل قد يُستغل للإضرار باليمن وقواته المسلحة وولاءها ، وعليهم ايضاً تقع المسؤولية في التعامل بكل شفافية مع الشعب بسعة صدر وطول بال حتى لا يجد المتضررون من اعادة الهيكلة وبناء جيش يمني على اسس سليمة وعقيدة صحيحة لا تتبع طرف او جماعة او حزب فلا يجدون مدخل لنشر التخرصات والبلبلة في اوساط الشعب ليشغلوه بأمور جانبية تشكك في عملية بناء اليمن الحديث القادر على حماية اراضيه والحفاظ على ثرواته وتحقيق الازدهار الذي نأمله جميعاً ، وقد تفضي هذه التخرصات والبلبلة إلى مزيد من الفوضى والقلاقل بحيث تزداد الدولة ضعفاً ويقوى تجار (التخريب) وتزدهر تجارتهم ، لهذا فإن الشفافية مطلوبة في هذه المرحلة واطلاع الشعب على تفاصيل ما يحدث خلف الابواب المغلقة امر في غاية الاهمية ، لان ما يحدث يعني الشعب في المقام الاول ، وكذلك يجب عليهم عدم تمرير اي امر يرون فيه ضرر على اليمن ارضاً وانساناً تحت اي مبرر ، فالشفافية طوق النجاة لنا جميعاً في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ اليمن المعاصر والشعب وحده سيحمي مصالحه ويذود عنها بالغال والنفيس .