الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٦ مساءً

اطراف الصراع وخياراتها

فضل عبدالكريم الجهمي
الثلاثاء ، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٣٠ مساءً
ان الامور ليست هينة ولن تكون كذلك هينة لأي طرفا من اطراف الازمة اليمنية المحتدة والمتعددة والمتشابكة,بعكس ما يمكن ان تتصورها اطراف الصراع المختلفة ذاتها ,او كما يبدو لبعض هذه الاطراف من تبسيط لحدت الصراع كما تبدو عليه شكليا وليس جوهريا في الواقع الراهن.

وعلى ما يبدو فان بعض اطراف الصراع ومن خلال تعاطيها الميداني وفهمها السطحي لطبيعة الازمة على واقع هذا المعطى الميداني والزمني الراهن ,المتسم بحالة من الارتخاء اكان على مستوى الدولة او على مستوى المجتمع ,قد اتخذت قرارها وحسمت امرها وعلت راياتها وأهدافها واختارت طريقها,وأطرافا اخرى في طريقها لاتخاذ قرارها وحسم امرها ,وأطرافا تنتظر لم تحدد خياراتها ,ولم تحزم بعد امرها وهي الاغلب.

فأما الاطراف التي قد حسمت امرها ,وحددت وجهتها وسقف اهدافها ,مستفيدة من حالت الارتخاء التي تسود البلاد ,وبفعل حسابات سطحية غير متعمقة بطبيعة المجتمع اليمني وبنوع الازمات التي تعصف بهذا المجتمع ومن خلال تقديراتها المسبقة الغير صائبة لنتائج هذه الازمات, فان الطريق امامها لن تكون سالكة او مفروشة بالورود كما تعتقد هيا,وإنما ستكون طريقا مملوءة بالأشواك ومملوءة بالألغام إن لم تكن طريقا مسدودة بالكامل, فحسم الامر وتحديد مصير الوطن ومستقبله ليس بهذه السهولة او البساطة ولن يحسمه طرفا ما مهما وصلت قوته او علي شانه وإنما حسم الامر وتحديد مصير الوطن يتعدى ذلك الى من هيا اكبر وأعظم من هذه الاطراف ألا وهيا الامة اليمنية التي لديها ثوابت دينية ووطنية لا تتزحزح عنها قيد انملة ,هذه الامة التي استيقظت اخيرا وانتفضت وثارت في وجه الظلم والظلام والفساد والإفساد على مستوى الوطن ففرضت خياراتها بعد تضحيات جسام ولا زالت في ساحات وميادين الشرف تناضل من اجل غدا افضل لهذا الوطن.

إن هذه الامة الصبورة لم تعلن بعد رأيها او رؤيتها لمواجهة اجندت اطراف الازمة المتعددة لا تكتيكا او تخطيطا وإنما كسلوك اجتماعي متوارث فهذه الامة تتميز بقوة تحملها وصبرها وبتفاؤلها وهيا شديدة الايمان بثوابتها ,تجرها الاحداث وطبيعتها وتجرها العاطفة فتوحدها وتفرض عليها تحديد خياراتها لمواجهة الأزمات والتداعيات وصناعها في وسط الاحداث ومن بين ركامها احيانا وهيا من في مقدورها تحديد الاتجاهات وفرض الخيارات والثوابت.

وأطراف الصراع اليمنية متعددة بتعدد اهدافها ووجهتها فمنها ما يهدد السلم الاجتماعي في اليمن من خلال جر البلاد لصراع طائفي ومنها ما يهدد مستقبل اليمن كدولة من خلال سعيه لفك الارتباط او فرض الانفصال ومنها من يسعى الى الانتقام والثأر جرى الصراعات السابقة من خلال بث الفوضى في المجتمع ومنها من يسعى لأسلمت اليمن المسلم وبناء دولة الخلافة المعمدة بالمذابح ومنها من يسعى لبناء اليمن من خلال بناء دولة المؤسسات.

ويمكن استعراض اطراف الصراع وخياراتها والتي تبلورت اهدافها بكل وضوح وأصبحت رقما صعبا وخطيرا مع قليل من التفصيل وبترتيب بحسب خطورة او اهمية هذا الطرف من ذاك
من حيث الترتيب وبحسب التسلسل الزمني للأحداث او من حيث التنظيم او القوة فان حركة الحوثي وقضية صعده هي الاولى في القضايا اليمنية وهيا الاساس الذي شجع كثير من الحركات على الظهور بعد ان اثبت الحوثيين مدى هشاشة الدولة وضعفها ولكن مراعاة لأهمية وخطورة الاحداث التي يمكن ان تجر البلد الى صراعات وحروب دموية غير مسبوقة فقد تم الترتيب على هذا الاساس.


الحراك الجنوبي:
وهو حركة اجتماعية احتجاجية واسعة شملت المحافظات الجنوبية واهم مسبباتها ذلك الطغيان الكبير الذي افضى الى تسريح ألاف العسكريين الجنوبيين وإحالتهم للتقاعد الجبري , وذلك الفساد والنهب العظيم الذي تعرض له الجنوب وأفضى الى تسريح ألاف العمال والموظفين من مرافق عملهم وهو ما افقد المجتمع الجنوبي(وهو في الغالب مجتمع من الموظفين العموميين) لحالت الامن والأمان الاجتماعي الذي تمتع بهاء في فترة ما قبل الوحدة اليمنية وهو ما افضى ايضا الى تحويل تلك المرافق الاقتصادية والسياحية التي افرغت من موظفيها الى اقطاعيات خاصة بيعت بأبخس الاثمان في صفقات فساد ونهب واضحة.

بدأت هذه الحركة الاحتجاجية الاجتماعية الجنوبية كترجمة لحالت الرفض الصامت للواقع المفروض بعد حرب 1994م حيث انطلقت المعارضة من حالت الانين الصامت الى حالت الزئير وبدأت انطلاقتها العلنية بدئا بحالة التصالح والتسامح بين فرقا الصراع السياسي ولمناطقي في الجنوب لفترة من الوقت ما لبثت ان تطور هذا النشاط التصالحي بعد ان تعرض منظموه للمضايقات والاعتقالات -باعتبار هذا التصالح والتسامح بمثابة اساسا وقاعدة لحالة جديدة من الصراع على اساس مناطقي اكبر واعم -الى حالة من الاحتجاجات المنظمة تقودها جمعيات المتقاعدين العسكريين التي اصبحت بديلا للجان التصالح والتسامح هدفت هذه الاحتجاجات عند انطلاقتها الاولى الى مطالب حقوقية بحته لم يستجيب لها النظام الحاكم فازدادت هذه الاحتجاجات حده وتحدي فتحولت الى حالة من الصدامات مع السلطات رفعت فيها رايات الجنوب لأول مرة وانبعثت منها رائحة الكراهية والعنصرية تجاه كل ما هو شمالي وسقط فيها ضحايا من المتقاعدين وهو ما ادى الى حالة من التعاطف الجماهيري مع مطالب هذه الجمعيات ورفضا لتعاطي النظام مع هذه المطالب وأسلوبه في مواجهة الاحتجاجات ,انتها هذا التعاطف الجماهيري بالنزول الى الشارع جنبا الى جنب مع المحتجين العسكريين فتحولت الاحتجاجات الفئوية الى احتجاجات جماهيرية واسعة ذات مطالب سياسية اطلق عليها ما يعرف اليوم باسم الحراك الجنوبي.

بدء هذا الحراك مطلبيا في بداياته الاولى إلا انه سرعان ما تطور ادائه وارتفعت سقف اهدافه بفعل حالت الحماس والعاطفة فشهد الجنوب ريفه ومدنه مسيرات وفعاليات مستمرة حشدت فيها الجماهير من مختلف المحافظات الجنوبية وتحددت معها سقف اهداف الحراك وتمثلت في الانفصال عن الجمهورية اليمنية او فك الارتباط وأعادت دولة اتحاد امارات الجنوب العربي تحت الاستعمار(1962-1967م) او جمهورية اليمن الديمقراطية(1967-1990م) الى سابق عهدها ما قبل الوحدة اليمنية.

شهد الحراك زخما كبيرا بعد انطلاقه في 2007م اكان على مستوى النضال السلمي او حتى لجوئه للقوة والعنف لتحقيق اهدافه وقدم تضحيات كبيرة وجسيمة في معاركة السلمية والمسلحة وكان له ايضا ضحاياه من العسكريين والمدنيين ذو الاصول الشمالية خصوصا مع تزايد الشحن للجماهير والإغداق في الوعود بقرب تحقيق الاهداف ,حيث صور للجماهير بان الاستقلال ,وفك الارتباط صار امرا حتميا, وتحددت ايام وتواريخ معلومة, ومؤكده لتحقيق هذا الوعد ودحر الشماليين المحتلين, ,منها تاريخ 7-7-2008م ,والتي كانت الجماهير ومن قبلهم قياداتهم السياسية في الجنوب على ايمان قوي وعميق بأنه اليوم الموعود للجنوب بدون ابدء اسبابا وجيهة او منطقية لسبب هذا التحديد وهذا التعلق وعلى الرغم من ان سير الاحداث ومؤشراتها انذاك كانت تتعارض كليتا مع طرح مثل هذه الامال,وكذلك كان لتحديد نهاية ديسمبر 2008م ومارس 2009م -كمخرج من مأزق اليوم الموعود 7-7- وكسقف زمني اخر لتحقيق التطلعات والأمنيات بما لا يؤدي الى انتكاسة في امال الجماهير وتطلعاتها اثرا سحريا في تدفق واستمرار التمويل المالي ودافع قوي للجماهير للمشاركة وبحماس في هذا الحراك كأمر واقع بقناعة وبدون قناعة بحكم الاعتقاد القوي لدى عامة الناس وكما صور لهم بحتمية الاستقلال الوشيك الذي سيفرض امميا وبهدف الحصول على نصيب من كعكة المندحرين(ارث الشماليين المندحرين )وكعكة الدولة الجديدة وهو ما دفع الساسة كذلك للتسابق لاعتلاء المنصات وترأس التكوينات الحراكية المختلفة بهدف حجز المواقع القيادية في الدولة الوليدة.

ومثلما كان لهذه الوعود اثرها السحري في مشاركة الناس ورفع سقف احلامهم بجنة الخلد الجنوبية كان لها اثارها السلبية المحبطة فيما بعد لأنها خلقت ازمة ثقة عند الجمهور لا بتحقيق الاهداف المحددة في وقتها ولكن فيما يتعلق بتحقيق الاهداف المنشودة بشكل عام وشهد الحراك ازمة ثقة فيما بين قياداته وأزمة ثقة مع الجماهير فتراجع ذلك الزخم الجماهيري وعاد الكثير الى صمته وممارسة عمله وتكونت فصائل لا تعد ولا تحصى من التنظيمات والتكوينات الحراكية التي تدعي تمثيلها للجنوب وتتصارع فيما بينها على الاحقية في التمثيل.

وعموما فقد مر الحراك بعدت مراحل منذ ظهوره وهي مرحلة الاعداد والتأسيس في العام 2007 م التي بدأت مع لجان التصالح والتسامح تليها مرحلة التنظيم والظهور كقوة منظمة وفاعلة مع جمعيات المتعاقدين العسكريين 2007- 2008 ومن ثم مرحلة النضوج ولتحول الى حراك جماهيري سياسي مع دخول القيادات السياسية الجنوبية بثقلها 2009-2010 وأخيرا مرحلة الغرور والانكسار ما بعد 2010 وهذه المرحلة بدأت مع شعور الحراك وقياداته السياسية خصوصا ,التي ال امر الحراك اليها بعد ان كان في ايدي القيادات الميدانية والشعبية بان تحقيق الاهداف صار في متناول اليد وان المسألة مسألة وقت ليس إلا ,هذا الشعور وهذه الثقة خلقت نوعا من السباق والتنافس المحموم والاستقطاب بين القيادات السياسية والميدانية في الحراك فتقسم الحراك الى تكوينات مختلفة قابل هذا التنافس وهذا التقسيم تراجع في الاداء الميداني وتراجع في حدت المواجهات مع السلطات وهو ما ادى اخيرا الى تطبيع الاوضاع في المدن وفي مناطق التوتر.


خيارات الحراك الجنوبي :
ليس للحراك خيارات اخرى غير خيار الانفصال او فك الارتباط ولكن تختلف اساليب تحقيق هذا الهدف باختلاف فصائل الحراك فمن المطالبه بفك الارتباط مباشرة عبر مفاوضات ثنائية بين دولتين الى المطالبة بتحرير الجنوب بأية وسيلة او طريقة كانت والى المطالبة بفيدرالية مؤقتة بين اقليمين على الطريقة السودانية وكلا الخيارات المطروحة في الحالة اليمنية من قبل فصائل الحراك تدل على عدم النضوج والرشد السياسي والى عدم الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن وتجاه من يمثلوه وتشكل هذه الخيارات قوة نسف شديدة للوضع المتهرئ والمحتقن في اليمن بشكل عام وفي الجنوب بشكل خاص اذا ما قدر لأطراف هذا الخيار ان يسيروا بهي الى ابعد مدى ,وهذا الخيار بالطبع لا يعتبر خيارا لبقية الاطراف الجنوبية ولكنه يشكل خيارا لمن له صوتا ارفع واعلى في الجنوب
اما اسلوب وطريقة الحراك في تحقيق خياراته وتطلعاته فان الحراك وفقا لاتجاهاته والأسلوب الذي اتبع في طريقة نضاله يؤشر وبما لا يدع مجال للشك ان اللجوء للقوة والعنف هو الاسلوب الذي ستتبعه بعض فصائل الحراك لتحقيق خياراتها وخصوصا ان التغيرات السياسية الايجابية التي حدثت في صنعاء مع انتصار ثورة الشعب والتغيرات السياسية الجوهرية التي سيحدثها مؤتمر الحوار الوطني في شكل الحكم والإدارة وطريقة الشراكة لم ولن تدع للحراك حجة او فرصة لحشد الجماهير كما في سالف الايام لأنها بددت وستبدد الاسباب التي ادت الى ظهور الحراك الجنوبي وكنتيجة فعلية لحالت اليأس التي سيعانيها الحراك فانه لابد له من اللجوء للعنف.


انصار الله الحوثيين :
حركة الحوثي بدأت بتنظيم فقهي تحت اسم الشباب المؤمن وعلى ما يبدو فان هذا التنظيم اسس تحت تأثير المد الشيعي اولا وثانيا لمواجهة المد السلفي السني الدخيل على صعده -عرين الزيدية- والذي اتخذ منها السلفيون مركزا للانطلاق من خلال تأسيس معهد دماج الاسلامي على يد الداعية السلفي الشيخ مقبل الوادعي حيث صار هذا المعهد قبلة للسلفيين من داخل الوطن وخارجه وصارت منطقة دماج مركزا للعلم وللعلماء السلفيين ومستوطنة للسكن والعيش لأتباع السلفيين
تم تأسيس تنظيم الشباب المؤمن كما اسلفنا لمواجهة المد السلفي والحد من تمدده بل ومحاكاة لهذا المد من خلال جعل صعده قبلة ومركز تجمع لأتباع المذهب الزيدي(الشيعي) من خلال تنظيم الشباب المؤمن الذي تطلع لإيقاظ حمى الزيدية الشيعية مستفيدا من الارث التاريخي للمذهب الزيدي وما لصعده من مكانه في هذا الارث ومستفيدا من تزايد المد الشيعي في الاقليم وخصوصا بعد تمكن المقاومة الشيعية بقيادة حزب الله اللبناني من هزيمة وطرد الاسرائيليين وتحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي وهو ما شكل سابقة في التاريخ العربي المعاصر المثقل بالهزائم وشكل نافذة امل لتحرير فلسطين وتحرير العرب ذاتهم من قيود الذل والخضوع وتحت راية الشيعة
وبما ان هذا التنظيم تأسس في فترة عصيبة وفي ضل احتدام الصراع السياسي في اليمن بين المؤتمر وحلفائه وبين الحزب الاشتراكي وحلفائه وفي ضل توتر علاقة المؤتمر بحزب الاصلاح فان المؤتمر وجد من هذا التنظيم اداه جديدة وكعادته لمواجهة التداعيات المستقبلية لحالة التوتر السياسي مع المعارضة ومع الجماعات الاسلامية المختلفة التي ابدت انزعاجها ورفضها لسياسة المؤتمر وتنصله عن وعوده لها ابان مشاركتها في حرب 1994م بتطبيق احكام الشريعة الاسلامية في اليمن ,ووجد تنظيم الشباب المؤمن كذلك من المؤتمر اداه وماكينة للدعم ومضلة للانطلاق السريع نحو تحقيق اهدافه كتنظيم وأهداف الحوزة الشيعية وليس تحقيق اهداف المؤتمر الشعبي العام.

ففي عام 1997م وجد المؤتمر فرصته في دعم تنظيم الشباب المؤمن والوقوف الى جانبه لتحقيق اهداف عديدة منها اضعاف حزبا الحق واتحاد القوى الشعبية ذات الصوت الاعلامي الناقد والقوي من خلال صحيفته صحيفة الشورى والمنضويان في اطار تكتل المعارضة التي كان يقودها الحزب الاشتراكي اليمني ,ومنها ايجاد تنظيم شيعي قوي قادر على منافسة التنظيمات الاسلامية السنية المتمثلة في السلفيون والإصلاحيين
ووجد تنظيم الشباب المؤمن من المؤتمر مضلة وستار شرعي لتسريع خطاه فتحرك بأريحية كاملة داخليا وخارجيا مع وجود كامل الدعم المادي والمعنوي الداخلي وكذلك الدعم التنظيمي والفقهي والمادي والمعنوي الخارجي من الحوزة الشيعية في ايران وحزب الله اللبناني في اطار صراع استراتيجي اعم واشمل يشمل المنطقة العربية بأكملها.

لكن ومنذ العام 2002م وفي ضل تنامي تأثير تنظيم الشباب المؤمن وتوسع نفوذه بعيدا غن ما رسم وخطط له سلطويا بدأت العلاقة تتوتر بين التنظيم والحكومة اليمنية (حكومة المؤتمر) حيث بدأت النشاطات التي ينظمها تنظيم الشباب المؤمن تثير قلق السلطة ومخاوفها من ان الامر قد خرج عن سيطرتها ففي مابين عامي 1999- 2004 بدء نشاط التنظيم يأخذ طابعا عسكريا الى جانب تكثيفه للنشاط الثقافي والتوعوي عبر المخيمات الصيفية الخاصة بشباب التنظيم وكذلك فقد تم انشاء الجمعيات الخيرية والتعاونية التي تصب مواردها في دعم التنظيم وأنشطته المختلفة هذه الانشطة التي شكلت صورة طبق الاصل لأنشطة حزب الله اللبناني وفي اطار تطوير المهارات وتنمية القدرات والموارد الذاتية التي تكفل للتنظيم الصمود في وجه الاخطار وعند المواجهة الحاسمة
وفي الفترة ذاتها 1999 – 2004 حدثت اوسع عملية تغلغل في المرافق الحكومية وأجهزة الدولة المدنية منها والعسكرية وذلك من خلال التعبئة المستمرة بحتمية المعركة وبعمالة النظام لقوى الاستكبار العالمي ولا شرعيته على اعتبار ان من يمتلك شرعية الحكم هم اهل البيت (السادة) فقط وهو ما ادى الى قلق وتوتر السلطة الحاكمة وتخوفها من هذا النشاط المتعاظم والمتسارع.

وكنتيجة حتمية لحالة الخوف والتوتر التي تعاني منه السلطات جرى هذا النشاط المتزايد والمتسارع اندلعت المواجهات العسكرية بين السلطة وأتباع حسين الحوثي يوم 20/6/2004 لتعلن بداية الحرب الأولى مع الشباب المؤمن أو ما صار يُعرف فيما بعد الحوثيين.

استمرت الحرب الاولى قرابة () انتهت بخسارة الحوثيين وانتصار القوات الحكومية التي اجتاحت اراضي صعده كاملة وبطريقة ما لا يعرفها الى تجار الحروب وصانعوها وبعد ان خمدت هذه الحرب انفجرت هذه الحرب من جديد وتوالت الحرب تلوى الحرب تتوقف بأمر رئاسيا وتنفجر بأمر رئاسي اخر حتى بلغت ستة حروب تعددت فيها جبهات القتال وتعددت الاهداف وتعددت الاطراف المشاركة فيا فكان للشقيقة الكبرى نصيبها من هذا الحرب التي جرت اليها وأجبرت على خوض عبابها خوفا من تمدد الحوثيين وسيطرتهم على صعده وما يمثله هذا التمدد من اخطار على مستقبل المملكة السعودية في اطار الصراع الايراني السعودي الشيعي السني وبتدخل السعودية في هذه الحرب مباشرة فقد زادتها التهابا وسعيرا واشتدت المواجهات بين الجيش اليمني ومليشيات قبائل الفيد المسانده له والجيش السعودي من جهة وبين الحوثيين من جهة اخرى انتهت هذه المواجهات بنكسة كبيرة للجيش السعودي الذي لم يختبر من قبل حيث اجتاح الحوثيين مواقع الجيش السعودي وتمكنوا من اسر ضباطه وجنوده والاستيلاء على عتاده واحتلال جزء من اراضي المملكة قبل ان ينسحبوا بعد صفقة غامضة كما ان الجيش اليمني في هذه الحرب عانى كثيرا في معاركه اكان في معارك تصفية الحسابات بين اركان السلطة في صنعاء او في معارك الفيد والنهب والفساد او في معاركه المباشرة مع الحوثيين وعموما فقد انتهت هذه الحروب بتدمير محافظة صعده تدميرا كاملا وتدمير قدرات ومقدرات الدولة و الجيش اليمني وتدمير ما تبقى من معنويات وهيبة للجيش اليمني هذا في جهة اما في الجهة الاخرى المقابلة وهم الحوثيين فان الحرب انتهت لصالح مشروعهم فزادتهم قوة ونفوذ فخرجوا من هذه الحروب متوجين بانتصار عسكري كبير وانتصار سياسي وانتصار معنوي.

خيارات انصار الله (حركة الحوثي) :
ان خيارات انصار الله الحوثيين ليست كما تبدو عليه من خلال مكان وطبيعة الصراع الذي يخوضونه هذا الصراع الذي يوحي بأنه صراع مذهبي يقوده اتباع المذهب الشيعي الزيدي للدفاع عن مذهبهم ومنطقة وجودهم من هجمة الدولة وأتباع المذهب السني.

فخيار الحوثي كما يفهمه الكثير او كما يتم اسقاطه على الناس هو اقامة اقليم بحكم ذاتي في صعده وما حولها او فصل صعده عن اليمن وإعلان دولة شيعية في شمال اليمن
و حقيقة خيار الحوثيين اكبر وأعمق مما يبدونه او يعلنونه عبر الايحاءات التي تصدر عنهم واكبر مما يفهمه الكثير حول خيارات حركة الحوثي انصار الله فخيارات الحوثيين وأهدافهم الحقيقية ابعد من صعده وابعد من صنعاء ومن عدن.

ان خيارات تنظيم الشباب المؤمن او ما اطلق عليهم بالحوثيين او ما يسمو حاليا بأنصار الله تتمثل في حكم اليمن الطبيعية- وهذه ليست سابقة تاريخية لأتباع المذهب الزيدي- كمقدمة لإقامة دولة الامام الفقيه ليس في اليمن فحسب وإنما في الجزيرة العربية.

اما الأسلوب الذي سيتبعونه لتنفيذ خياراتهم فانه الاستمرار على نفس نسقهم وسياساتهم الحالية والمتمثلة في التوسع والتمدد على الارض (السيطرة ميدانيا) والتوسع في النفوذ السياسي على مستوى البلاد من خلال جذب فئات معارضة لسيطرة الاسلاميين والتحالف مع فئات متضررة من الثورة ومع مجموعات لها اهداف انفصالية كتحالفات تكتيكية مرحلية وبهدف توجيه الاحداث نحو الفوضى الشاملة التي ستضعف جميع الاطراف عدى الطرف الحوثي الذي اثبتت الاحداث السابقة بأنه يخرج من معترك الاحداث اكثر قوة وأكثر نضوجا.


انصار الشريعة القاعدة :
تنظيم القاعدة وهو تنظيم اسلامي دولي أي تنظيم عابر للبلدان اسسه الشيخ اسامة بن لادن في المملكة السعودية وتحت تأثير الحركات الجهادية في افغانستان التي قاتلت السوفيت بغطاء عربي وغربي وبفعل نشاطات الشيخ اسامة بن لادن في السعودية انتقل مكرها (مطرودا) منها وانتقل معه تنظيمه , ومع كل عملية انتقال ومطاردة لزعيمه اسامة بن لادن نما هذا التنظيم وتطور وتوسع.

هدف التنظيم كما هو معلن هو محاربة الوجود الصليبي في شبه جزيرة العرب المتمثل في الوجود العسكري الامريكي في قواعده المنتشرة في المملكة السعودية وباقي دول الخليج الى ان اهدافه توسعت بتوسع مساحة انتشاره فصار هدف محاربة الصليبيين في شبه جزيرة العرب الى هدفا اعمق واكبر وهو محاربة الوجود الصليبي في العالم الاسلامي بكل اشكاله العسكري او الاقتصادي او الدعوي بل ومحاربة الصليبية ذاتها في عقر دارها لإجبارها على سحب قواعدها العسكرية وتوقيف الدعم للكيان الصهيوني وتطورت اهداف القاعدة من محاربة الوجود الصليبي الى محاربة الانظمة في الدول العربية والإسلامية المتعاونة والغير متعاونة مع الغرب بهدف اسقاطها وإقامة دولة الخلافة الاسلامية وتم هنا ومن قبل هذا التنظيم وفي ضل هذه الاستراتيجية الجديدة التركيز على الدول الضعيفة والفقيرة التي يستشري فيها الفساد حيث تمكن التنظيم من التغلغل والانتشار في هذه الدول وببساطة وعمل على تأسيس قواعده وبصمت بينما كان يخوض معاركه الملفته للأنظار خارج هذه البلدان.

وفي اطار مسلسل صراع القاعدة المرير مع الدول الغربية ومع الدول الاسلامية وفي ضل الحصار المفروض على انشطت التنظيم وتجفيف مصادر تمويله ,غير تنظيم القاعدة تكتيكه في العمل والمواجهة فتجزئ الى تنظيمات اقليمية ومحلية بهدف التملص من الحصار وتجاوز ازمة التمويل فكان للتنظيم ما اراد حيث ظهرت العديد من التنظيمات الاقليمية التي تتحرك وفقا لطبيعة الظروف المحيطة بهاء وبمسميات اخرى وبقيادات مستقلة عن القيادة المركزية لتنظيم القاعدة, كتنظيم الشباب المؤمن في الصومال وتنظيم انصار الشريعة في اليمن وقد اثمر هذا التغيير في تحول شكل المواجهات التي تخوضها القاعدة مع الانظمة من شكلها المتسم بالسرية وبطابع العمليات الانتحارية ضد المؤسسات الامنية الى المواجهات المباشرة من خلال هذه التنظيمات الجديدة ومقاتليها الذين سعوا لإسقاط المناطق ولاستيلاء عليها وإقامة الامارات الاسلامية.
وفي اليمن كان هذا هو نهج تنظيم القاعدة الذي بدء بنشاط سري لخلايا التنظيم وكانت اول عمليات هذا التنظيم ضد السواح الغربيين في 1992 وانتهت عملياتهم بعد كرا وفر ومدا وجزر طويلة بالسيطرة على مناطق شاسعة ابتداء من مأرب وحتى تخوم عدن في الفترة مابين 2011-2012م اقاموا عليها امارتهم الاسلامية خاضوا خلالها معارك شرسة ضد الجيش اليمني وطيران الجيش الامريكي وانتهت اخيرا بهزيمة انصار الشريعة واندحارهم من امارتهم ليعودوا في نشاطهم الى سابق عهدهم
خيارات انصار الشريعة (تنظيم القاعدة) :

اقامة دولة الخلافة الاسلامية وتحكيم الشريعة الاسلامية على ارض الاسلام هو الهدف والخيار الاوحد لتنظيم القاعدة اكان في اليمن او غيرها من الدول الاسلامية وبحكم ان اليمن هيا الحلقة الاضعف في المنطقة اكان من ناحية قوتها العسكرية او الاقتصادية وبحكم هشاشة الوضع السياسي والأمني بفعل الصراعات والنزاعات المختلفة التي تعاني منها ستضل اليمن هيا خيار القاعدة الامثل لتحقيق نموذجها الاسلامي بإقامة دولة الخلافة الاسلامية على اراضيها.

اما اسلوب تنفيذ هذا الخيار وبعد التجربة الاولى لأنصار الشريعة التي انتهت بالفشل نتيجة المواجهات العسكرية وهزيمة الانصار فانه الانتظار حتى تتوفر ظروفا امثل للتنظيم وظروفا امثل في المجتمع وهذه الظروف تلوح في الافق وتتمثل في الصراعات المستقبلية التي ستواجهها البلاد في حال فشل مؤتمر الحوار الوطني كما هو متوقع وذلك بسبب تمسك بعض اطراف الازمة بأجندتهم حينها ستكون الظروف مهيأة لأنصار الشريعة لإقامة خلافتهم


قوى النظام السابق :
على الارض لازال نفس(اسلوب) النظام البائد هو السائد أي ان التغيير في السلوك الاجتماعي للمجتمع لم يبدأ بعد حيث ان التعاطي السلوكي الذي يسود المجتمع يغلب عليه الاسس السلوكية التي اسست وغرست في عهد النظام البائد وهذا هو مبعث الخطورة الاول على التغيير المنشود في اليمن وذلك بحكم امكانية قبول واستمرار الوضع السابق وخصوصا ان حركة التغيير تسير ببطء شديد جدا لا يكاد يلمسها المجتمع المتعطش لهذا التغيير ويكاد هذا المجتمع ان يصاب بحالة من اليأس باستحالة التغيير الايجابي في اليمن وخصوصا بعد هذه الثورة الجبارة وهذا هو مكمن الخطورة على الوضع اليمني برمته الذي تلعب عليه قوى النظام السابق التي ازيحت او التي لا زالت في اماكنها في اجهزت الدولة المختلفة والتي تهدف الى خلق وضع غير مستقر وملي بالتوترات المختلفة اكان على صعيد الامن العام للمجتمع ام على الصعيد الاقتصادي والخدمي ام كان على الصعيد لسياسي بهدف نزع الثقة في المجتمع من امكانية التغيير بالمطلق وبهدف غرس مفهوم عام بان البديل اسوئ وبأن الماضي افضل من الحاضر تمهيد وتهيأتا للعودة التي ستفرضها طبيعة الاحداث الجسيمة القادمة والتي من الممكن ان يعاود النظام السابق اطلالته منها كمنقذ للمجتمع من حالة الفوضى فيما اذا ما فشلت الثورة في مواصلة مهامها التغييرية والانتقال بالمجتمع وبالوضع من حالت الجمود والتخبط الى حالة الانطلاق والحركة الدائمة لحل كل القضايا العالقة والمستعصية بما يضمن مشاركة الجميع في قيادة وبناء الوطن.

وتكمن خطورة قوى النظام السابق في انهم لازال بكامل قوتهم وعدتهم محصنين غير مسائلين او محاسبين فهم كما كانوا ولو بدرجة اقل متحكمون بأهم وحدات الجيش والأمن ولا زال لدى من تم اقصائهم من الحكم من المال المنهوب والنفوذ والقوة ما يشكلوا رقما صعبا وخطيرا على الوضع الهش للدولة التي تحميها من السقوط وتكفل استمراريتها ارادت الشعب الثائر.

خيارات قوى النظام السابق :
من منطلق ارثهم السياسي المبني على سياسة فرق تسد التي كانت محور سياستهم والتي هدفت اولا وأخيرا الى اشغال المجتمع بمشاكله بهدف الاستمرار في الحكم وتوريثه ومن منطلق الفعل وردة الفعل التي سادت خلال فترت حكمهم 1978-2011م فان خيارات فلول النظام السابق هيا اثارة الفوضى ووضع العراقيل والكوابح امام أي عملية تغيير ممكنة ووقف أي عملية تقدم او تغيير جوهري وحقيقي على أي صعيد كان بهدف العودة للحكم وإن لم يكن برأس النظام القديم
ولكن كيف يمكن لهذه الفلول ان تنفذ خياراتها على ارض الواقع فان هذه ليست بالمشكلة امامها فهذه الفلول وبرغم ما تمتلكه من قوة وإمكانيات ونفوذ لن تكون هيآ الطرف المباشر لتنفيذ اجندت الفوضى وإنما ستدفع وتدعم اطرافا اخرى لتنفيذ اجندتها وخططها كالحراك الجنوبي وأنصار الشريعة والحوثيين ومن ثم ستظهر على المجتمع من جديد وبثوب المنقذ للمجتمع من حالة الضياع والفوضى.

خيارات الشعب :
بكل اطياف هذه الامة وبعيدا عن المتعصبين والمتمصلحين فان خيارات الامة هو بناء المستقبل الامن والعادل المتقدم
وخيارات الشعب اليمني لتحقيق تطلعاته ولحفاظ على ثوابته هو مزيدا من النضال ومزيدا من العمل ومزيدا من التضحية