الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٦ صباحاً

عِندما تُصاب بموجة ألم دائمة ....؟

جلال غانم
الاربعاء ، ٢٨ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
ما أقسى أن تُصاب بموجة ألم وموجة أمل كرديف حتمي لواقعية يومية تتمنى أن تخرُج منها بأقل الخسائر المُمكنة .

أن تُصاب بلوثة دائمة تمنحك حدسك الغائب والحاضر في أحلام اليقظة وساعات الجُنون اليومية التي تُصاحب جلسات القات كي تنتصر ولو في حرب مُؤقتة وافتراضية .

أنت لن تكون سوى حالة من العُزلة وربما التجلي والتوحد مع ما تكتب أو ما تقرءا كي تخفي قُرون من العذاب والتشظي ولتمنح ذاتك فُرصة لإطلاق عنان الحُلم المصحوب بزفراتك التي تجُرها ورائك كضريبة حتمية لواقع تعيشه تحت ضرب السياط .
أحيانا تتقدم خطوة في طريق فهم شاكلة الواقع وأحيانا أخرى تتعثر قبل الخطوة الأولى لتعرف مدى حاجتك لإخفاء ألمك وهرمك الطامح نحو اعتلاء منصة تُلامس قُعر أحلامك المدفونة والمخفية قسرياُ نتيجة قوة التحمل التي تتلقاها كُل يوم كضربات حقيقية لانتصار قوة العذاب والموت على آلية الحياة كي تحجز دُموعك على قطار من الألم وتكشف كم أنت مُحتاج لتبوح بكُل آلامك الداخلية لأقرب الناس حولك علٌك بذلك تتخلص من بعض الضغوط وترمي بمفاتيح القلق بعيدا .

أن تنتهي من مُقدمات كتابة رواية أو عمل أدبي يستدعيك حينها كيفية البحث عن لُغة تختصرك , توجه كُل ما في مُخيلتك كي تلتقي مع صراعات تتقاسمها الظروف والتاريخ كي تبني أبطال روايتك تحت رحمة وحصار اللُغة لتسعى لفك طلامس جُنونك وتمنح ذاكرتك لحظة صفاء ولحظة انتصار افتراضية علك بذلك تستطع بقُدرتك أن تنجز عمل روائي يليق بحُلمك .

تتدافع في ذاتك لُغات كثيرة أمام واقع أخرف , تحتار أي اللُغة القادرة على النفوذ وتحريك خنوع الإنسان وتخلق منه حالة قادرة على الاستواء كنتيجة حتمية لقوة اللُغة أمام عُنف وتحدي الواقع .

لتكن كمُبارز يمثُل أمام حظه وأمام فُرصته للنجاة من طوق الموت كما فعلها ذات يوم ميخائيل ليرمنتوف
في روايته الشهيرة (بطل من هذا الزمان) والذي لم يجف حبر روايته حتى لقى نفسه صريعا بمُبارزة أطفأت حُلمة وأطفئت حُلم ملايين من الروس المتعطشين لحُروفه كي تشعل جُذوة الثورة وتسقط عُنف وقوة القياصرة الحريصون على قتل الثائرين والمُثقفين والطبقات الطليعية المُنادية بالحرية ونبذ العُنف وحُكم الطبقة البروليتارية .

فالذاكرة الجمعية وأبعادها عندما تُختزل في لحظة جُنون عابرة وتختلط بزفرات الملايين ومُعاناتهم فإن هذه اللحظات تبقى عظيمة وإنسانية إلى أبعد الحُدود وإيقاعها يتجاوز مفهوم الثورات واللحظات التي تُحدد مسارات البُلدان وتاريخها لتتحول إلى أعراس أدبية وثقافية وإنسانية تنتصر على ألألم والعذاب وتتوحد مع الشُموع في انتظار شُعلة الحُلم الأول المنادي بتحرير الإنسان من عُقدة الفكرية والميتافيزيقية لتُختصر في ذات الإنسان .