الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤١ مساءً

التطرف العلماني

احمد رناح
الثلاثاء ، ١٨ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
كثيرا ما سمعنا وقرانا ، حتى صمت مسامعنا ، وكادت أن تجف مدامعنا مما قرأناه عن التطرف الاسلامي ، لقد أُلِفت المؤلفات ، وأخذت الدراسات والأبحاث العالمية مداها في تفسير هذه الظاهرة وتحليلها واسقاطها على جماعات تعادي العلمانية والصهيونية العالمية.. ليتم ادراجها فورا على قائمة الارهاب لتتولى الطائرات الامريكية مهامها في تتبع قادة الارهاب ومن يقترب منهم ..منتهكة سيادة الكثير من الدول ، ومبتزة دول أخرى ، لتدفع الثمن الشعوب العربية والاسلامية . ومع هذا جميع الأنظمة الحاكمة في البلدان العربية و الاسلامية ملتزمة ايما التزام بمبدأ محاربة الارهاب الذي يعني مقارعة ومطاردة التطرف الاسلامي ..

وتحت هذا المسمى ( التطرف الاسلامي ) اسقط مصطلح الارهاب على المسلمين ، لتبدأ استراتيجية الحرب الدولية لمكافحة الارهاب ومشروعية القتل الممنهج والعشوائي خارج اطار القانون وبعيدا كل البعد عن الاعراف والشرائع السماوية والأرضية .

اليوم وبعد كل هذه المصطلحات والابحاث والدراسات التي الصقت تهمة التطرف بكل ما هو اسلامي .. كشف الربيع العربي عن زيف هذا الادعاء وكذب كل هذه الأبحاث و الدراسات الجوفاء ، وأثبت بما لا يدع مجالا للشك والريب .. أن التطرف الحقيقي الذي يهدف الى تدمير الاوطان وانهاك الشعوب . هو التطرف العلماني . الأكثر خطرا والأشد فتكا . لأنه لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة ، ولا تهمه مصلحة الأوطان بقدر ما يهمه تنفيذ مخططات الأعداء ، حتى لو كلف ذلك قتل الشعوب وتدميرها .

التطرف العلماني يرى أن كل ما هو اسلامي يجب أن يكون خلف القضبان ، وتحت رحمة السجان ، وأن يمر على التعذيب غدوا وعشيا .. التطرف العلماني لا يرى لأحد الحق في الحكم وقيادة الشعوب سواه ، حتى لو كان ذلك نتيجة صناديق الانتخابات الديمقراطية التي أرهقوا بها مسامع الأمة ردحا من الزمن . التطرف العلماني هو ذاك النموذج الذي ظهر في فلسطين بعد فوز حركة حماس بالانتخابات البرلمانية ، نموذج الارهاب والتخويف والقتل على الهوية واللحية والاختطاف .. وهو النموذج الي يظهر اليوم جليا في مصر بعد فوز الاسلاميين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية .. ويقول احد منظريه لن نقبل بنتيجة الصندوق حتى لو وافق عليها أغلبية الشعب . هذه هي ديمقراطية العلمانيون وهذا هو التطرف بأم عينه .

حسب المعطيات الواقعية للتطرف العلماني اليوم ، أستطيع القول وبكل تأكيد أنه لم يكن هناك أي نوع من انواع التطرف الاسلامي الذي وُصِم الاسلاميون به حقبة من الزمن . كل ما كان يحدث هو فقط ردة فعل طبيعية للتطرف العلماني الخبيث ، ردة فعل طبيعية للسجون والمعتقلات ، ردة فعل طبيعية للإقصاء والتهميش والتنكيل ، ردة فعل طبيعية للحرب الاعلامية السامة والتشويه والتهم المختلقة زورا وبهتانا ، ردة فعل طبيعية للنفي والملاحقات والترويع والارهاب .

يا شعوب الربيع العربي ، ان أخشى ما أخشاه على ربيعكم هو أن يحكمكم التطرف العلماني ثانية كما حكمكم خلال العقود المنصرمة بأشكال مختلفة وتحت مسميات ثورية انقاذية ، اركلوهم وتوجهوا الى المارد العملاق الذي أفاق من نومه ، وخرج من قمقمه ، أنه الاسلام .