الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١١ صباحاً

ورحل شيخ الصحافيين .. فارس الصحافة اللامع

نجيب محمد سعيد
السبت ، ٠١ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
يا أفقنا الشارد.. هلاَّ قلت لنا كيف
دحنت كل هاتيك الخطوب؟ كيف أسرجت
كل تلك البروق من عصارة عزمك
وفتيل صبرك؟
ها أنت تنثال ضوءاً وتنهال ابتساماً
تقسم عمراً.. تتماهى جسداً، تتباهى، ضحكة..
تفعل كل ذلك باريحية المحارب، وطفولة الفنان.
فقط كي نشعر بأننا مانزال قادرين
على الدهشة والإنتظار ! شكراً لك!
" خالد عبد الله الرويشان " "وزير الثقافة الأسبق"

من منا لا يعرف ، أو لم يقرأ ، أو لم يسمع ، بالشيخ الصحفي العملاق ..الإنسان .. الأديب .. الروائي .. المناضل الوطني ، صاحب أكبر وأرقى وأنظف مشيخة ،سلاحها القلم والكلمة الصادقة المتوهجة منذ أكثر من نصف قرن من الزمن .. ؟؟ إنه فارس الصحافة اللامع وشيخ الصحفيين بلا منازع، والمعلم الحكيم البليغ ، الذي لا يمكن ان يتكرر مرة اخرى في عالم الصحافة والإبداع ، إنه المدرسة الصحفية المتفردة ، الاستاذ الجليل العم "صالح الدحان" ، الذي غيبه الموت مساء الجمعة ال30 من نوفمبر 2012م ، عن عمر تجاوز سبعين عاما ،وبعد مشوار طويل وحياة حافلة بالعطاء والإبداع في بلاط صاحبة الجلالة التي تربع عرشها أكثر من نصف قرن . لقد جاء في بيان نعيه من قبل وزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية كافة " ان الوطن والإعلام اليمني خسر برحيل الفقيد رائدا من رواد الإعلام وقامة أدبية سامقة. موضحة أن الدحان مثل أحد عمالقة الإعلام اليمني ومثل مدرسة صحفية متميزة منذ التحاقه بالعمل الصحفي في يوليو من العام 1956م في صحيفة النهضة بعدن مرورا بصحف اليقظة و الرقيب و البعث والقات والكفاح و الفجر والأيام و القلم العربي و العامل والجنوب العربي والأحد اللبنانية والأدب اللبنانية والقاهرة القاهرية و الشرارة واليمن الجديد والصين الجديد والبورزان وانتهاء بـصحيفة 13 يونيو ثم صحيفة 26 سبتمبر والتي ظل من كتابها البارزين على امتداد عقود من الزمن بجانب كتاباته المتميزة في العديد من الصحف والمجلات اليمنية والعربية .. فضلا عن اسهاماته الزاخرة على صعيد الأدب والفكر والثقافة وإثرائه للمكتبة اليمنية بمجموعة من الاصدارات الادبية ومنها مجموعة قصصية قصيرة منها " أغان خضراء لثورة الثورات " و " مجموعة الشمس الأخرى ". وأشاد بيان النعي بمناقب الفقيد وسجاياه الإنسانية ومواقفه الوطنية وتسخيره لقلمه في سبيل الدفاع عن قضايا الوطن ونهضته وتقدمه والتفاعل مع قضايا مجتمعه وأمته بالكلمة الصادقة والأمينة في مختلف المراحل والظروف ".

إن شيخ الصحفيين اليمنيين صالح الدحان مثّل مدرسة صحفية متميزة ، ولاشك أن رحيله يشكّل خسارة كبيرة على الوطن وعلى الأسرة الصحفية والثقافة اليمنية ، فهو كما قال عنه الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح " من عالم السياسة والاغراق في حب الوطن جاء صالح الدحان أديباً وصحفياً مثيراً ومؤججاً للحراك والنشاط الثقافي الدائم في أية صحيفة أو مطبوعة من انشائه وتأسيسه أو من انشاء الآخرين وتأسيسهم، لا يسمح بالركود ولا يقبل بأن تكون الحياة الادبية او الصحفية روتينية خاملة بل اراد لها ان تكون دائمة الحيوية والنشاط وان تجعل القارئ يشعر انه يعيش في وطن حي لا تتوقف طاقاته المتعددة عن التطور والابتكار .. إنه واحد من اعلام الكلمة المضيئة التي سبقت باضاءاتها البديعة زمن الثورة اليمنية (سبتمبر- اكتوبر) وسجلت البشارات الاولى في عالم الكتابة الابداعية القصصية ". ويقول عنه الاستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة الأسبق" إنه علم كبير من اعلام الادب والصحافة والسياسة والفن والتمرد.. سمعنا عشرات المدن من سيرته.. العشرات من مواقع العمل في كل بقاع العالم، حتى فيتنام، لقد عجبت لهذه السيرة البديعة - كنت قد سميته السندباد وفكرت ان نسميه النورس وهو طائر وديع ونحن ازاء شخصية وديعة، لكن محارباً مخفياً داخل هذه الشخصية الوديعة، الباسمة دوماً والساحرة دائماً.. سميته الافق الشارد.. نحن ازاء شخصية اقرب ما تكون اذا لم تكن هي افقاً شارداً " . وتصفه الاديبة هدى ابلان - نائبة وزير الثقافة بأنه " الوجه الأول والقلم الأجمل ، ممن عاشوا على فتات الحب والحبر وكان صوتاً رائداً متفرداً بالكلمة التي تخلصت في ثناياه نهجاً وسلوكاً ورصاصة في اتجاه الصمت والانكسار.. إنه واحد من كوكبة الضوء الذين راهنوا على التغيير وأحدثوا ثوراتهم الانسانية والفكرية في أرواحنا وعقولنا وتجاربنا "..
في حين يصفه الاستاذ محبوب علي نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق بأنه " رجل استثنائي - كان واحداً في الكل وكلاً في واحد.. امضى اكثر من نصف قرن متربعاً عرش صاحبة الجلالة التي ربط حياته ومصيره مع مجد الحرف وقدسية الكلمة الشريفة النزيهة والملتزمة.. صالح الدحان واحد من ابرز قمم رجالات الصحافة في اليمن وهو من الرعيل الاول منذ الخمسينيات الذين اثروا الحياة الادبية والثقافية وما رسوا مهنة الصحافة باتقان و ابداعٍ و التزامٍ و مسؤولية .. واحد من جيل الرواد الذين عاصروا مرحلة الصحافة اليمنية المتعددة والمتنوعة منذ ماقبل الثورة اليمنية، ومن الذين بشروا بالثورة وناصروها بالكلمة والموقف والالتزام " ..
ويصفه الاستاذ عبدالرحمن بجاش بقوله : " ان كان ثمة حقيقة في هذا الكون تقول: الشمس في كبد السماء والصحافة في الأرض فثمة حقيقة أخرى ان الدحان احد شموس مهنتنا ان لم يكن شمسها الاوحد.. "

رحم الله فقيدنا الكبير وأستاذنا الجليل العم "صالح الدحان" وإنا لله وإنا إليه راجعون.