الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٢ صباحاً

رؤية لتطوير وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

أنور معزب
الثلاثاء ، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ صباحاً
كنت قد كتبت في مقال سابق عن واقع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وعرضت من خلال تلك المقالة عدد من مواطن الضعف والقصور التي تعتري الوزارة والتي تؤثر سلبا على سيرعملها ولأهمية وزارة التعليم العالي والدور الذي تقوم به في الاشراف والمتابعه على اهم مؤسسات المجتمع المؤسسات التي ترتبط ارتباطا مباشرا وهاما في النهضة الاقتصادية والاجتماعية وتؤثر في الاستقرار الكلي للبلد تلك المؤسسات هي مؤسسات التعليم العالي ولان وزارة التعليم العالي هي من تتولى اقتراح السياسة العامة للدولة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي ومتابعة تنفيذها والاشراف والرقابة على مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي واعداد مشاريع القوانين والأنظمة وإصدار التعليمات اللازمة لتنظيم جميع مؤسسات التعليم العالي والأجهزة التابعة للوزارة ووضع المعايير والشروط الخاصة بالاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي والإشراف على تنفيذها وتعزيز الاستقلال الأكاديمي والمالي والإداري للمؤسسات التعليمية واعتماد مؤسسات التعليم العالي وفق شروط الاعتماد المقرة ووفق التشريعات والنظم النافذة والترخيص بإنشاء مؤسسات التعليم العالي الأهلية وفق التشريعات والنظم المنبثقة عنها، والموافقة على افتتاح البرامج التعليمية في حقول التخصصات المختلفة واعتمادها بموجب أنظمة الاعتماد تلك هي اهم المهمام الملقاه على عاتق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي .

ولان التعليم العالي يساهم بشكل اساسي في خدمة المجتمع والارتفاع به حضاريا لتصبح مؤسسات التعليم العالي فيه موطنا للفكر الانساني على ارقى مستوياته ومصدرا لتنمية الموارد البشرية متوخيا في ذلك رقي الفكر والابداع والابتكار وتقدم العلوم الطبيعية والطبية والاجتماعية والانسانية والتطبيقية وتنمية القيم الانسانية والمساهمة في المعرفة الكونية على اسس من الندية والتكافؤ وترسيخ الاصالة وتطويرها والنهوض بها الى مستوى المعاصرة ومن هذا المنطلق يستمد التعليم العالي اهميته ومن هذا المنطلق ايضا اقترح هذه الرؤية لتطوير وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لعلها تساهم في النهوض بوزارة التعليم العالي لتحقيق اهدافها ومهامها الدستورية والقانونية التي انشأة من اجلها وفي سبيل تحقيقها :

فمن خلال ممارسة الوزارة لمهامها واهدافها الدستورية والقانونية يتبين جليا ان هناك جوانب ضعف وقصور لدى تحقيق وانجاز وزارة التعليم العالي لتلك المهام والاهداف وبالتالي افراغ وزارة التعليم العالي من دورها الحقيقي في النهوض بواقع التعليم العالي والبحث العلمي وهو الامر الذي نتج عنه انعكاسات سلبية خطيرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلد ونتيجة لخطورة هذه الانعكسات السلبية على البلد ونظرا لوجود جوانب ضعف وقصور في ممارسة وزارة التعليم العالي لمهامها وواجباتها الدستورية والقانونية ولان التعليم هو البوابة الرئيسيه التي تؤدي الى تنمية الموارد البشرية وذلك المورد البشري اذا تم الاهتمام به وتأهيله تأهيلا حقيقي هو من سوف يقود البلد الى النهضة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والعمرانية وذلك هو حال جميع البلدان المتطورة والمرموقه كما هو حال اليابان وماليزياء على سبيل المثال عندما اهتمت اهتمام كبير بالمورد البشري فكانت النتيجة ان تلك البلدان نهضة وتطورت في مختلف الاصعدة والمجالات وكل ذلك هو بفعل الاهتمام بالمورد البشري .

ان نجاح اي مؤسسة في تحقيق أهدافها وغاياتها الأساسية يعتمد وبشكل مباشر على نوعية مواردها البشرية المؤهلة القادرة على تحمل مسؤولياتها تجاه المؤسسة كما انه يعتمد ايضا على مدى تقديم المؤسسة الدعم الكافي واللازم للموارد البشرية وتأهيلها وتدريبها وبدون الاهتمام بالموراد البشرية ودعمها وتأهيلها لاتستطيع اي مؤسسة ان تخطوه خطوة الى طريق النجاح وهنا نتسأل هل وزراة التعليم العالي والبحث العلمي تقوم بواجبها ودورها في تقديم الدعم اللازم للموارد البشرية في الوزارة وذلك عن طريق اعطاء موظفي الوزارة المستحقات والحقوق اللازمة التي كفلها لهم النظام والقانون ؟ وهل تقوم الوزارة بدرها تجاه الموظفين المتميزين وذلك عن طريق منحهم المكافآة المجزية نظير ماحققوه من نجاح ؟ وهل تقوم الوزارة بدورها تجاه تأهيل وتدريب الموارد البشرية في الوزارة ؟ وهل تقوم الوزارة بدورها تجاه الموارد البشريه وذلك من خلال التأمين الصحي كما هو حال عدد من الوزارات والمؤسسات ؟ وهل تطبق الوزارة مبدئ الثواب والعقاب والعدل والمساواه بين جميع الموظفين ؟ وفي المجمل هل تقوم الوزارة بدورها وواجبها تجاه الموارد البشرية (الموظفين ) الذين يحملون على عاتقهم النهوض بها وبمهامها وواجباتها ؟

وللاجابة فانه يؤسفني جدا ان اؤكد حقيقة انه لايوجد اهتمام من قبل وزارة التعليم العالي بمواردها البشرية حيث نجد أن موظفي الوزارة محرومين من ابسط حقوقهم التي كفلها لهم النظام والقانون ولايوجد عدل ولا مساواة، بين موظفي الوزارة ، وتستأثر مجموعه من الموظفين بالمهمات والسفريات الخارجية

ولكي تتمكن وزارة التعليم العالي من تحقيق اهدافها ومهامها الدستورية والقانونية ولكي تتمكن الوزارة من استعادة دورها في النهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي فعليها اولا وقبل كل شئ ان تهتم بمواردها البشرية ولكي يتم تفعيل دور وممارسات الموارد البشرية بالوزارة فعلى الوزارة اولا ان تهتم بمواردها البشرية وذلك بمنحهم جميع الحقوق المشروعة والتي كفلها لهم النظام والقانون وذلك بصرف المستحقات والبدلات والمكافآة المالية و تطبيق مبداء الثواب والعقاب ومبداء العدل والمساواة بين جميع الموظفين وتفعيل قانون التدوير الوظيفي بالاضافة الى ذلك على الوزارة الاهتمام بتدريب وتأهيل الموظفين ومنحهم دورات تدريبية خارجية وداخلية .


بالاضافة الى اشكالية عدم فاعلية ممارسات الموارد البشرية في الوزارة هناك اشكالية اخرى جعلت وزراة التعليم العالي تتجه منحى آخر وتمارس مهام أخرى غير التي رسمت لها والتي انشئت من اجلها واذا ماجاز التعبير فان وزارة التعليم العالي قد سقطت في مستنقع البعثات فاصبح الهم الوحيد للوزارة والشغل الشاغل لها هو موضوع البعثات والمنح الدراسية وبدل ان تقوم الوزارة بواجبها الدستوري والقانوني وتبذل كل السبل المتاحة للنهوض بواقع التعليم العالي والبحث العلمي في البلد وبدل ان تتحرك الوزارة لتلافي جوانب الصعف والقصور في العملية التعليمة بمؤسسات التعليم العالي انشغلت الوزارة في دوامة البعثات والمنح الدراسية وكان الهدف والغرض الاساسي الذي انشأة من اجله الوزارة هو فقط لعملية ابتعاث الطلاب للدراسة في الخارج وحتى تتمكن الوزارة من الخروج من ذلك المستنقع وحتى تستطيع الوزارة المضي قدما وفي خطئ حثيثة لتحقيق الاهداف والمهام المرجوة منها وفقا للنظام والقانون عليها ايجاد آلية وخطه تعمل لتخفيف ابتعاث الطلاب للدراسة بالخارج وحتى تستطيع وزارة التعليم العالي الخروج من المستنقع الذي سقطت فيه ومازالت عالقه به عليها الالتزام بقانون البعثات رقم 19 الصادر في العام 2003 شريطة تطبيقه على الجميع الصغير والكبير وابن المسئول وابن الفلاح وابن السارق وابن الشريف وحتى يتم الالتزام بذلك القانون ينبغي على رئيس الجمهورية ان يصدر توجيهات واضحه وصارمه بتوقيف عملية الابتعاث نهائيا الا لمن هم اوئل الجمهورية وللتخصصات النادرة التي لاتوجد في البلد ونحن بحاجه اليها ويلزم الجميع الالتزام بها وعدم مخالفتها وسوف يكون لهذا التوجيه بالاضافة الى وجود قانون البعثات دور هام في التخفيف من عملية الابتعاث والمنح الدراسية واذا ماحاول نافذ او اي مسئول مخالفة قانون البعثات وتوجيه رئيس الجمهورية وهو ما سوف يحصل بكل تأكيد عندها يجب ان يكون موقف الوزارة قوي وحازم حتى لو استدعى الامر باشعار رئيس الجمهورية بذلك وهنا سوف تجد الوزارة نفسها وقد تحررت من دوشة الابتعاث والمنح الدراسية واتجهت صوب تحقيق اهدافها ومهامها الدستورية والقانونية العظيمة والتي انشأة من اجلها وفي سبيل تحقيقها وسوف تقوم بواجبها في اقتراح السياسة العامة للدولة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي ومتابعة تنفيذها والاشراف والرقابة على مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي.

لم تقف الاشكاليات التي تعاني منها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي امام عدم فاعلية ممارسة الموارد البشرية كما انها لم تتوقف ايضا عند البعثات والمنح الدراسية بل لقد امتدت وتوسعت المشاكل والتحديات التي تواجه الوازارة ومنها عدم وجود مبنى خاص بالوزراة كارثة ومأسآة ان نجد ان وزراة التعليم العالي لايوجد لديها مبنى وانها ومنذ تأسيسها تتنقل من مبنى ايجار الى آخر ومن حارة الى اخرى وهنا ينبغي على قيادة الوزارة التحرك بجديه نحو امتلاك مبني خاص بها .

ومن ضمن الاشكاليات والاخطاء الحاصله في الوزاره منذ تأسيسها وحتى اليوم هو عدم وجود هيكلة صحيحه للوزاره تتفق مع اهدافها ومهامها اذ ان نظام الهيكلة الموجود في الوزاره يجعل الوزاره تمظي في اتجاه آخر غير الذي انشأة من اجله وفي سبيله فهيكلة الوزارة يتركز على قطاعين اثنين هما قطاع البعثات وقطاع الشئون التعليمية وهؤلاء القطاعات ليست كافيه لتحقيق اهداف الوزاره اذ انه من الضرورة بمكان انشاء واستحداث قطاعات اخرى بجانب قطاع البعثات والشئون التعليميه وبالنظر الى اهداف الوزارة ومهامها فانه ينبغي على الوزارة استحداث وانشاء قطاعين هامين هما قطاع البحث العلمي وقطاع تخطيط التعليم .

الروتين المتبع في الوزارة هو الآخر من اهم المشاكل التي تعاني منها وزارة التعليم العالي حيث ان ذلك الروتين ممل وقديم وليس فاعل ذلك انه لايساعد على انجاز المعاملات اول بأول وفي اسرع وقت ممكن اظف الى ذلك بان روتين الوزارة يغلب عليه الطابع العشوائي والمزاجي الامر الذي يعمل على تأخير مراجعة المعاملين وعلى سبيل المثال لا الحصر وقد يندهش ويستغرب البعض وقد لايكاد يصدق بان ادارة التصديقات لايوجد لديها قاعدة بيانات للرجوع اليها عند مصادقة شهائد الطلاب وكل مالدى الاداره هو كشوفات مطبوعة يديويه تستخدمها للبحث عن اسم الطالب المراد مصادقة شهادته وهو الامر الذي يأخذ وقت في اجراءات التصديق وفي ذات الوقت وحتى لانظلم الموظف فانه اي الموظف يجد نفسه مجبر للتعامل مع هذا الروتين لان الوزاره اصلا لم تأتي بالبديل ومن ثم لم تعمل على تحديث وتطوير الروتين المتبع.



الخلاصة والتوصيات

اولا : ان نجاح اي مؤسسة في تحقيق أهدافها وغاياتها الأساسية يعتمد وبشكل مباشرعلى نوعية مواردها البشرية المؤهلة القادرة على تحمل مسؤولياتها تجاه المؤسسة كما انه يعتمد ايضا على مدى تقديم المؤسسة الدعم الكافي واللازم للموارد البشرية وتأهيلها وتدريبها وبدون الاهتمام بالموراد البشرية ودعمها وتأهيلها لاتستطيع اي مؤسسة ان تخطوه خطوة الى طريق النجاح ومن هنا نؤكد على ضرورة تفعيل ممارسات دور الموارد البشرية في الوزارة وحتى يتم تفعيل ممارسات الموارد البشرية ولكي تستطيع الموارد البشرية القيام بواجبها ومسئوليتها القانونية والدستورية ولكي تستطيع وزارة التعليم العالي تحقيق الاهداف والمهام الملقاه على عاتقها ينبغي عليها اولا وقبل كل شئ ان تعي دور واهمية الموارد البشرية وضرورة الاهتمام بها والاهتمام بالمواردالبشرية المقصود به هنا هو منح موظفي الوزارة جميع الحقوق والمستحقات التي كفلها لهم النظام والقانون ومن ابسط تلك المستحقات المكفولة للموظف قانونا هي صرف المكافآة والبدلات والتأمين الصحي ومنحهم دورات تدريبة خارجية وداخلية وتأهيليهم كما ان الوزارة مطالبة بتطبيق مبداء الثواب والعقاب للجميع بدون استثناء فتكافئ كل من يبدع في اداء واجباته ومسئولياته و العكس تحاسب كل من يقصر في اداء واجباته ومهامه كما ان الوزارة مطالبة بتطبق مبدى العدل والمساواه بين جميع الموظفين حيث ان هناك مجموعه من الموظفين وللاسف لايتعدون عدد الاصابع يستأثرون بالمهمات والسفريات الخارجية وبقية موظفي الوزارة محرومين من تلك السفريات والمهام الخارجية وهنا ندعوا قيادة الوزارة لان تطلع على كشف السفريات والمهام الخارجية من الشئون المالية لكي يتسنا لها معرفة من هم الموظفين الذي يسافرون باستمرار ومن هم الموظفين المحرومين من تلك السفريات والمهام الخارجية .


ثانيــا: اعادة النظر في عملية الابتعاث والذي يغلب عليه وللاسف الشديد الطابع العشوائي والمحسوبية والوساطات والذي اثر سلبا على تحقيق الوزارة لاهدافها ومهامها الدستورية والقانونية وجعل الوزارة تتجه منحا آخر غير الذي تم رسمه لها وفقا للدستور والقانون ولن تستطيع الوزارة تجاوز العبث الحاصل في البعثات الا بتفعيل قانون البعثات رقم 19لسنة 2003 وهذا يستدعي دعم كبير لقيادة الوزارة من شخص رئيس الجمهورية حتى يتم تطبيق القانون ولكي لايستطيع المسئولين والنافذين تجاوز هذا القانون كما هي العاده .

ثالثــا: اعادة هيكلة الوزارة بما يتلاءم ويتوافق مع الاهداف والمهام القانونية والدستورية والذي انشأة الوزارة من اجلها وفي سبيل تحقيقها وهنا ينبغي على الوزارة استحداث قطاعين هامين في الوزارة هما قطاع البحث العلمي وقطاع تخطيط التعليم

رابعــا : العمل على تغيير الروتين الممل المتبع في الوزارة والذي يؤثر سلبا على اجراء المعاملات وتأخيرها واستبداله بروتين ذات فاعليه يعمل على الاسراع في انجاز المعاملات والرد عليها اولا بأول وعدم تأخيرها ولكي تتمكن الوزارة من تحقيق ذلك عليها الانتقال من الآلية القديمة المتبعه في الوزارة والتي تعتمد اعتمادا كليا على الاعمال اليدوية والاستفادة من التكنولوجيا والبرامج الحديثة لتسييراعمالها ووفقا للتقنيات الحديثة وبما يتلاءم مع تطورات العصر ومتطالباته

خامســا : ضرورة امتلاك وزارة التعليم العالي مبنى حكومي خاص بها