السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٥٤ صباحاً

موت بلا توقف ..

نجيب محمد سعيد
الأحد ، ٠٩ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
تحصد حوادث السير في اليمن عشرات الأرواح يومياً والمئات شهرياً والآلاف سنوياً ، وتخلف آلاف الحالات من الإصابات بين سكان اليمن من الفئات العمرية كافة ،إذ تحتل حالات حوادث الطرق المرتبة الأولى بين الحالات المرضية التي تستقبلها أقسام الطوارئ في المستشفيات الرئيسية في اليمن وبنسبة أكثر من 40%. ، هذا بالإضافة إلى الخسائر في المركبات والآليات والخسائر المادية الأخرى التي تقدر بمئات الملايين أو أكثر. إن الأرقام التي تعلن عنها الجهات الرسمية ممثلة بإدارة المرور التابعة لوزارة الداخلية شهرياً وفصلياً وسنوياً ،وبعد إجازات عيدي الفطر والأضحى ،عن حوادث السير وما تخلفه من خسائر بشرية واقتصادية ،هي أرقام تحير العقول وتدمي القلوب ..أرقام صادمة ومفجعة بكل المقاييس ، وتنبئ بخطورة وحجم المشكلة التي تدق ناقوس الخطر يومياً ومنذ زمن لدى الجميع ،لكنها بالرغم من ذلك تزداد باضطراد ، مستمرة في حصد المزيد من الأرواح والممتلكات بصورة بشعة ومؤلمة . تقول الأرقام هناك 17 ألف شخص قضوا في حوادث السير خلال الأعوام 2006 - 2011، و95 ألف مصاب في 83400 حادث سير. هناك 1785 شخصا من مختلف الفئات العمرية لقوا حتفهم في حوادث سير منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية شهر سبتمبر الماضي، بينما أصيب 8518 آخرون بإصابات مختلفة في تلك الحوادث والتي بلغ عددها قرابة 6 آلاف حادثة سير مختلفة. ويوضح تقرير عن المركز الاعلامي لوزارة الداخلية أن 649 حالة وفاة سجلت بسبب حوادث صدام السيارات ، بينما لقي 617 شخصا حتفهم بسبب انقلاب المركبات كما قتل 492 جراء حوادث دهس ، ووفقا للتقرير فإن أعلى عدد من حالات الإصابة في حوادث السير سجل في حوادث صدام السيارات، وقد بلغت 4435 حالة إصابة ، جاءت بعدها حوادث انقلاب المركبات بـ2368 حالة إصابة . وتضيف الأرقام ، أن نحو 258 شخصاً لقوا حتفهم وأصيب 1218 آخرون في 844 حادث سير خلال شهر أكتوبر الماضي فقط بزيادة بلغت 25 حالة وفاة و92 حالة إصابة عما كانت عليه الأرقام في شهر سبتمبر،بينما حصدت حوادث السير في شهر نوفمبر المنصرم أرواح (111) شخصاً . وكانت الطرق اليمنية خلال إجازة عيد الاضحى المبارك ،وهي الفترة الممتدة من 25 أكتوبر حتى الـ2 من نوفمبر ،على موعد مع أيام دامية راح ضحيتها أكثر من (66) شخصاً وأصيب 337 آخرين بإصابات مختلفة في 210 حادثة سير في مختلف طرقات محافظات الجمهورية . وهنا يمكن القول إنه من المؤسف والمؤلم أن يقع هذا الكم الكبير من الحوادث خلال عطلة عيد الأضحى المبارك فبدلا من أن تحتفل بعض العائلات بالعيد السعيد شيعت موتاها بسبب هذه الحوادث أو قضت العيد في المستشفيات التي نقل اليها المصابون. .

ولاشك أن الأرقام حول حوادث الطرقات ،هي أرقام كبيرة ومخيفة وضحاياها كثر لم يسقطوا حتى في بعض الصراعات والأزمات كما يرى البعض ، فهي تحصد يوميا أرواح العشرات من اليمنيين ، ويفوق عدد الضحايا سنويا ما تخلفه مناطق الحروب والصراعات المسلحة في بلدان عدة ، وتعدّ هذه القضية الغائب المتواصل من أية اهتمامات للحكومة والقوى السياسية التي باتت في اليمن عنوانا صارخا للفوضى ومصنعا لإنتاج وإعادة إنتاج الأزمات. فحوادث الطرق في اليمن تعد الأعلى في المنطقة العربية والعالم، مقارنه بعدد السكان، وأسهم هذه الأرقام في ارتفاع دائم ، حيث تفيد تقديرات الجهات الرسمية بأن الطرق اليمنية تشهد وقوع 10 حوادث كل ساعة ،وان معدل الوفاة نتيجة الحوادث المرورية تسجل حالة وفاة واحدة كل ثلاث ساعات.، تزهق فيها الأرواح وتخلف اعاقات دائمة .

وبحسب مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية فأن أسباب وقوع الحوادث ترجع إلى سرعة قيادة السائقين وإهمال المشاة، وكذا التجاوز الخاطئ والخطر، بالإضافة إلى تعاطي القات والحديث بالهاتف النقال أثناء القيادة، والأعطال الفنية المفاجئة في السيارات والصلاحية الفنية للطرقات، ويعدّ عدم الالتزام بقانون المرور أهم الأسباب الرئيسة في زيادة نسبة الحوادث المرورية في اليمن مقارنة بدول المنطقة . ويرجع مسئولون وأخصائيون أسباب الحوادث وارتفاعها إلى السرعة الجنونية وغياب الصيانة الدائمة للسيارات والمركبات وضعف الوعي المروري لدى السائقين والتجاوز المفرط. لكن هناك اسباباً اخرى تتعلق بسوء الطرق والشوارع وعدم الالتزام بالمعايير الفنية لتنفيذها وتهريب قطع غيار السيارات والمركبات وعشوائية منح رخص القيادة، وقيادة السيارات من قبل صغار السن وغيرها ، كما يرى آخرون ان غياب الثقافة المدنية كليا في كيفية تعامل السائق مع السيارة وأخلاقياتها ومزاحمته الناس وعدم الانصياع لرجل المرور واحترام عبور المشاة تعد ايضا من العوامل الرئيسة للمشكلة.لذلك ونظرًا لوجود فراغات كبيرة في السلامة المرورية في اليمن والتوعية العامة بالسلامة والحد من الحوادث المرورية،يجب على الجميع أفراد ومؤسسات ومجتمع بذل الجهود للتصدي لقضية الحوادث المرورية، والتعريف بخطورتها ، للمساهمة في تعزيز سبل السلامة المرورية والحد من خسائرها البشرية والاقتصادية والتخفيف من آثارها وأضرارها ، ونشر الثقافة المرورية بين جميع شرائح المجتمع اليمني، وتفعيل دور المجتمع بفئاته المختلفة ومنظماته المدنية في مواجهة هذا الخطر المرعب والحد منه ، وهي مسئولية جماعية دون شك وتتطلب تضافر جهود الجميع للحد منها قبل وقوعها والتقليل من آثارها المأساوية ،وحتى لا تتحول قيادة السيارات في اليمن كما يعلق البعض الى ما يشبه ممارسة الركوب على أجنحة الموت .