الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٨ مساءً

عطش الأمومة ( 13)

عباس القاضي
الثلاثاء ، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
كان القمر بدرا كـ أبجوره بشكله الدائري يتدلى من السماء ، يرسل نوره الفضي ليعطي للمكان سحرا وللقلب وجدا ،،
انعكاسه في الماء كما هو في السماء ، غيران أمواج البحر تطويه تارة وتفرده تارة أخرى ، وهم في صمت رهيب ، ينظر كل واحد إليه ، و يستقرأ خاطر صاحبه ،،، بماذا يفكر الآن؟ ، وما الذي يشغله ؟ ويكتفيان بالابتسامات المتبادلة ، رضاءا للمكان وارتياحا للزمان وشعورا بالألفة .

استمر هذا لمدة نصف ساعة ، كسرته جنى بكلام هامس قائلة : ما الذي أعجبك : الماء الرقراق ،، أم السماء الصافية ، أم القمر المنير ؟ رد عليها : أنت يا جنى ، فالسماء مرتفع ، والماء منخفض ، والقمر بعيد ، فأنت المتاح ، وأنت الجمال النابض بالحياة ،،، طأطأت جنى رأسها خجلا من قول إبراهيم ، لم تتوقع منه هذا الغزل ، ولم تمض دقائق منذ بكى وأبكى على نادية ،،، ردت عليه بخجل " شوي ، شوي " علي ، ما تعودت على الغزل ، فلا تجعلها جرعة قاتلة ، وضحكوا حتى لفتوا الأنظار ،، قالت له : أريت كدنا ننفضح .

وأنت يا جنى ما الذي أعجبك ؟ قالت : دعنا نتكلم بما حولنا ، ألم تر انعكاس القمر كيف يطوى في الماء ، كأنه يريد أن يأتي إلينا لكنه لم يستطع ، وع ذلك، يمشي معنا ،، ردد إبراهيم وهو ينظر إلى وجهها : لكنه يمشي معنا ،،، يا إبراهيم ، أبي وأخوتي على بعد خطوات منا ،، وقد يسمعوك ،، فيعتبروك تتشبب بي غزلا ، فيحرموك مني – جريا على عادة العرب – قالت له جنى ، وهي تنظر إليه بعيون ساهمة ،، وأردف إبراهيم : وأصبح مجنونا في الفلاة ، أقَبِّل الجدران ، وأرى جبل التوباد في شمال الجزيرة من اليمن لأنه يطل على مرابع ليلى ، وأحب الكلاب السود ، كما فعل مجنون ليلى ، لكني لن أتمنى كما تمنى ، أن تكوني مريضة في العراق ، وأنا الطبيب المداويا ، فقد أتعبتني نادية بمرضها .

قالت له : يعجبني خيالك يا إبراهيم ، كأنك تهوى الأدب قصة وشعرا مع أن الأصل في تخصصك هو الهندسة كما ذكرت ،،، قال لها : إييييه ، يا جنى ، القلب وما يهوى ،،، دعيني أكتبك قصة وأتلوك رواية ، و أسردك حكاية ، و أنضمك شعرا أيتها السمينة التي تمنتها لي نادية .