السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٢ صباحاً

ثوار وأحرار وأوباش!!!

د . عبد الملك الضرعي
الاثنين ، ٠٨ أغسطس ٢٠١١ الساعة ٠٢:٠١ مساءً
وثورة الشباب الشعبية السلمية تختم شهرها السادس ، كشفت لنا هذه الفترة العديد من أنماط البشر ، منهم الثوار وهؤلاء باقون على مواقفهم حتى الآن وصامدون في الساحات لحوالي نصف عام ، وفي المقابل هناك الإمعات الأوباش وهؤلاء تتغير مواقفهم بحسب المصالح والأوضاع ، ونذكر منهم أشخاص غيروا مواقفهم من السلطة مع بدأ الثورة الشبابية خشية سقوط النظام ، ونجاح الثورة الشبابية الشعبية السلمية ، هؤلاء سرعان ماغيروا مواقفهم بعد أن طالت الفترة وتمكنت السلطة من كسب جولة سياسية بفعل حادث جمعة النهدين ، ولقد ظهر أحد هؤلاء على شاشات التلفاز ينقد الثورة والثوار ، بعد أن قال منذ أشهرفقط وبالحرف الواحد( ليذهب علي عبد الله صالح وأولاده إلى الجحيم) وقالت إحداهن (إني اتفهم مطالب شباب التغيير وأنا على اتصال بهم ) والأمثلة كثيرة ، إن مثل هؤلاء لاخير فيهم لا للحزب الحاكم ولا للمعارضة ، لأنهم انتهازيون وأصحاب مصالح ، ويمكن أن يعودوا للإساءة للحزب الحاكم مرة أخرى إذا رأوا أن الثورة تحقق نجاحاً ميدانياً ، هؤلاء ذكرهم إبن خلدون في إكثر من مكان ووصفهم بالأوباش ، لأنهم ليسوا اصحاب مبادئ بل أصحاب هوى ومصالح فلسان حالهم يقول أنا دائماً مع الأقوى وليذهب الضعيف إلى الجحيم ، ويأخذون بالفكرة الفلسفية الغاية تبرر الوسيلة .

ونود القول لقوى التغييرأنكم بذلتم الوسع في الدفاع عن المجتمع ونقول الدفاع عن المجتمع لأننا نعلم مقدار الفساد والفوضى والظلم الذي تتعرض له شرائح واسعة من المجتمع ، ونقول للشهداء من الثوار على وجه الخصوص لقد بذلتم حياتكم أملاً في أن ينعم وطنكم بالحرية والمساواة والعدالة ، فنرجوه تعالى أن يتقبلكم فيمن عنده ، وكونوا على ثقة أن دمائكم لن تذهب هدراً لأن الله تعالى عادل حكيم جبار منتقم.
ونقول للأوباش كفاكم تزلفاً وتقلباً ، حددوا مواقفكم من الأحداث من بدايتها بالسلب أو الإيجاب ، ولا توجدوا لأنفسكم الأعذار الواهية ، لأن الموضوع لم يتغير بشكل كلي ، وندعوهم إلى أن يغلبوا مصلحة الوطن وأن لا يكونوا مشاريع فتن ، وأن لايقولوا مالا يفعلوا فهم يدّعون القبول بالرأي والرأي الاخر ، فإذا ما تعارضت مصالحهم مع الرأي الاخر كانوا ديكتاتوريين ،هؤلاء تجدهم غالباً على موائد الظلم والفساد ، هؤلاء تجد بعضهم يسب العملاء وهو أولهم ، يسب الفاسدين وهو أولهم و...الخ ، بل تجد منهم من يصف منظمات المجتمع المدني بالعمالة للغرب وهو رئيس لإحدى تلك المنظمات التي تسترزق من إحدى الدول الأوربية ، ويمكن بسهولة الرجوع إلى كشوفات الدعم الغربي لمنظمات المجتمع المدني لتجد مثل هؤلاء قدشبعوا واشتروا الفلل والسيارات من خير تلك المنظمات، فعلى من يضحكون وهم يجلسون الساعات الطوال في الفضائيات ، يقابلون جمهورمن الأميين وأشباه المثقفين ، الذين يبادرون تلك الشخصيات التأييد سواء بالإتصال أو الرسائل القصيرة بكلمات الشكر والعرفان ، بينما جل هؤلاء يتقاضون الاف الدولارات من الدول الغربية ( ولكن المشاهد الطيب ربما لايعرف أن السيارة التي أوصلت ذلك الشخص إلى محطة التلفازهي من دولارات إحدى المنظمات) عجباً ألا يستحون وهم يستغفلون ملايين المشاهدين في الداخل والخارج !!!
وهناك صنف ثالث أحرار حددوا مواقفهم من المأزق اليمني الراهن منذ اليوم الأول سواء مع السلطة أو ضدها ، وهؤلاء نحييهم على ثبات مواقفهم ، مع قبولنا بمبررات قدموها في حال تغيرت مواقفهم في اتجاه هذا الطرف أو ذاك ، لكن الكثير من هؤلاء أثبتوا أنهم ليسوا إمعات بل اصحاب قرار ، فمثل هؤلاء إن تحولوا من اليمين إلى اليسار أو العكس يكونوا أصحاب كلمة واضحة ولايسيئون إلى أحد، بل أينما ذهبوا لاينطق لسانهم إلاَّ خير ، ولا يتهمون أحد ويؤمنون بالرأي والرأي الآخر ، ويعذرون إخوانهم فيما اختلفوا فيه معهم ، وجُل هؤلاء مويدين لثورة الشباب ويأتي في مقدمتهم نماذج من العسكريين الأحرار والإعلاميين الأحرار ،ونماذج أخرى عديدة من الداعمين لثورة الشباب .

أخيراً نؤكد أن المأزق الراهن في اليمن يحتاج إلى العقلاء من أبناء الشعب اليمني ، لانريد من ينفخ الكير ويثير الفتن ، بل من يتعامل بموضوعية مع المشهد الراهن ، وبما يحقق الخروج الآمن من هذا المأزق ، وبما يحفظ لليمن أمنه واستقراره ووحدته وحريته ، ونؤكد أن الأخطر على المجتمع هم الإمعات من الأوباش من الذين يتلونون كالحرباء مع تغير الظروف وتبعاً لمصحالهم الشخصية ، وينتشرون في مختلف المكونات الاجتماعية ، ومن علاماتهم عندما يحمي الوطيس تخرس السنتهم ، ويبدأون في مداهنة الطرف الأقوى ، وظهر منهم الكثير عند احتدام الموجهات الأولى في الحصبة ، حيث كان خطابهم في تلك الفترة لتترك أسرة صالح السلطة لأنها غير قادرة على ضبط الإمور ، وما أن وضعت الحرب أوزارها وجاء حادث جامع النهدين حتى عادوا مرة أخرى إلى خطابهم السابق المليء بالإساءات والشتائم يتقدمهم بعض أشباه المثقفين من الذين يشوهون شاشات الإعلام ليلاً ونهار، أمثال هؤلاء يسميهم المؤرخون بالأوباش ، نرجوه تعالي أن يولي علينا خيارانا ، وأن يدفع عن اليمن الفاسدين الضالين المضلين والأوباش المنافقين إنه على ما يشاء قدير.