الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٨ مساءً

رحلة صعبة ( 3 )

عباس القاضي
الاربعاء ، ٠٥ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
لم يتوقع مدين أن سيكون نوم نوف بهذه الطمأنينة ،،، وكأنها طفلة بحجر أمها،،، وكأن يشبك بين أصابع يديه ويضعها خلف رقبته ،، خوفا أن تمتد أحدهما أو كلاهما إلى جسمها ،،، تحركت بجسمها قليلا ،،، شعر أن برد اليمامة ،، قد أصابها ،،،

تحرك بجسمه قليلا إلى الأمام ليخلع معطفه ،، وكانت على مراحل ، استغرقت دقائق ،،، أخيرا خلعه ،، وضعه عليها دفئا.

وهو يضع معطفه يحدث نفسه قائلا : ما أروع تشريعنا الإسلامي ، عندما ربط خروج المرأة بمحرم حتى ولو كان إلى الحج ،،، ها هي نوف تنام في حجر إنسان غريب ،،، لكنه قال معتزا بنفسه : لو كان غير مدين ؟ قد يحدث لها شيء لا يسرها ،،، آآآآه ، لو تدرون يا أهل نوف ،،أين تضع ابنتكم خدها ؟ ! ،،، تتنوع هواجسه حديثا : ما أروعك من فتاة ! طهرك ونقاء سريرتك ،،، هو من طمأنك أن تلقي برأسك المثقل على حجر شاب مثلي ، قد ألف النساء وأدرك أسرارهن ، ونقطة الضعف فيهن ،،، واستدرك : لكن دعاء والديك ،،، جعلني في طريقك ،،، أرخى يده فوق معطفه الذي يغطيها ،،، فقد تعب من رفعها ،،، الذي ذكره بالجزاء في طابور المدرسة أيام صغره ،،، وألحقها بالثانية ،،، هاهي كطفلة بين يديه ،،، أين أنت يا سعاد ؟ ترين زوجك صاحب الوجه اليوسفي كما يحلو لك أن تناديه ،،، نوف أطول منك ، وأنحف صحيح أنني لم أر وجهها ،، لكن يكفي أن لهجتها جميلة كما أتمنى ،،، أدركت الآن أسباب خوفك علي هذه المرَّة لماذا كان أشد ؟ ،،، لكنه حرك رأسه ،، كأنما أصابه المس من منحى هواجسه ،،، وهو يتذكر الآية " إن الله يأمركم ....." أحس بألم شديد على رجليه ،،، قائلا : سأحركها ، حتى لا تتوقف الدورة الدموية ،،، أحس بتنميل في أصابع قدمي ،،، مد يده ليرفع رأسها قليلا ليحرك قدميه ،،، لكنها انتبهت ،،، اتكأت بمرفقها على رجله اليسرى ونهضت بتثاقل ،،، وهي تتفقد لثامها ،،، أنه ما زال على هيأته ،،، وفعلا ، كما هو ،، وما زال مدين لم ير من وجهها شيئا ،،، عفوا إن أوجعتك ، قالت له بصوت ناعس ،،، قال لها : لا عليك تستطيعين أن تكملي نومك ، لو تشائين ،،، يقولها ، وهو يحرك قدميه إلى أعلى ويعيدها إلى أسفل لينشط دورتها الدموية ،،، قالت له : خلاص ، راح النوم ،،، وتساءلت : كم بقي لنا إلى الرياض ؟ قال : نقترب من منتصف الطريق ،،، ارتحت يا نوف ؟،،، أما أنا فقد قتلني السائق من الفجائع ،،، وأردف : مرات عديدة وهو يخرج من الخط ،،، شكله ينعس ،،، الراجل يا نوف " شايب " لا أدري ،، كيف يَدَعُوه يسوق بهذه الخطوط الطويلة ؟ وفعلا تحققت نبوءته ،،، هاهو يميل من الخط ،،، لكنه هذه المرة بقصد ،،، في اتجاه مجمع ضخم فيها محطة وقود ومركز تجاري ومسجد واستراحات .

أوقف السيارة ،،، ثم قال : نرتاح إلى الصباح ،،، وأردف قائلا : يوجد هنا استراحات خاص بالعوائل وهي ممتازة ونظيفة .

نزلوا من السيارة متثاقلين ،،، كيف ؟ قالت له ،، عندما رأت الحيرة بادية عليه ،،، قال : نحن في مأزق ، لو أخذنا غرفتين لشكوا بأمرنا ،،، ولو أخذنا غرفة واحدة ،، ما أدري كيف ؟ قالت : نأخذ غرفة ،، ردد بعدها غرفة ، غرفة .