الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣١ مساءً

هل مرسي رئيساً ؟ أم بات شبه إله!

حبيب العزي
الاثنين ، ١٠ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
ألسنا على الحق ؟!.. أليسوا على الباطل ؟!.. أليس مرسي رئيساً شرعياً منتخباً من الشعب بإرادة شعبية حرة ونزيهة ؟!.. أليس البرادعي هو رجل الغرب الأول بامتياز، الذي عاش وترعرع في أحضانه ولم تطأ قدماه أرض الكنانة سوى بعد تكليفه من قبل أسياده بالحضور إليها بعد ثورة 25 يناير حتى يكون رجل الغرب داخل مصر ..؟!، أليس السيد/ عمرو موسى هو من رجالات مبارك الأوفياء الذين خدموا في نظامه طوال ثلاثة عقود ..؟!

أليس السيد/ حمدين صباحي الذي أسهمت الأقدار في لحظة زمنية معينه أن يُصوِّت له بضعة ملايين من المصريين نكاية بالإخوان من جهة ونكاية بأحمد شفيق وفلول النظام السابق من جهة أخرى، فبات الرجل من يومها يعيش وهماً بأن له أنصاراً ومعجبين في ربوع مصر، بينما لا يستند في الحقيقة إلى أي تنظيم أو قاعدة شعبية منظمة ؟! أليس هو من عارض -ولا يزال- مسودة الدستور لمجرد أن بها مادة واحدة تجيز للرئيس مرسي –أو أي رئيس منتخب سيأتي لاحقاً- أن يبقى في الحكم لمدة أربع سنوات قادمة ، بينما الرجل لا يستطيع الانتظار كل هذا الوقت ويريد الوصول إلى كرسي الرئاسة بأي ثمن وبأي وسيلة حتى ولو كان بالتحريض للانقلاب على الرئيس الحالي؟!..

إذاً فعلامَ .. نعطي الدنيَّة في حقنا..؟!!

كان هذا بتقديري هو لسان حال أنصار الرئيس مرسي، الذين تداعوا إلى قصر الاتحادية الأربعاء الماضي لحماية الشرعية كما قالوا، ومع أنني لستُ مع تلك الخطوة من حيث المبدأ ، لأن من يناط به حماية الشرعية والرئيس هي أجهزة الأمن والشرطة وليس أنصار الرئيس، وبخاصة إذا كانوا من حزبه أو جماعته فقط كما بدت الصورة للمشاهد البعيد ، لكنني ألتمس لهم بعض العذر فلكل فعل رد فعل مساوِ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، فاستفزازات القوى المعارضة وصلت حداً لا يمكن السكوت عليه من وجهة نظرهم، خصوصاً مع ذاك الكم الهائل من السباب والشتائم والأكاذيب والافتراءات التي طالت شخص الرئيس من قبل وسائل الإعلام المملوكة للمعارضة وحلفاؤها.

على كل حال .. من يتابع المشهد في مصر منذ الإعلان الدستوري الأخير الذي أصدره الرئيس مرسي وحتى اليوم ، ومن يشاهد تلك الزوبعة الإعلامية وبخاصة في تلك القنوات التابعة لما يعرف بالقوى المدنية، يشعر وكأن هناك فعلاً ثورة جديدة قد اندلعت في مصر ضد الرئيس مرسي وضد النظام الشرعي القائم، إذْ عَمدت وسائل الإعلام تلك إلى تصويره وكأنه ديكتاتور جديد لا يختلف كثيراً عن مبارك ونظامه، وذلك من خلال استضافة العديد من الشخصيات ذات العداء التاريخي لجماعة الإخوان المسلمين على شاشاتها، والتي لم تتورع عن سبه علانية وعلى الهواء، ووصفه بأوصاف لا تعبر حقيقة إلاَ عن مستوى ثقافة "التغريب" وفقدان الهوية التي يتمتع بها أولئكم القوم، والتي منها على سبيل المثال قول بعضهم بأنه بات "نائباً عن الله"، و "حاكماً بأمر الله"، كما تساؤُل بعضهم الآخر بالقول :"هل مرسي رئيساَ أم أنه بات شبه إله؟!"، و .... الخ، من تلك الألفاظ التي لا أستطيع ذكرها حفاظاً على رُقي الكلمة وعلى الذوق العام.

لقد عمدت وسائل الإعلام التابعة لقوى التغريب في مصر إلى تشويه الصورة وقلب الحقائق أمام الرأي العام العربي والعالمي كما أمام البسطاء من المصريين، وأمام كل شخص لا يتابع مجريات الأحداث أولاً بأول، بينما الحقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، والحق أبلج كالبدر حين يشرق في الظلام، وهو أن تلك القوى مجتمعة والتي تطلق على نفسها بـ"جبهة الإنقاذ الوطني" لا علاقة لها بالثورة أصلاً، لا من قريب ولا من بعيد، والقضية عندها ليس الإعلان الدستوري أو مواد الدستور، ولكن قضيتها بالأساس هي أنها تعمل بالأجرة لحساب أجندات داخلية وخارجيه تمولها بالمال بهدف إسقاط أو-في الحد الأدنى- إفشال الرئيس مرسي وحكومته، كما بهدف إفشال أي مشروع للتنمية يأتي عن طريق جماعة الإخوان المسلمين، وذلك من خلال تأجير البلطجية ليندسوا في صفوف الثوار الحقيقيون، لخلق أجواء من التوتر والمواجهات الدائمة بين صفوف الموالين والمعارضين ، الأمر الذي يقطع الطريق أمام مرسي لاستكمال بناء الدولة ومؤسساتها ، كما يقطع الطريق على حكومته من إنجاز برامجها التنموية والاقتصادية التي تمس حياة المواطن المصري، وقد لعب المال الصهيوني والإيراني والأمريكي دوره الكبير في ذلك، بل وحتى المال العربي الذي تدفق من دول عربية تستضيف بعض رموز النظام السابق وتجاهر بعداءها للإخوان بشكل صريح.

شخصياً حبستُ أنفاسي وأنا أتابع خطاب مرسي صبيحة الجمعة الماضية، خشية مني أن يتراجع الرجُل عن قراراته، لكنه حسناً تصرَّف إذ لم يفعل، ولم يرضخ لابتزاز تلك الأطراف التي طالبته بسحب الإعلان وتأجيل الاستفتاء، لأن قراءته للمشهد كانت دقيقة ومتعمقة، ولأنه كان يعلم حتماً أنها مجرد قيادات فارغة لا تملك أي قواعد شعبية بالأساس، ولا تمت للمعارضة الوطنية الحقيقية بأي صلة، هي تعارض مرسي ونظامه لمجرد المعارضة ولتصفية حسابات سياسية لا غير، باعتبار جماعة الإخوان عدوها التقليدي طوال العقود الماضية، كما كان على علم بتحالفها مع الفلول بغية إسقاطه بأي ثمن كان ، ساعدها في ذلك وسائل إعلامها الكثيرة التي تم افتتاح معظمها عقب الثورة من أموال الشعب المصري المنهوبة إلى الخارج، والتي تبنَّت تلك الزوبعة الإعلامية التي لم تعد تنطلي على الشعب المصري بعد 25 يناير، بل ولا تصدقها الأمة بأسرها لأنها باتت على وعي ودراية بكل ما يحدث حولها، على العكس من تلك القيادات "المترهلة" التي عفى عليها الزمن ، والتي لا زالت تعيش خارج التاريخ المعاصر، وتحن لعصر الانقلابات الدموية، بينما الشعوب شبّت عن الطوق وباتت تعيش في عصر آخر جديد، عصر ما بعد الربيع العربي.