الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٣ مساءً

أفراد ناجحون في فريق فاشل

جلال الشيباني
الثلاثاء ، ٢٠ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
كم تسائلت لماذا يغلب الفشل علينا كيمنيين حين نعمل أو نلعب في فريق واحد مع أننا ننجح إذا ما عملنا أو لعبنا منفردين وكنت أظن في البداية أن السبب يكمن في قدراتنا العقلية أو الجسدية ولكن لم تكن تلك الفكرة مقنعة بالنسبة لي ولم أجدها منطقية كفايةً للتعايش مع الوضع.

حاولت أن أغير نظرتي للموضوع - وخصوصاً بعد أن قرأت فيما يخص مبادىء الريادة والقيم الريادية وأهمية تعليمها للأطفال – وأن أحاول تحليل المشكلة من وجهة نظر مختلفة قليلاً عن الأسلوب التقليدي, فالبعض يرد الأمر لقلة الإمكانيات وعدم وجود الدعم الكافي والتنظيم وكل ذلك صحيح مائة بالمائة وهي أسباب مادية واضحة وضوح الشمس ومقنعة كفاية, ولكن عندما أرجع لتجربتي الشخصية أجد فيها بعض المحطات التي كانت فيها الإمكانيات كافية والدعم معقول جداً ولكن الفشل الذريع كان العنوان الأبرز لمهمة الفريق !؟

حاولت العودة لجذور المشكلة – وانا لا أدعي أنني خبير في علم الاجتماع بل مجرد مهندس نظم معلومات – وحاولت أن أتذكر كل تلك التعليمات التي كنا نتلقاها في صغرنا عن المنافسة والنجاح والتفوق وكلها كانت موجهة لنا بشكل منفرد وبصيغة الفرد فالمنافسة تعني القضاء على الخصم أو المنافس والنجاح يعني أن أكون الأول ومن بعدي الطوفان والتفوق يعني التعالي على الأخر ووصفة بالخاسر الأكبر حتى وإن كان يليك في المرتبة والغريب أن البعض يزرع مثل هذه الأفكار والقيم فيما بين أبنائه ويجعل منهم متنافسين على طول الخط لكنها للأسف منافسة غير صحية.

وفي المقابل وجدت غياب مفردات المشاركة وروح الفريق وقيمة الفرد وأهميته لنجاح الفريق ككل, فتتنامى في قلوبنا روح الفرد وتصبح فكرة الفريق كابوساً يؤرق الجميع فالكل يريد أن ينسب النجاح لنفسه والكل يعمل على إخفاء المعلومات عن بقية الفريق بهدف التميز عن الأخرين بل يذهب البعض أبعد من ذلك بوضع العراقيل أمام البعض الأخر بهدف إقصائه من الفريق وإظهاره بمظهر الفاشل الذي لافائدة منه.
كل ذلك ينمي فينا الروح الأنانية والتي تدفعنا للتفكير في أنفسنا فقط دون النظر لعواقب الأمور وأثرها على غيرنا بل وحتى انعكاسها علينا على المدى البعيد.

تعتبر مبادىء ريادة الأعمال والدعوة لتعليمها وتدريب الأطفال على مفاهيمها ومهاراتها المختلفة - والتي تعتبر مهارات العمل ضمن الفريق من أهم المهارات التي تتطلبها وتحتاجها بشدة – من الوسائل التي تساعد على رفع وعي الطفل بأهمية المشاركة والعطاء والتعاون وترسخ في ذهنه أن النجاح لايحدث حين نعمل منفردين وأن المعلومة حين نتشاركها فإن قوتنا تتضاعف بقدر اختلافنا في تفسير تلك المعلومة وطرق استخدامها وأن الجهد الجماعي ينجز ماينجزه الجهد الفردي ولكن في وقت أقصر بكثير وبجهد أقل, كما أن الطفل يتعلم أمراً غايةً في الأهمية وهو أنه إذا أراد النجاح فعليه أن يحرص على أن يعمل مع الناجحين بل يفضل أن يكونوا أكثر منه ذكاءً وقدرةً وليس العكس فالفكرة التي تقول أن في ذلك مخاطرة بالمكانة والمنصب هي فكرة خاطئة تماماً.

وأخيراً وليس أخراً هذه دعوة مجدداً لتعليم أطفالنا مبادىء ومهارات ريادة الأعمال فهي ستكون أعظم خدمة قد يقدمها الأباء للأبناء وأفضل ذخيرة لمواجهة المستقبل الدائم التغيير.