الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥٠ مساءً

شتاء يمني ساخن

عبدالعزيز الهياجم
الاربعاء ، ٠٥ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٠٣ مساءً
الأحداث الأمنية المؤسفة والتي كان آخر مظاهرها مقتل الدبلوماسي السعودي خالد العنزي ومرافقه اليمني الجندي جلال مبارك سنان، تنذر بشتاء يمني ساخن يتجاوز دفء التحضيرات والترتيبات لعقد مؤتمر الحوار الوطني .

شهدنا مطلع شهر أكتوبر حادثة اقتحام سفارة الولايات المتحدة والتي تجاوزت عواملها مجرد الغضب الشعبي تجاه الفيلم المسيء للرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم , ثم تلاها مقتل ضابط الأمن في السفارة الأمريكية وهو كان المكلف بالتحقيق في حادثة الاقتحام , وسبق ذلك بعدة أشهر محاولة اختطاف السفير البلغاري وسط العاصمة وقبلها اختطاف نائب القنصل السعودي بعدن , وطبعاً بالتوازي مع تلك الحوادث جرت عشرات الاغتيالات لشخصيات عسكرية وأمنية ومحاولات تعرض لها سياسيون أيضاً.

ولئن كانت بصمات القاعدة واضحة أو أكثر ترجيحاً في عمليات تفجير وفي حالات أخرى كحادثة اختطاف نائب القنصل السعودي, فإن الأمر يبدو في كثير من الحوادث الأمنية يتجاوز القاعدة والمسلحين المتطرفين إلى أطراف وأصابع وأيادٍ خفية أو معلومة تنفذ مسلسلاً تخريبياً يزعزع أمن واستقرار البلد، مستغلة الظرف السياسي الراهن، وهذا الأمر يبدو مشابهاً لما جرى مطلع تسعينيات القرن الماضي إبان الأزمة التي عاشها شركاء الوحدة آنذاك .

وبرغم الاحتفاء مؤخراً بمرور عام على توقيع المبادرة الخليجية، إلا أن المؤشرات على الأرض تبدو مخيفة لجهة تربص الأطراف بعضها ببعض باستخدام وسائل قد تكون مغايرة للمواجهات الصريحة التي شهدها العام الماضي، وذلك بطبيعة الحال هروباً من الوقوع تحت طائلة الإدانة الدولية , لكن هذه الوسائل التدميرية التي يختفي مدبروها عن الأنظار هي أكثر خطورة على الواقع اليمني الراهن .

يوم أمس الأول اطلعت على رؤية أعدها السفير عبد الوهاب طواف وهو يشغل صفة المستشار السياسي لقائد الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن صالح وبطبيعة الحال لا يمكن أن تتعارض رؤية طواف مع تقديرات اللواء محسن , وهذه الرؤية حملت مقترحات تحت عنوان “ مبادرة وفاق وطني».

ولأن هذه الرؤية التي صاغها المستشار السياسي للقائد العسكري الأبرز في البلاد هي تتضمن حقائق وتشخيص دقائق للحظة الراهنة فإن ما جاء فيها يبعث على القلق حيال الخطوات الرامية لإنجاز وإنجاح المرحلة الانتقالية الثانية.

رؤية طواف نبهت إلى أن التسرع في الإعداد لمؤتمر الحوار والدخول فيه بدون أسس واضحة يعتبر مجازفة ستكلف اليمن الكثير وأن عدم المضي في الحوار خير من الدخول، وبالتالي الفشل , كما نبهت إلى أن هناك قوى غرضها الدخول ومن ثم البحث عن حجج وأعذار للانسحاب واللعب بالوقت , وأن هناك قوى هدفها الدخول ووضع العقبات أمام المتحاورين، في حين أن هذه القوى ماضية على الأرض بتنفيذ أجندتها المرسومة سلفاً..وخلصت الرؤية إلى اقتراح تأجيل مؤتمر الحوار شهراً وأشهراً حتى لو ترتب على ذلك تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير 2014 وفقاً لما نصت عليه المبادرة الخليجية.

وبالتالي، فإن هذا التشخيص وهذه المقترحات التي جاءت من طرف قوي في المعادلة اليمنية تقودنا إلى أن المرحلة الانتقالية الثانية لن تمضي وفقاً لما رسمته المبادرة الخليجية , كما أن من المرجح أن تشهد الفترة القادمة أحداثاً أكثر سخونة على صعيد تصفية الحسابات التي تتجلى أبرز مظاهرها في حوادث القتل والاغتيالات الدموية، الأمر الذي يعني أن كل شيء حاضر في أجندة الفرقاء والقوى والأطراف اليمنية المؤثرة باستثناء مصلحة اليمن وما يتوق إليه هذا الشعب المغلوب على أمره.