الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤٥ مساءً

ملاحظات أولية على التقرير النهائي للجنة الفنية للحوار(1-3)!

د. علي مهيوب العسلي
الثلاثاء ، ١٨ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
في البداية ارغب تسجيل بعض الملاحظات التي أراها فيما جاء في التقرير النهائي للحوار الوطني والمرفوع الى الاخ رئيس الجمهورية ،وسأركز في البديئة عن رسالة الدكتور الارياني رئيس اللجنة الفنية للحوار الوطني ومقدمة التقرير!

ففي رسالة الدكتور عبد الكريم الارياني والتي تتصدر التقرير بحسب ما نشر في صحيفة الاولى والتي نشرت التقرير كاملا على حلقات والمرفوع إلى الاخ رئيس الجمهورية حيث قال " لا يخفاكم أن ظروف ومناسبات قد حالت دون إنجاز التقرير النهائي بحلول الأجل المحدد لذلك، في قرار الإنشاء، وأن الأمر ليهون والتجاوز ليغفر أمام حجم الإنجاز وحساسية الموضوع وتعقيداته التي لمسها الجميع، والتي كادت أن تقوض الآمال في حين من الأحيان" والتعليق ترى ماهي الظروف والمناسبات التي حالت دون انجاز التقرير ؟ ؛دعونا نفترض أنه لا توجد عوائق جدية سوى انعدام الثقة بين أعضاء اللجنة ، وعدم الارتفاع بالفعل إلى مستوى الوطن الذي يحتاج من الجميع مضاعفة الجهد ومواصلة الليل بالنهار من أجل إنجاز ما كلف به من تكلف ،وفي اعتقادي أيضا أن سبب التأخير هو عدم تحميل الاطراف المعيقة المسؤولية الكاملة وتسميتهم ، بل وتعريتهم وفرض عقوبات عليهم. فماهي الحساسية والتعقيدات التي واجهت اللجنة الفنية للحوار؟؛ ربما سنكتشفها في ثنايا هذا التقرير ضعها أخي القارئ في البال والتركيز لكي نجد التبرير العلمي والمنطقي على التأخير وعدم الالتزام في الموعد المحدد في القرار الرئاسي!
كذلك جاء في مقدمة التقرير منسوبا لرئيس اللجنة الدكتور الارياني " وإن من الواجب أن نشير إلى أن أداء أعضاء اللجنة، فرادى ومجتمعين، قد اتسم بالمسؤولية والتفاهم والاحترام المتبادل وتغليب المصلحة الوطنية على ما دونها في سائر قرارات اللجنة الفنية وما توصلت إليه من نتائج توافقية" ،ونحن بمتابعتنا البسيطة لأعمال اللجنة من اختلافات لا تحصى وتحديد مواقف من سفر الدكتور ياسين لفترة زمنية بعد محاولة اغتياله الى الخارج وعدم اظهار التحقيق في الحادث حتى أنني شخصيا لم أسمع عن موقف موحد من اللجنة الفنية للحادث ولوكان من باب الاستنكار ،الى ذلك ما حصل من لغط كبير حول تصريح الناطقة الاعلامية للجنة فيما سمي حينه بإدراج زواج القاصرات في جدول أعمال الحوار الوطني والذي لا توجد إشارة الى ذلك لا من قريب أو بعيد في هذا التقرير النهائي ، والامانة كانت تقتضي الرفع بكل ما أثير من نقاط اختلاف أو اتفاق ،فقد اشار الدكتور إلى تغليب المصلحة الوطنية في سائر قرارات اللجنة الفنية وما توصلت اليه من نتائج توافقية ،ولكي لا انسى فقد وجدت في النظام الداخلي الوارد في هذا التقرير جملة تثير الضحك والاستغراب لأنها مخالفة للأشياء النمطية التي تحصل عادة في الانظمة الداخلية حيث جاء في النظام الداخلي في المادة (21) منه " تتكون هيئة رئاسة المؤتمر من رئيس وخمسة نواب ومقرر ومساعدي مقرر. (تم الاختلاف على آلية اختيارها وكان هناك مقترحان: الأول أن يتم اقتراحها من قبل اللجنة الفنية على أن تتم تزكيتها من قبل المؤتمر، والثاني أن يتم اقتراحها من قبل اللجنة الفنية بعد مداولات بين اللجنة الفنية والرئيس ثم يصدر بها قرار ضمن حزمة قرارات المؤتمر من قبل الرئيس، وعليه يتم رفعها للرئيس لاختيار أحدهما) " وملاحظتي هنا ان رسالة الدكتور الارياني قد أكدت على أن قرارات اللجنة الفنية توافقية ، وهذا غير صحيح كما بينت المادة سالفة الذكر ذلك ، حيث بينت هذه المادة مدى الاختلاف والتعصب والتشدد فيما بينهم ،وكذلك بينهم وبين الاخ الرئيس وتظهر عدم التواصل والرجوع الى الاخ الرئيس عند الاختلاف ، فلو كان هناك تواصل لما ظهرت المادة (21) برفع مقترحين وعلى الرئيس ان يختار ،بل كانوا يلتقوا بالرئيس ويتناقشوا معه وهو يختار المقترح المناسب وتحسم المسألة ويكون مشروع النظام كاملا مكملا ،فإنه من المعيب أن ترفع اللجنة بمشروع نظام داخلي فيه من المواد غير واضحة وتركت للرئيس لاختيار احد المقترحات ومعنى هذا انهم استهلكوا أوقاتهم فيها أوقات طويلة وعندما جاءت التعليمات سلق النظام كما سلق الدستور المصري ، نعم ما يرى في التقرير من اللجنة قد اهتمت بالشكليات أكثر من القضايا التي أشار إليها الدكتور من أنها واجهت اللجنة -التعقيدات والحساسيات والصعوبات- وفي ظني أنها كانت بين افراد اللجنة وليس من خارجها ،وبخاصة ونحن سمعنا عن انسحابات وتجميد عضوية بعضهم ، ثم العودة ، أي أن المشاكل كانت في اللجنة ذاتها ، ولم تقم اللجنة بما يكفي لتستكشف تلك الصعوبات والحساسيات في المجتمع إلا ما ندر ، وهذا الذي ندر كان سببا لإحداث فجوة عميقة في صفوف الشباب على وجه التحديد!

بعد رسالة الدكتور عبد الكريم الارياني رئيس اللجنة الفنية للحوار الوطني وملاحظتنا عليها ،ننتقل الآن الى المقدمة التي جاءت في التقرير بعد الدخول مباشرة وبدون توطئة تم التحدث عن القرار الرئاسي بتشكيل اللجنة الفنية بحسب المبادرة والياتها التنفيذية والتي تؤكد انه في المرحلة الانتقالية الثانية من التنفيذ يتم تشكيل اللجنة الفنية، ثم فجأة وبدون مقدمات أيضاً جاءت العبارة " وقد عبر الرئيس عن رغبته في ضمان انعقاد مؤتمر الحوار الوطني بمشاركة كل الأطراف وبصورة تتسم بالمشاركة الكاملة والشفافية، وبجعل نتائجه جادة وحقيقية من أجل الإسهام في إرساء السلام والديمقراطية التعددية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد" وفي اعتقادي أنه قد صِيغ التقرير كله على اساسها ، وملاحظتي هنا متى عبر الاخ الرئيس عن رغبته؟ ؛ هل بعد لقائه باللجنة الفنية بعيد تشكيلها أم في ديباجية القرار ؟ ؛غير واضح هذا الأمر إذ ليس من المنطقي ان ترد كلمة عبر الاخ الرئيس ،إلا اذا كانت في رسالة موجهة الى اللجنة ،أو أثناء التقائه باللجنة ،لكن الغريب في الامر انه في هذا التقرير ورد " كما أوجب القرار الرئاسي على اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، ضمان أن يدار المؤتمر وفقا للمبادئ الآتية" (التمثيل الشامل لكل الأطراف، المشاركة الفعلية ، الشفافية ، النتائج الحقيقية)، ولربما الاخوة في اللجنة الفنية للحوار الوطني لم تصلهم الثورة بعد فهم يلجئون الى جمل انشائية تريح الرئيس ،فحاولوا ترجمة رغبة الاخ الرئيس وتحويلها إلى مبادئ الحوار الوطني ، حيث لاحظت تلك المبادئ غير متسقة ولا منطقية وأنا أقرأها ، فلما دققت في التقرير وجدتها في العبارة المقوسة في الفقرة التي عرضتها هي المبادئ ذاتها ! ؛ فأنظر أخي القارئ الكريم وقارن المبادئ بما قيل أن الاخ الرئيس يرغب في ضمان انعقاد مؤتمر الحوار الوطني فحولت رغبته الى موجبات على اللجنة تنفيذها ،وتعال نناقشها فماذا يعني التمثيل الشامل لكل الاطراف؟ ؛ اذا كانت المبادرة قد حددت اطراف الحوار ،ثم ما معنى المشاركة الفعلية ؟؛ طالما والحديث عن اطراف ، ثم الشفافية ،فاذا كانت الشفافية مهمة للمواطن من اجل التعرف على ما يجري وكما هو بدون تحريف او تضليل ،واذا كانت اللجنة الفنية قد أوردتها في تقريرها على أنها من المبادئ ، فلماذا لم نجد هذه الشفافية في اللجنة الفنية؟ ؛ ففاقد الشيء لا يعطيه ! ؛ حيث نحن لم نلحظ أن اللجنة الفنية تمارس الشفافية المطلوبة ، ولم تنقل جلساتها مباشرة وعلى الهواء كما كنا نتأمل جميعا ،ثم ختمت المبادئ بما أبداه الاخ الرئيس من رغبة أو قرار بحسب التناقض الموجود في التقرير بالنتائج الحقيقية ،فما يقصد بالنتائج الحقيقية؟ ؛ والذي زاد هذه الجملة غموضا هو تعريفها حيث عرفت : " على الحكومة وكل الأطراف تنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل" فهل من حق الحكومة أو الاطراف تقدير النتائج الحقيقية والنتائج غير الحقيقية ؟؛ لا أرى ما ورد في بند المبادئ الواردة والتي أنا هنا أكررها كما جاء في تقرير اللجنة كونها رغبات الرئيس فلا تصلح أن تكون هي مبادئ أساسية للحوار مالم يتم إعادة صياغتها بشكل واضح مفهوم لكل الناس بحيث تكون محل إجماع كل المتحاورين!

وفي المقال القادم انشاء الله سنتحدث عن النقاط العشرين والتي مجموعها ثلاثة وعشرون وربطها بما توصل اليه مؤتمر الحوار الوطني الجنوبي من ميثاق شرف لا علاقة له بالنقاط العشرين وتحليل الفجوة بين النقاط العشرين وبيان الذين التقوا في عدن يوم الاحد الموافق 16/12/2012م .