الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٣ مساءً

ألم السقوط في غزة !

د . أشرف الكبسي
السبت ، ١٧ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
هاهو سيناريو الألم يتكرر مجدداً ، غزة تحت القصف ، أشلاء الأطفال والنساء تختلط بتراب الأرض ، وتخضب بدمائها أنقاض الحياة والمباني ، تتساقط وجوهنا خجلاً من أنفسنا ، حين تتساءل أم ثكلى وعلى صدرها رضيعها الشهيد : أيها العرب أين انتم !

تطالعنا شاشاتنا المسطحة بتلك المشاهد المروعة ، لتذكرنا بحياتنا المسطحة هي أيضاً ، وبردود أفعالنا الرسمية الأكثر تسطحاً ، تنديد وشجب واستنكار ، يجتر وزراء الخارجية العرب مؤخراتهم الثقيلة لعقد اجتماع طارئ ، لكن بعد أيام ، وجميعنا يعلم – حتى هم – عبثية التحرك الدبلوماسي العربي المحكوم بدائرة الضعف والارتهان والعمالة..!

في الوقت الذي ترسل فيه غزة اليوم صواريخ مقاومتها نحو العدو ، تبعث رسائل قوميتها نحو العرب متسائلة : متى كان النفط العربي أغلى من الدم العربي ، ومتى تقدمت الجامعة العربية على الكرامة العربية ، ومتى ستفهم سياساتكم أن وقف الاستعداء لا يأتي بالاستجداء ، وأن دموعكم لم ولن تطفئ نيران القذائف والطيران ، بقدر ما تطفئ ما تبقى من نيران ضمائركم! ما الذي ستخرج به القمة العربية المرتقبة ، وهل ستدعو (الجامعة) مجلس الأمن للتدخل العسكري وخلق منطقة معزولة آمنة في غزة ، وتسليح المقاومة في غزة لتكوين الجيش الفلسطيني الحر، أم أن حق شعب عربي في الديمقراطية ، أولى من حق شعب آخر في الحياة ..!

لك الله يا غزة ، لم تسعفك يوماً دموعنا ، لا ولا كتاباتنا أو سياساتنا ، أنت مازلت على الخارطة ، رغماً عن هذا الحصار والقصف والدمار ، كونك تجسيداً للبطولة والصمود والمقاومة، تجسيداً لما عرفناه شعاراً وعشته حياة... بلا دولة وبلا جيش ، وبلا غاز أو نفط ، ومع خذلان بحجم العالم ، هاهي صواريخ المقاومة ، المتواضعة في التصنيع والمدى ، المتطورة بالإيمان والفداء ، تتساقط على رأس الغطرسة والاستكبار الصهيوني ، لتقول لنا بالعربية وبالعبرية وبجميع لغات العالم : هيهات منا الذلة !
ما أشبه الموقف الامريكي القائل بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ، بالقول بحق السفاح المغتصب ، في الدفاع عن نفسه كلما حاولت ضحاياه مقاومته ، وموقف كهذا يجعل من صاحبه – أياً كان - في أعيننا عدواً ، وعدالته في ضمائرنا منتقصه ، فنحن اليوم الضحية وبلا شك ، ومقاومتنا ليس خياراً وارداً ، بل أمراً حتمياً لازماً ، فإذا كانت إسرائيل ترتكب اليوم جريمة بحقنا ، فإن الولايات المتحدة ترتكب بموقفها ذاك جريمتين ..!
أن ننتصر لغزة ، يعني انتصارنا لأنفسنا ، فكل صاروخ يسقط عليها اليوم ، حتماً سيسقط علينا غداً ، وكل طائرة تقصف غزة اليوم ، قد تقصف صنعاء والقاهرة وتونس غداً ، وعلى المجتمع الدولي ، وفي مقدمته الولايات المتحدة ، أن يدرك أن الربيع العربي لم يرفض بل ويلفض أنظمته وحكوماته الفاسدة والعميلة ، إلا لأنه قد ضاق ذرعاً بكل ظلم ومذلة ، فهل سيقبل من المغتصب والمحتل البعيد ما لم يقبله من الحاكم والمستبد القريب !

لاشك... أنه وفي كل مرة تسقط فيها صواريخ وقذائف إسرائيلية على غزة ، تسقط معها أجزاء منا، فعلاوة على ألم سقوط الضحايا ، يعتصر قلوبنا ألم سقوط المواقف والمبادئ وحتى الوجوه..!