الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٢ مساءً

رحلة صعبة ( 1 )

عباس القاضي
الأحد ، ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
الطابور طويل والحركة بطيئة إلى جوازات المطار ،، لتأشير الدخول ،، التفت إلى يساره ،، إنه هو أحد زملائه في الجامعة ،،، أراد أن يسلم عليه ، لكن شيئا ما منعه ،، لقد رأى زوجته معه ، هكذا تهيأ لمدين في بادئ الأمر ،، لكن زميله التفت إليه ،،، وناداه ، ثم ألقى عليه السلام ،، رد عليه مدين ،، وهو ينظر إلى ظهر الرجل الذي أمامه ،،، اقترب منه الزميل قائلا : لدي موضوع أريد إخبارك به ،،، رد عليه مدين : عندما نصل إلى الرياض نتكلم ،، وكانت العادة ، إذا وجد أحد زميله مع عائلته يمشي بجانبه كأنه لم يعرفه ،،، لكن الزميل ألح عليه قائلا : الموضوع متعلق بظرف هنا ،، تفضل ،،، قالها مدين على استحياء ،،، قال : اذهب إلى مكاني ، وأنا سأقف مكانك ،، رد عليه مدين باستغراب : هذه الواقفة ليست زوجتك ؟ رد عليه : لا ، ولكن أهلها رأوني في المطار عرفوا أنني طالب في الجامعة ،،، قالوا لي : هذه طالبة بنفس الجامعة التي تدرس بها ،،، حملوني أمانة أن ترافقني إلى جدة ومن ثم إلى الرياض ،،، كما تعرف فـ اليمنية ممنوع أن تطير إلى الرياض بسبب الأزمة الخليجية ،،، رد عليه مدين بكل برود : أد أمانتك ، وأوصلها إلى الرياض ،، رد الزميل ،، أنا نويت أن أمر إلى مكة لثلاثة أيام ،،، ولم أجد أفضل منك ليؤدي أمانتي ،،، كان هذا كله همسا ، دون أن تشعر الفتاة ،،، وقفة صمت قضاها مدين ليتخذ القرار ،،، وزميله يلح عليه ،، الأمر لا يحتاج إلى تفكير ،،، قل تمام ،، ساعدني لأداء العمرة ،، وهمس في أذنه : سأدعو لك ،،، وهذه نقطة ضعفه : الدعاء ،،، وافق مدين ،، تمتم زميله يكلمان للفتاة ثم تبادلا الموقع،،، بدأ مدين بخطواته الأولى في الموقع الجديد ،،، يحس كأنه يجر قاطرة خلفه ،،، ها هم أمام المفتش وجها لوجه ،، وكان عليه أن يرفع حقيبتها إلى الطاولة ويفتحها ،،، ليغلقها بعد التفتيش ،،، تستأذنه لدخول كابينة التفتيش المخصصة للنساء ،، أذن لها ،،، وهو يشعر بثقل الأمانة التي تحملها ولأول مرة يستشعر الآية القرآنية وكأنها لم تنزل إلا له : " إن الله أمركم أن تؤدوا الأمانة إلى أهلها " خرجوا إلى صالة الاستقبال الفسيحة المدهشة ،،، نقلة كبيرة بين مطار صنعاء ومطار جدة ،،، اجلسي هنا ،،، سأذهب لأحجز مع أول رحلة إلى الرياض ،،، هات الجواز ،،قال لها وهو يتحرك بجدية دون أن ينظر إليها .

عاد منكس الرأس خالي الوفاض ، يضرب يدا بيد قائلا : مصيبة ،، مصيبة ،،، ردت عليه بكل برود ، ماذا حصل ؟ قال : الرحلات ،، قالت : ما بها ،،، قال لها : لا يوجد إلا بعد يومين ،، وبالاحتياط كمان ،،، أصبت بالصداع ،،، ما رأيك بـ " كوفي " سأذهب لإحضار أثنين واحد لي وواحد لك ،، وهي ساكتة ،، ذهب ، وهو يحدث نفسه هكذا علامات الرضاء عند النساء السكوت ، حتى مستوى القهوة ،،، أحضرها و هو يمشي ببطء رآها بين الكوبين الذي يحمله ولأول مرة يراها ،،، فارعة الطول ،، نصف قدماها في الأرض أو هكذا تهيأ له ،،، منتصبة القامة كأنها واقفة ،،، نحيفة بغير عيب ، غض بصرة وهو يحدث نفسه ويتذكر الآية : " إن الله أمركم ،،،" وهو يناولها كوب القهوة ترك مقعدا بينه وبينها وجلس.

رشف رشفة من الكوب بحذر من حرارته ،،، ما رأيك ؟ تساءل مدين وهو ينظر إليها بنصف عين ،،، ردت عليه بلهجتها المحببة إليه : ما أدري وتقلب يدها المغطاة بالكفوف ،،، على فكرة ، لم افتح جواز سفرك حتى أعرف أسمك ،،، وأردف : نحن في بلد إذا عرفوا حقيقتنا ،، ما عذرونا ، ولتعرضنا للعقاب ،،، ما ذا تقترحين ؟ ما هي صلة القرابة المقبولة والمقنعة ؟ ،،، لأننا سنضطر للخروج من هنا سواءأ انتظرنا إلى الرحلة ، أو سافرنا عن طريق البر،،، ونحن نقترب من العاشرة مساءا ،،، فكرت مليا ،،، بعد أن رفعت اللثام قليلا لتتمكن من رشفة من كوبها الذي ما زال ممتلئا ،،، قالت : أخي من الأم ،،، رد عليها ،،، طيب أخوك ،،، ولا أعرف اسمك ؟ قالت له : الجواز بيدك ،،، افتحه واقرأ أسمي ،،، فتح الصفحة الأولى ،،، وجده " نوف " ياااااه ، يحدث نفسه ما كذب من سماها نوف ،،، باغتته وهو يحدث نفسه : ما اسمك ؟ قال : مدين .