الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٥١ مساءً

لم يتغير شيء, لايتغير شيء, لن يتغير شيء.. ديمة وخلفنا بابها!

خالد محمد الكحلاني
الجمعة ، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
يشعر المرء بالتفاؤل عندما يرى شعوبا تنتفض وتثور ضد جلاديها وتسقط حكاما مستبدين جثموا على صدورنا ردحا من الزمن حتى غدونا من املاكهم. ونحن في اليمن نفتخر انا كنا احدى دول الربيع العربي التي اسقطت حكامها المستبدين ..وقد دفعنا هذا التفاؤل الى الأندفاع والمشاركه في فعاليات التغيير بالقول والفعل المتواضعين املين في غد ومستقبل افضل ...ولكن للأسف سرعان ما خفت بريق هذا التفاؤل بل وتحول الى احباط تملكنا ونحن نرى بأم اعيننا كيف تم السطو على هذه الثوره ومصادرتها بترتيبات وصفقات سياسيه مشبوهه برعاية اقليميه ودوليه وبأدوات يمنيه .وما زاد من احباطنا وخيبة املنا رؤيتنا للقادمون الجدد " القدامى" وهم يتقاسمون المناصب والغنائم مع خصومهم من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم تحت مسميات التوافق والوفاق والمناصفه والمحاصصه وغيرها ضاربين بالثوره وشعاراتها واهدافها عرض الحائط حتى اصبح لسان حال الكثير من الثائرين الصادقين المخلصين الشرفاء المقوله الشهيره للزعيم المصري سعد زغلول " مفيش فائده". هذا المنظر القاتم للتغير يدفع المرء الى اليأس واعتزال كل شيء والكفر بالثوره ومن امتطوا صهوتها.

اذا, لم يتغير شيء اسقطت الثوره علي عبد الله صالح وبعضا من اقاربه ورجالاته وهلل البعض معتبرا ان هذا هو اهم اهداف الثوره واقصى غاياتها..وجئنا او بالأصح جيء لنا بنائب علي عبد الله صالح ليكون رئيسا للجمهوريه, ووزير خارجيته الأسبق ومستشاره السياسي ليكون رئيسا للحكومه وبعض وزراء صالح ورجالاته القدامى المهمشين والجدد المستقيلين وتم وضعهم جميعا في حكومة التغيير جنبا الى جنب مع وزراء صالح الموالين وفوق كل ذلك يد علي عبد الله صالح وقدمه وعصاه الغليظه في قمع الشعب ليكون قائدا لجيش الثوره وحامي حماها هذا بالأضافه الى ابنه الذي لايزال يتربع على قيادة القوه الضاربه في الجيش اليمني ثم يسوقون لنا بان هذا هو التغيير الذي ننشده! ونتسأل جميعا اين هو هذا التغيير؟ تم تغيير بعض الوجوه والشخصيات فعلا واولها شخص رئيس الجمهوريه .. ولكن ثقافة وادوات ووسائل بل ورجال علي عبد الله صالح هم هم مازالوا يحكموننا بنفس العقليه...لم يتغير شيء..

ان 33 عاما من الحكم لعلي عبد الله صالح قد صبغت الحياه السياسيه وكل من عمل معه بعقليته وثقافته في الحكم حتى اولئك الذين لم يكن لهم دور كبير في اتخاذ القرار مثل نائبه السابق والرئيس الحالي .. تشربوا هذه العقليه والثقافه وهم الأن يحكمون بها .. ليس لديهم جديد..نغير مسؤل ما من اقارب الرئيس السابق او من منطقته او من رجالاته ونضع بدلا عنه شخصا من اقارب او منطقة او رجالات الرئيس الجديد...على سبيل المثال تم تغيير غالبية او كل الحرس الخاص الذين كانوا من سنحان وما جاورها وجيء ب 500-1000 ضابط وجندي من ابين وما جاورها بدلا عنهم ولا يتعض الرئيس الجديد مما حدث للرئيس السابق .. حيث ان معيار الولاء المرتبط بالقرابه او المنطقه لم ولن يكون ضمانا للحمايه..وكلنا عايشنا كيف ان انهيار علي عبد الله صالح جاء عندما تخلى عنه اقرب المقربين اليه ..واهمهم رفيق دربه وشريكه الجنرال علي محسن عندما تقاطعت الطرق واختلفت المصالح .. كما لاننسى ايضا ان محاولة اغتيال علي عبد الله صالح في حادثة النهدين تمت بتنفيذ افراد من الحلقه الضيقه والقريبه منه (وان كانت نتائج التحقيقات النهائيه في الحادثه لم تعلن بعد ولكن كل التسريبات تشير الى ذلك) ونفس الشيء ينطبق على باقي التعيينات التي تقوم على اساس الولاء الأسري او المناطقي او الحزبي..حصن نفسك يا سيادة الرئيس بالعدل وبالرجال المخلصين الصادقين الأكفاء من أي منطقة كانوا.. البلد مليئه بالكفاءات الوطنيه الصادقه من مختلف مناطق الجمهوريه..هولاء هم من يعينوك على مهمتك ويشرفوك ولا يبتزونك لتحقيق مصالح وامتيازات خاصه..

ومن جانب اخرفأن القوى التي تمسك بالسلطه الفعليه في البلاد ( تحالف قبلي – عسكري- ديني ) تتعامل مع الرئيس الجديد بنفس الطريقه التي تعاملت بها نفس هذه القوى مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح في بداية حكمه وهي غض الطرف عن أي قرارات او تعيينات او امتيازات يحصل عليها طالما انها لاتهدد امتيازاتها ومصالحها الفعليه ولا مانع ايضا من مقايضة الرئيس وابتزازه حول بعض القرارات بالقبول بها مقابل فرض تعيينات لمواليين لهذا التحالف في مواقع عسكريه ومدنيه مختلفه وهذا ما يمكن قراءته مع أي حزمه من القرارات التي يصدرها الرئيس.

من كل ما سبق ومما نعايشه ونشاهده من مسار للتغير في بلادنا نستنتج ان عقلية وثقافة علي عبد الله صالح لاتزال هي السائده وان معيار وضع الرجل المناسب في المكان المناسب لايزال غائبا " مع بعض الأستثناءات القليله جدا" وبدون تطبيق هذا المعيار لن يحدث التغيير الذي ننشده ولن نخطو خطوه واحده الى الأمام بل اننا ننتكس الى الوراء لاسيما وان القادمون الجدد داخلين " محمشين " ومستعجلين لتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب والمغانم لشعورهم بقصر الفتره التي سيقضونها في مواقعهم ولسان حال الكثير منهم وبالمفتوح ان المغادرون اخذوا دورهم ونصيبهم من الكعكه والأن " دورنا" فلا حول ولاقوة الا بالله وانا لله وانا اليه راجعون.

همسه اخيره في اذن الرئيس كنا في العهد السابق نشكوا من تدخل الرئيس السابق بأصدار اوامر رئاسيه بتعيينات وهبات مخالفه للقانون وفي الغالب كانت تلك الأوامر لأشخاص نافذين وبصوره فرديه.. الأن تفاجأنا في جامعة صنعاء بوجود امر رئاسي باستيعاب عدد 40 شخص من حملة الدكتوراه (وقيل ان الأمر باستيعاب 161 شخص في الجامعات اليمنيه) وتعيينهم كأساتذه مساعدين في كليات الجامعه المختلفه دون أي مراعاه لقواعد وشروط واجراءات الألتحاق بالجامعه ودون الحاجه اليهم اصلا وتم استكمال الأجراءات من اعلى الى اسفل وحصل هولاء على الدرجات الماليه وتم اعتماد مرتباتهم والتحق المحضوضون منهم بالعمل فعلا وبقي البعض تتقاذفهم ادارة الجامعه والكليات والأقسام المختلفه كلا يرمي الكره الى ملعب الأخر وعندما شكوت بثي وحزني من هذا الأمر لأحد الأصدقاء في جهه اخرى هنأني وهدأ من روعي واخبرني اننا محضوضون جدا في جامعة صنعاء قائلا لي "من يرى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته" ليخبرني انهم في جهة عمله وصلتهم توجيهات رئاسيه باستيعاب عدد 500 شخص في الشركات والمؤسسات المختلفه لتلك الجهه وانهم في حيره كبيره في كيفية التعامل مع هذه المشكله.. كل هذا يدفعنا الى التأكد من ان الأخ الرئيس يسير في الطريق الخطاء مهما كانت الدوافع والمبررات وراء تلك القرارات واذا كان لأي من هولاء مظلمه مع الجامعه فليرفع مظلمته الى القضاء وهو الذي يحكم فيها واذا اراد الرئيس ان يساعد ايا من هولاء فليوجه الى الجهات المختصه بسرعة البت في المشكله دون اختراق القانون بحجة "التوجيهات العليا". نقول هذا الكلام بدافع النصح للأخ الرئيس والحرص عليه من الأنسياق في مسار الرئيس السابق فلا خير فينا ان لم نقلها ولا خير فيه ان لم يسمعها والله من وراء القصد.. اللهم قد بلغت اللهم فأشهد..