الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤٨ صباحاً

السلام والحصانة ...والحصار والجرحى الفضيحة!

د. علي مهيوب العسلي
السبت ، ١٧ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
منذ اتفاقية العار والخزي كامب ديفيد الشهيرة ،وقائد مصر الكنانة نجرد العرب من قاموسهم الجهاد والكفاح المسلح ،والعزة والكرامة ،وزرع فيهم الخنوع والاستسلام ،واحدث في الجيش العربي الهزيمة النفسية من أن لا نصر لهم رغم خروجهم من نصر مؤزر في اكتوبر العظيم ،فحوّل النصر الى هزيمة بذهابه الى القدس وتوقيعه اتفاقية السلام ،وتبنى استراتيجية السلام خيار استراتيجي وهو يعني الاستسلام واكد ان مصر لن تحارب احدا بعد الان ،وانها ستتحول الى بناء مصر ،فلا بناء ولا كرامة حصلت ولا هم يحزنون!

أتدرون من خطط وعطل مصر عن دورها التاريخي ؟! ؛ إنها امريكا راعية السلام المذل دائما وابدا ،فكيف يعقل ان تكون امريكا وسيط نزيه وهي تسبح ليل نهار بحمد " اسر ائيل " الكيان الصهيوني اللقيط الذي زرع في قلب الوطن العربي ،وهي التي لا تتوانى لحظة واحدة في الإفصاح عن تعهد الدولة العظمى في حماية اسرائيل !

وجاءت الثورات العربية ومنها ثورة الــ 25من يناير العظيمة التي غيرت اللعبة ! ؛ وبدئت مصر تستعيد حريتها وكرامتها فلم يروق للكيان الصهيوني هذا التحول العظيم في تاريخ الامة ،فبدئت تخطط للإطاحة بهذا الحلم الذي بدء يلوح بالأفق فقررت حربها الشاملة على غزة وغرضها وهدفها الاساسي هو جر مصر الى الدخول في حرب وبمباركة امريكية قبل ان تكمل ثورة مصر اهدافها لتحدث هزيمة نفسية هذه المرة للشعوب التي غدت هي صاحبة القرار في القضايا الاستراتيجية !
نعم ! ؛ لقد استفاقت الجماهير العربية وبخاصة في اليمن وخطت خطى تونس ومصر في الانعتاق من الدكتاتوريات التي كانت تنتصر للكيان الصهيوني وتزايد في الوقوف مع قضية الشعب الفلسطيني لتبقى جاثمة مغتصبة للسلطة باسم القضية الفلسطينية التي كانت في عهد الثورات العربية الاولى القضية المركزية الى ان اصبحت تخص الفلسطينيين وحدهم ،وبعد تحقيقهم هذا الهدف الصغير ،كلفوا بإحداث الفتن بين الفلسطينيين حتى لا يتوحدوا ، عندما عملوا على الغاء الكفاح المسلح من قاموس الثورة الفلسطينية ،طبعا كل ذلك حدث ولا زال يحدث برعاية امريكية!!

تعالوا أيها السادة من اسقاط وضع الانظمة السابقة على الوضع الذي تعيشه الثورات العربية الآن ،فعنما بئت الثورات العربية السلمية تحقق انجازاتها على الارض تدخلت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية في احتواء هذه الثورات بالتظاهر بدعمها والتي ادركت ان زمن الشعوب العربية قد حان ،فقررت التجاوب مع الجماهير الهادرة والتخلص من رأس النظام العربي والابقاء على النظام ، والمثال الحي على ذلك ما جرى في اليمن فنفس السياسات التي ادرت السلام العري مع الكيان الصهيوني هي نفسها الساسة التي تحاول ادارات الثورات العربية لخدمة ذاك الكيان ، كيف ؟!

أتسأل كيف يعقل ان يتم السلام مع عصابة مغتصبة للأرض فالمسألة برمتها صراع وجود ،ونفس الشيء كيف يعقل ان يمنح الحصانة من عاث في الارض فسادا وقام بالتقتيل والتشريد والاقصاء !

اجل ! لقد تدخل الغرب والقوى الرجعية وفرضوا شروط اللعبة على كيفهم فقرروا التدخل بفرض مبادرة على اليمن بغرض تحويل الثورة من تحقيق اهدافها الى ازمة بين قوى متصارعة في الاصل واستطاعوا جر مكونات الثورة الى هذا الفخ ،كما حصل بالضبط في جر الرئيس مرسي الى فخ التهدئة ثم القيام بالاغتيالات والقتل لأبناء غزة الكرام ، فلم يتحقق من تلك المبادرة أي شيء يذكر سوى اعادة التموضع لبعض القوى على حساب الاهداف الكبرى للثورة الا وهي اسقاط النظام وبناء الدولة المدنية الحديثة!

فصالح القاتل مازال في مكانه ويمارس كل ما يحلوا له ،اذن يا شباب الثورة عليكم التصدي بكل اقتدار لهذا المخطط الذي يريد ان يعيد العجلة الى الوراء ولا تسمحوا لكائن من كان ان يخطف ثورتكم باسم المجتمع المدني الوهمي الذي تتحكم بكل خيوطه امريكا حامية الكيان الصهيوني!

في الامس طلبت الولايات المتحدة الامريكية من القيادة المنتخبة في مصر الثورة ان ترسل رئيس وزراءها الى غزة وبكل وقاحة توصيل رسالة الى قيادة المقاومة حماس بايقاف هجماتها على العدو الصهيوني وكأن حماس هي التي جيشت الجيوش للاعتداء على دولة مسالمة ،ولا تخجل ادارة البيت الابيض و لا تستحي ان تطلب من مصر 25 يناير هذا الطلب المسيء لمصر اصلا حيث مورس عليها الخديعة الكبرى باتفاق مع الكيان الصهيوني بالتهدئة ،الا انه اساء الى مصر الثورة بمباغته باغتيال قائد كتائب القسام ولم تكتفي بذلك بل راحت تحرك ماكينتها العسكرية للتغطية بالاعتداء على الشعب الفلسطيني المحاصر منذ زمن بعيد !

لكن قيادة مصر المنتخبة من شعبها استجابت للطلب الامريكي بالذهاب الى غزة الاسطورة ،ولكن ليس لتوصيل رسائل امريكا ،فقد ذهب من يوصل الرسائل ،بل ذهبت الى غزة ولم تحترم اثناء تواجد حكومة مصر في غزة فمورس القصف وهم هناك حتى ان رئيس الوزراء المصري ورئيس الوزراء في حكومة فلسطين المناضل الجسور اسماعيل هنية وهم في المستشفى يتفقدون الجرحى اذا بطفل عمره سنة واحدة يصل الى مستشفى دار الشفاء فما كان منهما الا ان يأخذنه ويتعطرون بدمه المسكوب بغزارة ،فتحول المشهد الحزين لهذه الغطرسة التي لا تحترم الدم العربي عموما والدم الفلسطيني على وجه الخصوص الى موقف تضع من خلاله القيادة المصرية الثائرة كافة امكانية مصر تحت تصرف القيادة في غزة ،وبذلك في اعتقادي اسدل الستار على الحصار الفضيحة على غزة الاباء فبوركت مصر وبورك ثوارها وعلى كافة الاقطار اللحاق بها لننهي مشهد الحصار المفروض على غزة والى الابد!

ان فضيحة حصار غزة من قبل الانظمة العربية يشابهه تماما فضيحة جرحى ثورة فبراير العظيمة في اليمن ،لقد باع الثوار الجرحى كل ما يملكون لكي يتعالجون وعندما وصلوا الى بيع كل شيء فلجئوا بسلميتهم المعهودة وبمدنيتهم الحضارية الى القضاء ،فحصلوا على حكم يُجبر الحكومة على علاج جرحى الثورة ،فما هذه المهزلة يا رئيس الجمهورية و يا حكومة النفاق ؟!؛ أيعقل أن تنتظروا حُكما من المحكمة من اجل علاج جرحى الثورة الذين أوصلوكم الى أعلى مواقع صنع القرار ؟ ! ؛ فهل يعقل أن يستجدوا منكم العلاج ؟ ؛ فماذا انتم فاعلون بالشهداء اذا كانت معاملتكم للجرحى بهذا الشكل ؟! ؛ ثم يا دولة رئيس الوزراء لماذا لا تقبل جائزة السيدة توكل كرمان وهي الغيورة على جرحى الثورة عندما تبرعت كمساهمة للدولة العاجزة المستهترة بجرحى الثورة بالمبالغ التي حصلت عليها قيمة الجائزة ؟ ؛ ونسائلك لماذا وأنت العاجز عن معالجة الجرحى لا تصدر قرارا بأنشاء صندوق لعلاجهم ؟ ؛ لعلّى وعسى أن تتدفق الاموال من فاعلي الخير فيمولون الصندوق لعلاج جرحى الثورة ! ؛فهل وصلت بكم القسوة الى هذا الحد لإنسانية الإنسان ؟! فمتى ستريُّحوننا من هذا الملف المُخزي لكم وللثوار الذين يُظهرون عجزهم الآن وهم الذين استطاعوا أن يُرحلوا أكبر طاغية في البلد ولم يستطيعوا ان يُجبروكم لمعالجة جرحاهم!! ، إنها لمَعِيبةٌ عليكم وعليهم ! ، فمتى ستستفيقون أم أن الكراسي قد فعلت بكم الأفاعيل ، فالله المستعان على ما تتصرفون، وحسبنا الله ونعم الوكيل!!