الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٠ مساءً

أخوان مصر.. هل يهزمون شعبهم؟

عارف الدوش
الجمعة ، ١٤ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
• من يتابع أزمة الإعلان الدستوري في مصر التي تكاد تفجر المجتمع المصري وتحوله إلى شظايا أو بتعبير محمد البلتاجي الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الأخوان " لبننة مصر " في تصريح له الإثنين 26 نوفمبر الماضي وهو يتحدث عن مخطط لاستنزاف الثورة والوطن . من يتابع لا يكاد يصدق ما يسمع ويقرا ويرى فالاستنتاجات مفجعة ومؤلمة ملخصها أن جيلاً تربى في ظل الشمولية والقمع والسجون والمعتقلات والمطاردات والتهميش والإقصاء لم يستفد من تجاربه ومن الفرصة التاريخية التي وضعته في مواقع الحكم واتخاذ القرار بل نراه يكرر أساليب من سبقه من الحكام العسكر الشموليين فيمارس التظليل والشمولية والإقصاء والقمع وعدم الإعتراف بالخطأ وتجاهل الخصوم وتحقيرهم وتخوينهم "عملاء أمريكا وإسرائيل موتورين مأجورين فلول بقايا النظام السابق رجال مبارك والحبيب العادلي قابضي الأموال الخليجية المتأمرون على الأخوان وحكمهم ... الخ " هذه المعزوفة التي لا تختلف عن معزوفة النظام السابق بشيء سوى تغيير الكلمات فقط أما المنهج نفسه.

• صحيح المقارنة بهذا الشكل فيها ظلم لمرسي كرئيس مدني منتخب ولكن المنهج والطريقة وما يقوله الإعلام والقيادات واحد لا يختلف سواء كان الرئيس مرسي أو غيره فقد صدم الكثيرون وهم يسمعون ويقرءون تصريحات " البلتاجي " أمين عام حزب الحرية والعدالة " سنتصدى بكل حسم وسنرفع الغطاء تماما عمن كانوا يريدون فرض سيناريو الدم والرصاص والفوضى وشريعة الغاب" يتحدث كرجل دولة عسكري مقاتل يمتلك من السلاح والعتاد وأجهزة القمع ما يمكنه من التصدي والسحق والمحق وصدم الملايين في العالم وهم يسمعون الرئيس مرسي يتهم المتظاهرين بأنهم" طابور خامس وإنهم كانوا يحملون أسلحة وسيوفا وأموالا لشراء الأنصار " إنه منطق الشمولية والإستعلاء والغرور ورب الكعبة ويبدو أن الأخوان وحزبهم يحتاجون لوقت لتعلم الديمقراطية واستيعاب الخصوم واحترام الرأي الأخر مهما كان شكله ونوعية وطريقة طرحه فمن المعيب جداً أن يتحدث الموالون لمرسي بمثل " نتعرض لمؤامرة والوطن في خطر" و" أن الاعتراض على شرع الله هو المستهدف " ويطالبون " بتطهير مصر من العلمانيين والملحدين" وكأن الموالين لمرسي والأخوان هم الوطن كما كان يرى من سبقهم من الحكام العسكر المستبدين بأنهم هم الوطن سواء في مصر أو اليمن أو ليبيا أو تونس أو أي بلد حكمه شموليون عسكر أو مدنيون بعقلية العسكر لا فرق فالشمولية والعسكرة منهج وطريق حياة يعبر عنها الأشخاص سواء كان السادات أو مبارك أو علي صالح أو بن علي أو القذافي أو مرسي .

• أعرف أن كثيراً من الأخوان سيغضبون للمقارنة فلديهم الدكتور مرسي رجل دين فاضل ومدني جاءت به الثورة والتضحيات وذاق مرارات السجون والمطاردات وكل هذا صحيح فقد قلنا فيه وقال غيرنا أكثر من ذلك بعد فوزه ووصف بأنه رجل تحقيق الأحلام المدنية وبانتخابه سيغرب حكم العسكر الشمولي ليس في مصر وحدها وإنما في العالم العربي كله ومنه بلادنا اليمن السعيد.. ولكن وهذه لكن هي المصيبة فالممارسات وإعطاء الذرائع ووضع المبررات وتصوير الأمر بأنه مؤامرة خارجية يتعرض لها الأخوان ومصر والرئيس مرسي فذلك من صنع أجهزة المخابرات والتقارير المضللة وخيال شمولي غير مدني إنه نزوع للسيطرة والإستحواذ وفرض نموذج الحكم الواحد والتفكير الواحد وطريقة الحياة الواحدة والبقية حواشي للزينة فقط أنه خطاب العسكر وحكومات الأجهزة البوليسية تمهد به لقمع مخالفيها وخصومها السياسيون.

• بالمقابل أيضاً لا يستطيع عاقل إن ينكر أن المعارضين لمرسي يريدون قلب الطاولة عليه وهو وحزبه " الحرية والعدالة" الذارع السياسي للإخوان ولا يريدون للأزمة أن تحل وبيدهم كرت المساومات الأخوانية مع العسكر والتي كانت نتائجها انتخابات مرسي بدون دستور ويتحدث كثير من الفقهاء الدستوريين في مصر أن الأمر برمته " معركة إقصاء القضاء عن الرقابة على مشروعية الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى ريثما يتم دفع مشروع دستور غير توافقي والاستفتاء عليه للحصول على موافقة متسرعة من الشعب " والقضاء المصري لا ينكسر ومشهود له بالحياد وأكتسب شهرة عالمية ولم يستطع كسره والإستحواذ عليه ولا حتى جمال عبد الناصر صاحب الشعبية الطاغية في مصر بما عرف يومها مذبحة القضاة ولا أيام السادات ولا أيام مبارك وهم رؤساء قادمون من المؤسسة العسكرية المصرية كانت بيدهم ترسانة السلاح والأجهزة القمعية وتحت تصرفهم خزائن وأموال مصر.

• مما لا شك فيه أن ما يجري في مصر صراع سياسي إقتصادي اجتماعي وثقافي وأيديولوجي بامتياز وتكفي قراءة سريعة لما يرفعه الفريقان المتصارعان من شعارات لتأكيد هذه الحقيقة فالقوي المدنية بكل أطيافها ترفع شعار اسقاط الاستبداد واستكمال أهداف الثورة المدنية التي أجهضت. ومن جانبها ترفع القوي الاسلامية شعار الحكم بشرع الله والشريعة والشرعية وتبدو الهوة بينهما كبيرة وأزمة عدم الثقة قائمة بقوة وهناك من المتعاطفين مع الرئيس مرسي والتيار المنفتح على جميع الأطياف والألوان في الأخوان المسلمين من يتحدث أن أداء الرئيس مرسي يختطفه في أحيان كثيرة الغلاة في تنظيم الأخوان وأن أداء الرئيس يحتاج إلى ترشيد لان بعض قراراته كما يقول فهمي هويدي" أفضت إلى مشكلات ولم تحل مشكلات " أما المعارضة برفضها للحوار واللجوء إلى تسخين الشارع أكثر فهي كمن يريد تفجير الأوضاع غير مستوعبة أن الطرفين سيخسران معاً من خلال عودة العسكر والحجة حماية أمن مصر ومكاسب المصريين.

• وأخيراً بدأت اصوات العقلاء تتحدث عن ضرورة التهدئة وأن الدعوة في مثل هذه الظروف إلى الاستفتاء على دستور جديد للبلاد لن تكون ضمانة كافية لإصباغ شرعية على الدستور بل يمكن أن يكون ذلك مبرراً لمن يريد المزيد من الفوضى وبالتالي لن يتحقق لا دستور ولا شرعية وإن فرضت بالقوة ستكون شرعية هشة لن تحقق الاستقرار ولن تصمد طويلا. فهل يهزم أخوان مصر شعبهم بالإصرار على الإستفتاء وبالتالي حصول مواجهات عنيفة تؤدي إلى عودة الجيش للحكم؟ نتمنى أن لا يحدث ذلك فمصر أم الدنيا وملهمة العرب.