الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٩ مساءً

بان كي مون في اليمن لدعم الانتقال السلمي..

د . محمد حسين النظاري
السبت ، ٢٤ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
زيارة الامين العام للأمم المتحدة لبلادنا والتقاءه بالرئيس عبد ربه منصور هادي –رئيس الجمهورية- هي زيارة تاريخية بكل المقاييس، خاصة أنها تأتي واليمن على مشارف انتقال تأريخي، يؤسس ليمن جديد، فالزيارة ليست بروتوكوليو، أو احتفالية فحسب، ولكنها زيارة عمل مهمة جاءت لتعزز الدور المهم الذي يقوم به السيد جمال بن عمر مبعوث الامم المتحدة، والمشرف المباشر على تنفيذ بنود المبادرة الخليجية والياتها المزمنة.

بهذه الزيارة أثبتت الامم المتحدة أنها شريك فعال، لاستكمال كافة اجرءات التسوية السياسية، وأنها بالاشتراك مع الدول الخمس دائمة العضوية الى جوار دول مجلس التعاون الخليجية سيكملون المشوار الذي بدءوه منذ اندلاع الازمة السياسية، والتي كادت أن تعصف باليمن واليمن وتقودهم الى هاوية يصعب الخروج منها، لولا استشعار الاشقاء والأصدقاء بخطورة الوضع اليمني على المنطقة والعالم وهو ما ساهم في أن يصل اليمنيون الى الاتفاق الذي هم بصدد تنفيذه اليوم.

الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تثبتان لليمنيين أنهما لن يدعون مجريات سير التسوية السياسية تنحرف عن مسارها الرئيسي، المرتكز على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقراري مجلس الأمن 2014 و2051، حتى يخرج اليمن من أزمته إلى بر الأمان، وهي رسالة قوية لا لبس فيها لكل الأطراف، تؤكد أن أي محاولة لعرقلة التسوية ستواجه بعقوبات، بحيث أن المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن لن يسمح بأي اعتراض أو عراقيل تؤخر تقدم العملية السياسية الى الامام .

إن الزيارة جاءت بمناسبة مرور عام على توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المُزمنة وهي فرصة مناسبة من الامين الاممي، التعرف عن قرب لما تم إنجازه خلال الاشهر الماضية خاصة بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، ومواكبة الخطوات الاخيرة لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي بلا ريب سترعاه الأمم المتحدة وبقية الشركاء، وتثبت الزيارة أنهم لا يدخروا جهدا في تقديم كافة أشكال الدعم مع المجتمع الدولي من أجل إنجاح المؤتمر وتجاوز العراقيل والتحديات .
المجتمع الدولي يبرهن اليوم أنه يعايش الوضع اليمني، وهو يدرك أن ما تحقق من انجازات طوت صفحة سوداء في بداية الأزمة، لكن هذا لا يعني أن الامور قد حُلت كلها، فما زال أمام اليمنيين الكثير من القضايا الهامة التي قد تكون قنابل موقوتة اذا لم يساعد الاشقاء والأصدقاء في حلها، وعلى رأسها نسب تمثيل الجميع في مؤتمر الحوار، وكذا تشكيل اللجنة العليا للانتخابات.

بعد عام من الاتفاق التاريخي للانتقال السلمي للسلطة في اليمن، يثبت اليمنيون للعالم أن حكمتهم التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، هي من مكنتهم من التغلب على شهوات السلطة والتنازع عليها، وبينت للعالم كيف أن المجتمع اليمني وبالرغم من امتلاكه للسلاح إلا انه مجتمع محب للأمن والسلام والاستقرار، وأثبتت السلطة عبر الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحزبه –المؤتمر الشعبي العام وحلفائه- والمعارضة من خلال احزاب اللقاء المشترك وشركائه، أن اليمن بخير طالما وبها رجال غلبوا مصلحة البلاد على غيرها من المصالح.

وبطبيعة الحال كان للرئيس عبد ربه منصور هادي دور كبير في تهدئة الامور واتجاهها نحو الانفراج وهو ما اكد الامين العام حين قال: " فخامة الرئيس هادي إن هذا التحول كان بفضل الحكمة والشجاعة التي أظهرتها في تولي القيادة أثناء المرحلة الانتقالية ، وأهنئك على التأييد القوى الذي تلقيته في انتخابات شباط فبراير " .

وأضاف بان كي مون" إن اتفاقية نوفمبر لنقل السلطة ساعدت في التغلب على وضع الجهود السياسي في البلاد وتخفيف وتفكيك المواجهات العسكرية في صنعاء وأجزاء أخرى في البلاد ولكن كما أتضح أيضا وبعد سنة من ذلك لم يكن التوقيع على الاتفاقية بحد ذاته نهاية للأزمة، هذه الاتفاقية مهمة لأنها توفر خارطة طريق واضحة للتحول الأعمق الذي بدأت البلاد تخوضه فكلما واجه مجتمع ما انقساما ووقف على شفير النزاع المدني تزداد الضرورة للعودة إلى الحكمة والاحترام المتبادل والتفاعل السلمي و هذه هي المبادئ التي تسلحتم بها والتي تواصلون إظهارها ".

اليمنيون اليوم بحاجة ماسة لاقتناص الفرصة التاريخية، حيث والمجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة مصرة على بلوغ اليمن مرحلة الامان تحت مظلة الوحدة اليمنية، وإذا لم يستفيدوا منها اليوم فإنهم سيندمون، حينما ينصرف العالم عن دعمهم إذا ما وجد تقاعسا من قبل اطراف الطيف السياسي اليمني، وعدم احداث تغيير حقيقي على الأرض لا عبر الاتفاقات والتفاهمات الورقية، والأكيد أن الزيارة ستعطي الاخ رئيس الجمهورية دفعة معنوية كبيرة، كونها تبرهن مدى دعم المجتمع الدولي له.

ولأن الحل لن يأتي من غيرنا بل من خلالنا وبواسطة الدعم الدولي، فإن الحوار هو الخيار الذي لن يجد العالم لليمنيين بديلا عنه، وينبغي على اليمنيين ألا يفكروا في بديل غيره، لان البدائل الاخرى تعني العودة الى أسوء مما كنا عليه قبل توقيع الاتفاقية التاريخية لإنهاء النزاع على انتزاع السلطة في اليمن.