الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٥ مساءً

لهذا .. القضية لن تعبر الجسر

علي الذهب
السبت ، ٠١ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
القضية .. هكذا يدور على ألسن جماعات الحراك توصيف همهم الذي وضعوا أنفسهم فيه، واعتقدوا أنهم وحدهم من يمثل تراب وناس ما كان قبل براميل عام 1990م باتجاه بحر العرب وخليج عدن.

إن مشكلة الحراك مشكلة ذاتية في المقام الأول، ولذلك لن يبلغوا مأرَب الانفصال حتى يتخلصوا من داء خطير يصيبهم، أقل ما يكمن أن يوصف به، أنه سرطاني قاتل: وهو العنصرية والأنا القاتلة؛ كما أنهم متشابهي الأقطاب، متناقضي الأفكار؛ فهم كما قال الله سبحانه وتعالى في وصف بني إسرائيل-مع مراعاة أنني استعرت التشبيه لتجسيد فكرة الفرقة والتباين بينهم لا لشيء غير ذلك- " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى"!!

هم يتناسون أن مطلب الانفصال ليس مطلبَ كتلٍ كبيرة صعبة الترويض، ومتعددة الوجوه: جغرافية، وحزبية، ودينية، وعسكرية، واقتصادية، كما أن حالة العداء التي تؤجَّج من قِبلهم باتجاه من خرجوا هاربين من موتهم من عدن عام 1986م، تجعلهم يخسرون هذا الرقم يوما بعد يوم، بالإساءة إلى رموزه والتعريض بهم في كل محفل، وهذا الرقم هو من يملك القوة الممسكة بمفاصل النظام اليوم، ويزداد تناميه وتتعاظم التأييد له داخليا وخارجيا.

عليهم أن لا ينسوا التيارات الدينية والسياسية التي تجذرت في تلك المناطق، ولم يكن لها من حضور في الأيام التي يريدون العودة إليها، ولو أردنا توصيفها الإفصاح عنها لقلنا: إنها تيارات سلفية معتدلة، وأخرى جهادية، وتيار إخواني(إصلاحي( يلعب دوره السياسي مع مختلف خصومه ببراعة فائقة، أشبه منها لاعب محترف في لعبة البيضة والحجر!!

نحن-أيضا- إزاء حراك يشبه لعلة تلك الأعيرة النارية التي تطلق في الهواء؛ صحيح أنها لا تصيب؛ لكنها تقلق بضوضائها، ولو أراد الحراكيون ارتكاب حماقات من نوع اقتتالي بغرض فرض الأمر الواقع في المستقبل؛ فإن أول من سيرد على إطلاق نيرانهم هم المقابلون لهم الذين اكتووا بنارهم ذات يوم دامٍ، وخلفوا وراءهم المال والولد، ولذلك؛ نجد أنه لم تصدر أي بادرة من هذا النوع -التصعيد المسلح- لأنهم يدركون حجم الرد وفداحته.

لنسأل: كم ستكون نسبة أولئك الذين يروجون للانفصال وينادون به، في مقابل من يدعو إلى غير ذلك؟ إن الإجابة على هذا السؤال يجب أن تكون بمعزل عن تأثير الظاهرة المفتعلة في الشارع الذي تحرك قياداته- بمكر وتستر وخبث- ريالات إيران، وذلك ليس حبا فيهم، بل طمعا في أن تكون النتيجة ثلاث دول، أهمها : دولة شمال الشمال على قالب إيراني محض وبعدها، فليذهب الآخرون إلى سقر.

إن العقلاء والوحدويين من أبناء محافظات الشرق والجنوب التي دمغها المستعمر الإنجليزي بهذا الوصف، لا يوافقون على الانفصال، ولا يوافقون أن يكون قادتهم المستقبليين عدوانيين وحاقدين؛ فليس رئيس القوم من يحمل الحقد، وأن اليمن الواحد-اليوم- لن يكون لفئة أو جماعة بعينها، وأن القوة تقتضي الوحدة ونبذ الفرقة والأنانية المقيتة.